للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي عَيْنَيْهَا يُخَيَّرُ رَبُّهَا إنْ شَاءَ تَرَكَهَا عَلَى الْفَاقِئِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُمَا أَوْ أَمْسَكَهَا وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ زَيْلَعِيٌّ

(وَفِي عَيْنِ بَقَرَةِ جَزَّارٍ وَجَزُورِهِ) أَيْ إبِلِهِ فَائِدَةُ الْإِضَافَةِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْإِعْدَادِ لِلَّحْمِ فِي الْحُكْمِ الْآتِي ابْنُ كَمَالٍ (وَحِمَارٍ وَبَغْلٍ وَفَرَسٍ رُبْعُ الْقِيمَةِ) لِأَنَّهُ إقَامَةُ الْعَمَلِ، إنَّمَا يُمْكِنُ بِأَرْبَعِ أَعْيُنٍ وَعَيْنَاهَا وَعَيْنَا مُسْتَعْمَلِهَا فَصَارَتْ كَأَنَّهَا ذَاتُ أَعْيُنٍ أَرْبَعٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَالشَّاةِ وَالْفَرْقُ مَا قَدَّمْنَاهُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ فَقَأَ عَيْنَيْ حِمَارٍ مَثَلًا أَنَّهُ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ.

فَالْأَوْلَى التَّمَسُّكُ بِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ» وَالتَّقَيُّدُ بِالْعَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ أُذُنَهَا أَوْ ذَنَبَهَا يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا، وَكَذَا لِسَانُ الثَّوْرِ وَالْحِمَارِ وَقِيلَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ قَطَعَ إحْدَى قِوَائِهِمَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى: أَيْ لَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ وَإِنْ مَأْكُولًا خُيِّرَ كَمَا مَرَّ فِي الْعَيْنَيْنِ لَكِنْ فِي الْعُيُونِ إنْ أَمْسَكَهُ لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى

ــ

[رد المحتار]

أَمَّا ضَمَانُ رُبْعِ الْقِيمَةِ فِيمَا يَأْتِي، فَخِلَافُ الْقِيَاسِ عَمَلًا بِالنَّصِّ (قَوْلُهُ وَفِي عَيْنِهَا إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَقَرَةِ وَنَحْوِهَا، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمَعْمُولَ بِهِ النَّصُّ، وَهُوَ وَرَدَ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ اهـ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَيْ إبِلِهِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْإِبِلُ وَاحِدٌ يَقَعُ عَلَى الْجَمْعِ لَيْسَ بِجَمْعٍ وَلَا اسْمِ جَمْعٍ وَجَمْعُهُ آبَالٌ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَائِدَةُ الْإِضَافَةِ إلَخْ) أَيْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمَا لِكَوْنِهِمَا مُعَدَّيْنِ لِلَّحْمِ يَكُونُ حُكْمُهُمَا حُكْمَ الشَّاةِ بَلْ سَوَاءٌ كَانَا مُعَدَّيْنِ لَهُ أَوْ لِلْحَرْثِ أَوْ الرُّكُوبِ، فَفِيهِ رُبْعُ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الَّذِي لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَحِمَارٍ) فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُنْتَقَى مَا لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ لِصِغَرِهِ كَالْفَصِيلِ وَالْجَحْشِ، فَفِي عَيْنِهِ رُبْعُ قِيمَتِهِ اهـ.

قُلْت: وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْمُنْتَقَى أَنَّ فِي نَحْوِ الْفَصِيلِ النُّقْصَانَ تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُنْتَقَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ مَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، لِأَنَّ إقَامَةَ الْعَمَلِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ» وَهَكَذَا قَضَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لِأَنَّ فِيهَا مَقَاصِدَ سِوَى اللَّحْمِ كَالرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ وَالْحَمْلِ وَالْعَمَلِ، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ تُشْبِهُ الْآدَمِيَّ وَقَدْ تُمْسَكُ لِلْأَكْلِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ تُشْبِهُ الْمَأْكُولَاتِ فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهَيْنِ بِشَبَهِ الْآدَمِيِّ فِي إيجَابِ الرُّبْعِ وَبِالشَّبَهِ الْآخَرِ فِي نَفْيِ النِّصْفِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْعَمَلِ بِهَا بِأَرْبَعَةِ أَعْيُنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: وَالْمُعْتَمَدُ هُوَ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ أَيْ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ، لِأَنَّ الْعَيْنَيْنِ لَا يُضْمَنَانِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ أَتْقَانِيٌّ: أَيْ وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا صَارَتْ كَذَاتِ أَرْبَعَةِ أَعْيُنٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ ضَمَانُ الْعَيْنَيْنِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّهُ لَوْ فَقَأَ وَالْمَصْدَرُ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، هُوَ جَوَابُ لَوْ تَقْدِيرُهُ وَيَلْزَمُ أَنَّهُ يَضْمَنُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لَا يَضْمَنُ النِّصْفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ، لَكِنْ نَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ الْقَوْلَ بِضَمَانِ النِّصْفِ عَنْ فَخْرِ الْقُضَاةِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمَعْمُولَ بِهِ النَّصُّ وَهُوَ وَرَدَ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ، فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ ضَمَانَ الْعَيْنِ بِالرُّبْعِ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ بَلْ يُقْتَصَرُ عَلَى النَّصِّ وَلِذَا قَالَ فَالْأَوْلَى التَّمَسُّكُ بِمَا رُوِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالتَّقْيِيدِ بِالْعَيْنِ) أَيْ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَفِي عَيْنِ بَقَرَةٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ) أَيْ لِفَوَاتِ الِاعْتِلَافِ، وَفِي تُحْفَةِ الْأَقْرَانِ وَالْقُنْيَةِ جَزَمَ بِهَذَا وَحَكَى الْآخَرَ بِقِيلَ اهـ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ لَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِهْلَاكٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَأْكُولًا خُيِّرَ) أَيْ بَيْنَ تَرْكِهَا عَلَى الْقَاطِعِ، وَتَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا، وَبَيْنَ إمْسَاكِهَا؛ وَتَضْمِينَهُ النُّقْصَانَ قَالَ فِي غَصْبِ الْهِدَايَةِ: وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُ لَوْ شَاءَ أَخَذَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي الْغَصْبِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْعُيُونِ إنْ أَمْسَكَهُ لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا إلَخْ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْمَأْكُولَ، وَيَضْمَنَ النُّقْصَانَ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ التَّخْيِيرُ فِي الْمَأْكُولِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ، وَبِهِ يُفْتَى كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>