للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُرَادُ بِالدَّابَّةِ الْكَلْبُ زَيْلَعِيٌّ

(وَإِنْ أَرْسَلَ طَيْرًا) سَاقَهُ أَوْ لَا أَوْ دَابَّةً (أَوْ كَلْبًا وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا) لَهُ (أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ) بِنَفْسِهَا (فَأَصَابَتْ مَالًا أَوْ آدَمِيًّا نَهَارًا أَوْ لَيْلًا لَا ضَمَانَ) فِي الْكُلِّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» أَيْ الْمُنْفَلِتَةُ هَدَرٌ (كَمَا لَوْ جَمَحَتْ) الدَّابَّةُ (بِهِ) أَيْ بِالرَّاكِبِ وَلَوْ سَكْرَانَ (وَلَمْ يَقْدِرْ) الرَّاكِبُ (عَلَى رَدَّهَا) فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَالْمُنْفَلِتَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِمُسَيِّرٍ لَهَا فَلَا يُضَافُ سَيْرُهَا إلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَتْلَفَتْ إنْسَانًا فَدَمُهُ هَدَرٌ عِمَادِيَّةٌ.

(وَمَنْ ضَرَبَ دَابَّةً عَلَيْهَا رَاكِبٌ أَوْ نَخَسَهَا) بِعُودٍ بِلَا إذْنِ الرَّاكِبِ (فَنَفَحَتْ أَوْ ضَرَبَتْ بِيَدِهَا) شَخْصًا (آخَرَ) غَيْرَ الطَّاعِنِ (أَوْ نَفَرَتْ فَصَدَمَتْهُ وَقَتَلَتْهُ ضَمِنَ هُوَ) أَيْ النَّاخِسُ (لَا الرَّاكِبُ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَضْمَنَانِ نِصْفَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ مُوقِفًا دَابَّتَهُ عَلَى الطَّرِيقِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ يُرِيدُ بِهِ إذَا أَرْسَلَهُ وَضَرَبَهُ أَوْ زَجَرَهُ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ لَهُ سَائِقًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالدَّابَّةِ) الْأَوْلَى الْبَهِيمَةُ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَقَدْ عَلِمْت وَجْهَ هَذَا التَّفْسِيرِ وَمَا فِيهِ

(قَوْلُهُ سَاقَهُ أَوَّلًا) لِأَنَّ بَدَنَهُ لَا يَحْتَمِلُ السَّوْقَ فَلَمْ يُعْتَبَرْ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ دَابَّةً أَوْ كَلْبًا وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا لَهُ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَصَابَ الْكَلْبُ شَيْئًا فِي فَوْرِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْسِلُ، بِخِلَافِ الدَّابَّةِ نِهَايَةٌ وَقَدَّمْنَا وَجْهَ الْفَرْقِ وَأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ الشَّارِحِ قَوْلَهُ أَوْ دَابَّةً (قَوْلُهُ أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ) وَلَوْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ لَيْلًا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ ذَهَبَتْ لَيْلًا ضَمِنَ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُهَا فِيهِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ وَتَمَامُهُ فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» ) أَيْ فِعْلُهَا إذَا كَانَتْ مُنْفَلِتَةً، وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ، وَالْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» ط وَالْعَجْمَاءُ غَلَبَ عَلَى الْبَهِيمَةِ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُنْفَلِتَةُ) تَقْيِيدٌ لِلْعَجْمَاءِ لَا تَفْسِيرٌ لَهَا كَمَا لَا يَخْفَى اهـ ح

قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ: وَهَذَا صَحِيحٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَسُوقَةَ وَالْمَرْكُوبَةَ وَالْمَقُودَةَ فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ الْمُرْسَلَةَ فِي الطَّرِيقِ فِعْلُهَا مُعْتَبَرٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا (قَوْلُهُ عِمَادِيَّةٌ) لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا قَوْلَهُ حَتَّى لَوْ أَتْلَفَتْ إنْسَانًا إلَخْ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ مُفْتِي الرُّومِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَفْهُومًا مِنْ كَلَامِ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ عَزَاهُ إلَيْهَا. هَذَا وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى رَدِّهَا فَالْقَوْلُ لِلْخَصْمِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي الْعَجْزِ لِأَنَّ إنْكَارَهُ لِأَصْلِ الضَّمَانِ فِي ضِمْنِ الدَّعْوَى لَا يُفِيدُ بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ تَأَمَّلْ اهـ مُلَخَّصًا

(قَوْلُهُ أَوْ ضَرَبَتْ بِيَدِهَا) أَوْ كَيْفَمَا أَصَابَتْ اهـ خُلَاصَةٌ، فَدَخَلَ مَا إذَا وَطِئَتْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ وَثَبَتَ بِنَخْسَتِهِ عَلَى رَجُلٍ أَوْ وَطِئَتْهُ فَقَتَلَتْهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَى النَّخَّاسِ دُونَ الرَّاكِبِ وَالْوَاقِفِ فِي مِلْكِهِ وَاَلَّذِي يَسِيرُ فِيهِ سِوَاهُ اهـ أَيْ بِخِلَافِ الْوَاقِفِ فِي الطَّرِيقِ لِتَعَدِّيَةِ كِفَايَةٌ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ فَصَدَمَتْهُ) أَيْ الْآخَرَ وَقَتَلَتْهُ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: هَذَا إذَا كَانَتْ النَّفْحَةُ وَالضَّرْبَةُ وَالْوَثْبَةُ فِي فَوْرِ النَّخْسِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا الرَّاكِبُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ النَّاخِسِ فِي التَّغْرِيمِ لِلتَّعَدِّي وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ مُوقِفًا دَابَّتَهُ عَلَى الطَّرِيقِ) أَيْ فَنَخَسَهَا رَجُلٌ فَقَتَلَتْ آخَرَ يَضْمَنَانِ نِصْفَيْنِ، لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْإِيقَافِ مِنَحٌ، وَغَيْرُهَا.

قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذْ هُوَ مَوْضُوعُ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الَّتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ خِلَافُهُ.

قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا إلَّا فِي النَّفْخَةِ بِالرِّجْلِ، وَالذَّنَبِ فَإِنَّهَا جُبَارٌ إلَّا إذَا كَانَ الرَّاكِبُ وَاقِفًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَأَمَرَ رَجُلًا، فَنَخَسَهَا فَنَفَحَتْ رَجُلًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَالضَّمَانُ كُلُّهُ عَلَى النَّاخِسِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>