للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجَ الْأَمَةُ وَالْبَهِيمَةُ وَسَيَجِيءُ حُكْمُهُمَا.

قُلْت: بَلْ الشَّرْطُ حُرِّيَّةُ الْجَنِينِ دُونَ أُمِّهِ كَأَمَةٍ عَلِقَتْ مِنْ سَيِّدِهَا أَوْ مِنْ الْمَغْرُورِ فَفِيهِ الْغُرَّةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ دُرَرٌ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ فَالْعَجَبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ كَيْفَ لَمْ يَذْكُرْهُ (وَلَوْ) كَانَتْ (الْمَرْأَةُ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً) أَوْ زَوْجَتَهُ (فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا) حُرًّا (وَجَبَ) عَلَى الْعَاقِلَةِ (غُرَّةٌ) غُرَّةُ الشَّهْرِ أَوَّلُهُ وَهَذِهِ أَوَّلُ مَقَادِيرِ الدِّيَةِ (نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الرَّجُلِ لَوْ كَانَ الْجَنِينُ ذَكَرًا وَعُشْرُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ لَوْ أُنْثَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ (فِي سَنَةٍ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَالدِّيَةِ. وَقَالَ مَالِكٌ: فِي مَالِهِ وَلَنَا فِعْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (فَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا فَمَاتَ فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ

ــ

[رد المحتار]

وَقَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ: وَقَدْ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا أَمِينِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ إذَا صَاحَ عَلَى امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا لَا يَضْمَنُ وَإِذَا خَوَّفَهَا بِالضَّرْبِ يَضْمَنُ.

وَأَقُولُ: وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ فِي مَوْتِهَا بِالتَّخْوِيفِ وَهُوَ فِعْلٌ صَادِرٌ مِنْهُ نُسِبَ إلَيْهِ وَبِالصِّيَاحِ مَوْتُهَا بِالْخَوْفِ الصَّادِرِ مِنْهَا وَصَرَّحُوا أَنَّهُ لَوْ صَاحَ عَلَى كَبِيرٍ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ، وَأَنَّهُ لَوْ صَاحَ عَلَيْهِ فَجْأَةً فَمَاتَ مِنْهَا تَجِبُ الدِّيَةُ. وَأَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مَاتَ بِالْخَوْفِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ، وَفِي الثَّانِي بِالصَّيْحَةِ فَجْأَةً الْمَنْسُوبَةِ إلَى الصَّائِحِ وَالْقَوْلُ لِلْفَاعِلِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ، وَعَلَى الْأَوْلِيَاءِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مِنْ التَّخْوِيفِ. وَعَلَى هَذَا فَلَوْ صَاحَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَجْأَةً فَأَلْقَتْ مِنْ صَيْحَتِهِ يَضْمَنُ وَلَوْ أَلْقَتْ امْرَأَةً غَيْرَهَا لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ تَحْرِيرٌ جَيِّدٌ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ خَرَجَ الْأَمَةُ وَالْبَهِيمَةُ) فِيهِ نَشْرٌ مُشَوَّشٌ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ حُكْمُهَا) أَيْ فِي هَذَا الْفَصْلِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْمَغْرُورِ) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ شَرَاهَا فَاسْتُحِقَّتْ وَقَدْ عَلِقَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَالْعَجَبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ كَيْفَ لَمْ يَذْكُرْهُ) أَيْ مَعَ شِدَّةِ مُتَابَعَتِهِ لِلدُّرَرِ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُسْقِطَ التَّقْيِيدَ بِالْحُرِّيَّةِ أَوَّلًا وَيَذْكُرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ، أَوْ يَقُولُ: ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ حَامِلٍ بَحْرٌ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ حُرِّيَّةَ الْأُمِّ شَرْطٌ (قَوْلُهُ غُرَّةُ الشَّهْرِ أَوَّلُهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ أَوَّلُ مَقَادِيرِ الدِّيَةِ) فَإِنَّ أَقَلَّ أَرْشٍ مُقَدَّرٍ نِصْفُ الْعُشْرِ كَمَا مَرَّ فِي الشِّجَاجِ (قَوْلُهُ أَيْ دِيَةُ الرَّجُلِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الدِّيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ دِيَةُ الرَّجُلِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا هُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَذَلِكَ هُوَ غُرَّةُ الْجَنِينِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّ غُرَّةَ الْجَنِينِ الْأُنْثَى عُشْرُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ غُرَّةِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَلِهَذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ فِي سَنَةٍ) أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ وَهَذَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ، أَمَّا الْأَمَةُ فَفِي مَالِ الضَّارِبِ حَالًّا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَنَا فِعْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ «بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْغُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي سَنَةٍ» زَيْلَعِيٌّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ الْغُرَّةِ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ. رُوِيَ أَنَّ سَائِلًا قَالَ لِزُفَرَ: لَا يَخْلُو مِنْ أَنَّهُ مَاتَ بِالضَّرْبِ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، أَوْ لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ فَسَكَتَ زُفَرُ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: أَعْتَقْتُك سَائِبَةً فَجَاءَ زُفَرُ إلَى أَبِي يُوسُفَ فَقَالَ التَّعَبُّدُ التَّعَبُّدُ: أَيْ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْرَكَ بِالْعَقْلِ عِنَايَةٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا) تَثْبُتُ حَيَاتُهُ بِكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ مِنْ الِاسْتِهْلَالِ، وَالرَّضَاعِ، وَالنَّفَسِ، وَالْعُطَاسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: أَمَّا لَوْ تَحَرَّكَ عُضْوٌ مِنْهُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ اخْتِلَاجٍ أَوْ مِنْ خُرُوجٍ مِنْ ضِيقٍ اهـ ط عَنْ الْمَكِّيِّ (قَوْلُهُ فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ) أَيْ وَكَفَّارَةٌ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَسَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٌ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ هُنَا أَيْضًا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالِاخْتِيَارِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ: عَلَى الضَّارِبِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الضَّارِبِ أَوَّلًا، ثُمَّ تَتَحَمَّلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>