للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ بِعَمْدِهِ يُقْتَصُّ وَأَمَّا فِيمَا دُونَهُ فَلَا يُفِيدُ لِاسْتِوَاءِ خَطَئِهِ وَعَمْدِهِ فِيهَا دُونَهَا، ثُمَّ إنَّمَا يَثْبُتُ الْخَطَأُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ إقْرَارِ مَوْلَاهُ، أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي لَا بِإِقْرَارِهِ أَصْلًا بَدَائِعُ.

قُلْت: لَكِنَّ قَوْلَهُ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي عَلَى غَيْرِ الْمُفْتَى بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِعِلْمِ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْأَشْبَاهِ وَتَقَدَّمَ (دَفَعَهُ مَوْلَاهُ) إنْ شَاءَ (بِهَا فَيَمْلِكُهُ وَلِيُّهَا أَوْ) إنْ شَاءَ (فَدَاهُ بِأَرْشِهَا حَالًّا) لَكِنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ هُوَ الدَّفْعُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلِذَا سَقَطَ الْوَاجِبُ بِمَوْتِهِ بِخِلَافِ مَوْتِ الْحُرِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.

لَكِنْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ السِّرَاجِ وَالْجَوْهَرَةِ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ الْفِدَاءُ حَتَّى لَوْ اخْتَارَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ

ــ

[رد المحتار]

فَفِي الْأَوَّلِ خُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ، وَالْفِدَاءِ، وَفِي الثَّانِي بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْبَيْعِ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ عَنْ خُوَاهَرْ زَادَهُ مَحْجُورٌ جَنَى عَلَى مَالِ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ فِي رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهَا عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ اهـ وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ بِعَمْدِهِ) حُذِفَ اسْمُ أَنَّ وَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ ط (قَوْلُهُ فِيمَا دُونَهَا) أَيْ دُونَ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْمَالُ فِي الْحَالَيْنِ إذْ الْقِصَاصُ لَا يَجْرِي بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْعَبِيدِ، وَلَا بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ لَا بِإِقْرَارِهِ أَصْلًا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ.

قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ الْبَدَائِعِ: وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْعَتَاقِ أَنَّهُ كَانَ جَنَى فِي حَالَ الرِّقِّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ وَشَمِلَ الْمَحْجُورَ وَالْمَأْذُونَ، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.

أَقُولُ: وَفِي حَجْرِ الْجَوْهَرَةِ، لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِقَتْلِ الْخَطَأِ لَمْ يَلْزَمْ الْمَوْلَى شَيْءٌ، وَكَانَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ، وَفِي الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ بَاطِلٌ، وَلَوْ أَعْتَقَ بَعْدَهُ لَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ مِنْ الْجِنَايَةِ، أَمَّا الْمَحْجُورُ فَلِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَالٍ، فَلَا يَنْقَلِبُ حُكْمُهُ كَإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ بِالدُّيُونِ الَّتِي لَزِمَتْهُ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ، لِأَنَّهَا هِيَ الْمَأْذُونُ فِيهَا، بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ فَهُوَ كَالْمَحْجُورِ فِيهَا اهـ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ) أَيْ قُبَيْلَ مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ دَفَعَهُ مَوْلَاهُ إنْ شَاءَ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ يُخَيَّرُ تَخْفِيفًا لَهُ إذْ لَا عَاقِلَةَ لِمَمْلُوكِهِ إلَّا هُوَ غُرَرُ الْأَفْكَارِ (قَوْلُهُ حَالًّا) أَيْ كَائِنًا كُلٌّ مِنْ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ عَلَى الْحُلُولِ، لِأَنَّ تَأْجِيلَ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ وَالْفِدَاءُ بَدَلُهُ، فَلَهُ حُكْمُهُ؛ وَمُفَادُهُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمَوْلَى، وَلَوْ مُفْلِسًا فَإِذَا اخْتَارَ الْمُفْلِسُ الْفِدَاءَ يُؤَدِّيهِ مَتَى يُوجَدُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ، خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي الْمَجْمَعِ دُرٌّ مُنْتَقَى (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَوْ وَجَبَتْ الْجِنَايَةُ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى حَتَّى وَجَبَ التَّخْيِيرُ لَمَا سَقَطَ بِمَوْتِ الْعَبْدِ كَمَا فِي الْحُرِّ الْجَانِي إذَا مَاتَ فَإِنَّ الْعَقْلَ لَا يَسْقُطُ عَنْ عَاقِلَتِهِ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ: هُوَ الدَّفْعُ وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ النَّقْلِ إلَى الْفِدَاءِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى الْقِيمَةِ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَأَقَرَّهُ غَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَلِذَا سَقَطَ الْوَاجِبُ بِمَوْتِهِ) أَيْ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا لِانْتِقَالِهِ إلَى ذِمَّةِ الْمَوْلَى غُرَرُ الْأَفْكَارِ، وَأَطْلَقَ الْمَوْلَى فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بَعَثَهُ الْمَوْلَى فِي حَاجَتِهِ أَوْ اسْتَخْدَمَهُ، لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الِاسْتِخْدَامِ فِي الْعَبْدِ الْجَانِي، مَا لَمْ يَدْفَعْهُ فَلَا يَكُونُ تَعَدِّيًا مِعْرَاجٌ عَنْ الْمَبْسُوطِ، أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ صَارَ مُخْتَارًا لِلْأَرْشِ، وَلَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ عَمْدًا بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَقْتَصَّ، وَإِنْ خَطَأً أَخَذَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ وَدَفَعَهَا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَلَا يُخَيَّرُ حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْأَرْشِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ لَكِنَّ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ الْمَشْهُورِ فَفِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْأَسْرَارِ، أَنَّ الرِّوَايَةَ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ وَالْجَوْهَرَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>