للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدًا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي الْخَطَأِ وَنِصْفُهَا فِي الْعَمْدِ (كَمَا لَوْ تَجَاذَبَ رَجُلَانِ حَبْلًا فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ فَسَقَطَا وَمَاتَا عَلَى الْقَفَا) هَدَرَ دَمُهُمَا لِمَوْتِ كُلٍّ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ (فَإِنْ وَقَعَا عَلَى الْوَجْهِ وَجَبَ دِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ) لِمَوْتِهِ بِقُوَّةِ صَاحِبِهِ (فَإِنْ تَعَاكَسَا) بِأَنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَفَا وَالْآخَرُ عَلَى الْوَجْهِ (فَدِيَةُ الْوَاقِعِ عَلَى الْوَجْهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ) لِمَوْتِهِ بِقُوَّةِ صَاحِبَةٍ (وَهَدَرَ) دَمُ (مَنْ وَقَعَ عَلَى الْقَفَا) لِمَوْتِهِ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ (وَلَوْ قَطَعَ إنْسَانٌ الْحَبْلَ بَيْنَهُمَا فَوَقَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْقَفَا فَمَاتَ فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاطِعِ) لِتَسَبُّبِهِ بِالْقَطْعِ

(وَعَلَى سَائِقِ دَابَّةٍ وَقَعَ أَدَاتُهَا) أَيْ آلَاتُهَا كَسَرْجٍ وَنَحْوِهِ (عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ وَقَائِدِ قِطَارٍ) بِالْكَسْرِ قِطَارِ الْإِبِلِ (وَطِئَ بَعِيرٌ مِنْهُ رَجُلًا الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ ضَمِنَا) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّسَبُّبِ، لَكِنَّ ضَمَانَ النَّفْسِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَضَمَانَ الْمَالِ فِي مَالِهِ هَذَا لَوْ السَّائِقُ مِنْ جَانِبٍ مِنْ الْإِبِلِ فَلَوْ تَوَسَّطَهَا وَأَخَذَ بِزِمَامِ وَاحِدٍ ضَمِنَ مَا خَلْفَهُ وَضَمِنَا مَا قُدَّامَهُ

ــ

[رد المحتار]

الْعَمْدِ فَلَيْسَ بِمُبَاحٍ، فَيُضَافُ إلَيْهِ مَا وَقَعَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَصَارَ هَالِكًا بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ فَيَهْدِرُ مَا كَانَ بِفِعْلِهِ، وَيَجِبُ مَا كَانَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي الْخَطَأِ وَنِصْفُهَا ثُمَّ الْعَمْدِ) أَيْ وَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَارَ قَاتِلًا لِصَاحِبِهِ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحَرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ نِصْفُهَا ثُمَّ الْعَبْدُ الْجَانِي قَدْ تَلِفَ، وَأَخْلَفَ هَذَا الْبَدَلَ، فَيَأْخُذُهُ وَرَثَةُ الْحُرِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِجِهَةِ كَوْنِهِ مَقْتُولًا لَا قَاتِلًا، وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْخَلَفِ، وَلَا يُرَدُّ مَا إذَا قَطَعَتْ الْمَرْأَةُ يَدَ الرَّجُلِ، فَتَزَوَّجَهَا عَلَى الْيَدِ فَإِنَّ عَاقِلَتَهَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ الضَّمَانُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَمَّلُونَ عَنْهَا، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا الْمَقْطُوعُ لَوْ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ عَنْ الْعَاقِلَةِ لَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ وَاجِبًا لَهَا، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَحَمَّلُوا عَنْهَا ضَامِنِينَ لَهَا أَمَّا هُنَا فَالْعَاقِلَةُ تَحَمَّلُوا عَنْ الْحُرِّ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ قَاتِلًا ثُمَّ تَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ بِجِهَةِ كَوْنِهِ مَقْتُولًا اهـ مِنْ الْكِفَايَةِ مَعَ غَيْرِهَا، وَاعْتَرَضَ الْوَانِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ.

وَأَقُولُ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَمْدَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا جَنَاهُ الْعَبْدُ لَا مَا جَنَى فَتَدَيَّرْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَجَاذَبَ رَجُلَانِ إلَخْ) تَشْبِيهٌ فِي الْهَدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَهْدِرُ دَمُهُمَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحُكْمِ عَلَى عَكْسِ مَسْأَلَةِ الْمُصَادَمَةِ ط (قَوْلُهُ إنْ وَقَعَا عَلَى الْوَجْهِ إلَخْ) قِيلَ لِمُحَمَّدٍ إنْ وَقَعَا عَلَى وَجْهِهِمَا إذَا قُطِعَ الْحَبْلُ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ قَطْعِ الْحَبْلِ أَتْقَانِيٌّ.

أَقُولُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ نَفْيُ التَّصَوُّرِ أَوْ نَفْيُ الضَّمَانِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاطِعِ) كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَالِاخْتِيَارِ وَالْخَانِيَّةِ وَفِيهَا أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ اهـ وَلَعَلَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَوْ الْمُرَادُ لَا دِيَةَ فِي مَالِهِ

(قَوْلُهُ وَعَلَى سَائِقِ دَابَّةٍ) خَبَرٌ مُبْتَدَؤُهُ قَوْلُهُ الْآتِي الدِّيَةُ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي التَّسَبُّبِ، لِأَنَّ الْوُقُوعَ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ، وَهُوَ تَرْكُ الشَّدِّ وَالْإِحْكَامِ فِيهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَلْقَاهُ بِيَدِهِ كَمَا فِي الدُّرَرِ ط فَهُوَ كَوُقُوعِ مَا حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، بِخِلَافِ الرِّدَاءِ الْمَلْبُوسِ إذَا سَقَطَ وَكَانَ مِمَّا يَلْبَسُهُ الْإِنْسَانُ عَادَةً لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَائِدِ قِطَارٍ) إنَّمَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ بِيَدِهِ يَسِيرُ بِسَوْقِهِ، وَيَقِفُ بِإِيقَافِهِ فَيُضَافُ إلَيْهِ مَا حَدَثَ مِنْهُ لِتَسَبُّبِهِ، فَيَصِيرُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً فَتَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ: لَوْ قَادَ أَعْمَى فَوَطِئَ الْأَعْمَى إنْسَانًا فَقَتَلَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الْقَائِدُ لِأَنَّ الْأَعْمَى مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ، فَفِعْلُهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَفِعْلُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ لَا عِبْرَةَ لَهُ فِي حُكْمِ نَفْسِهِ فَيُنْسَبُ إلَى الْقَائِدِ أَتْقَانِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ قِطَارِ الْإِبِلِ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: الْقِطَارُ الْإِبِلُ تُقْطَرُ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ وَالْجَمْعُ قُطُرٌ اهـ أَيْ كَكُتُبٍ (قَوْلُهُ الدِّيَةُ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُتْلَفُ غَيْرَ مَالٍ وَكَانَ الْمُوجَبُ كَأَرْشِ الْمُوضِحَةِ فَمَا فَوْقَهَا كَمَا مَرَّ مِرَارًا مَكِّيٌّ اهـ ط (قَوْلُهُ هَذَا لَوْ السَّائِقُ مِنْ جَانِبٍ مِنْ الْإِبِلِ) أَيْ فِي الْوَسَطِ يَمْشِي فِي جَانِبِ الْقِطَارِ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ وَلَا يَأْخُذُ بِزِمَامِ بَعِيرٍ مِعْرَاجٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>