كَمَا يَصِيرُ فَارًّا بِقَوْلِهِ إنْ مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا.
(وَإِنْ قَطَعَ عَبْدٌ يَدَ حُرٍّ عَمْدًا وَدُفِعَ إلَيْهِ فَأَعْتَقَهُ فَمَاتَ مِنْ السِّرَايَةِ فَالْعَبْدُ صُلْحٌ بِهَا) أَيْ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ عِتْقَهُ دَلِيلُ تَصْحِيحِ الصُّلْحِ (وَإِنْ لَمْ يُعْتِقْهُ) وَقَدْ سَرَى (يُرَدُّ عَلَى سَيِّدِهِ فَيُقْتَلُ أَوْ يُعْفَى) لِبُطْلَانِ الصُّلْحِ.
(فَإِنْ جَنَى مَأْذُونٌ لَهُ مَدْيُونٌ خَطَأً فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بِلَا عِلْمٍ بِهَا غَرِمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دَيْنِهِ وَ) غَرِمَ (لِوَلِيِّهَا الْأَقَلَّ مِنْهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (وَمِنْ الْأَرْشِ)
(وَلَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْعَبْدَ الْجَانِيَ (أَجْنَبِيٌّ فَقِيمَةٌ وَاحِدَةٌ لِمَوْلَاهُ) لَا غَيْرُ
(فَإِنْ وَلَدَتْ مَأْذُونَةٌ مَدْيُونَةٌ بِيعَتْ مَعَ وَلَدِهَا فِي الدَّيْنِ) إنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ بَعْدَ لُحُوقِ الدَّيْنِ، فَلَوْ وَلَدَتْ ثُمَّ لَحِقَهَا دَيْنٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالْوَلَدِ بِخِلَافِ أَكْسَابِهَا
(فَإِنْ جَنَتْ فَوَلَدَتْ لَمْ يُدْفَعْ الْوَلَدُ لَهُ) أَيْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِذِمَّةِ الْمَوْلَى لَا ذِمَّتِهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ
(عَبْدٌ) لِرَجُلٍ،
ــ
[رد المحتار]
فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى اتِّفَاقًا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ بِغَيْرِهَا، وَلِأَنَّ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، فَهُوَ عَلَى الْعَبْدِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَلَمْ يُفَوِّتْ الْمَوْلَى عَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ بِتَعْلِيقِهِ شَيْئًا عِنَايَةٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ كَمَا يَصِيرُ فَارًّا) أَيْ مِنْ إرْثِ زَوْجَتِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُطَلِّقًا بَعْدَ وُجُودِ الْمَرَضِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ عِتْقَهُ دَلِيلُ تَصْحِيحِ الصُّلْحِ) لِأَنَّ الْعَاقِلَ يَقْصِدُ تَصْحِيحَ تَصَرُّفِهِ وَلَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا بِالصُّلْحِ عَنْ الْجِنَايَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُقْتَلُ أَوْ يُعْفَى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالضَّمِيرُ لِلْعَبْدِ وَصِلَةُ يُعْفَى مُقَدَّرَةٌ (قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ الصُّلْحِ) لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى الْمَالِ وَهُوَ الْعَبْدُ عَنْ دِيَةِ الْيَدِ إذْ الْقِصَاصُ لَا يَجْرِي بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِي الْأَطْرَافِ، وَبِالسِّرَايَةِ ظَهَرَ أَنَّ دِيَةَ الْيَدِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَوَدُ، فَصَارَ الصُّلْحُ بَاطِلًا لِأَنَّ الصُّلْحَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُصَالَحٍ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ الْمَالُ وَلَمْ يُوجَدْ زَيْلَعِيٌّ.
قَالَ ط: وَظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ رَدَّ الْعَبْدِ وَاجِبٌ عَلَى وَلِيِّ الدَّمِ رَفْعًا لِلْعَقْدِ الْبَاطِلِ اهـ وَفِي الْعِنَايَةِ وَسَمَّاهُ صُلْحًا بِنَاءً عَلَى مَا اخْتَارَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ هُوَ الْفِدَاءُ
(قَوْلُهُ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ) أَمَّا إذَا لَمْ يُعْتِقْهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جَنَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ دَفَعَ بِيعَ فِي دَيْنِ الْغُرَمَاءِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ بِيعَ عَلَى مِلْكِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَفِ بِالدَّيْنِ تَأَخَّرَ إلَى حَالِ الْحُرِّيَّةِ كَمَا لَوْ بِيعَ عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى الْأَوَّلِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ بِلَا عِلْمٍ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ كَانَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْجِنَايَةِ لِوَلِيِّهَا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ لِرَبِّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ إلَخْ) وَأَمَّا قَوْلُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا عَلَيْهِ قِيمَتَانِ قِيمَةٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَقِيمَةٌ لِوَلِيِّ الْجَنَابَةِ فَالْمُرَادُ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِنَايَةِ
(قَوْلُهُ أَيْ الْعَبْدَ الْجَانِي) أَيْ الْمَأْذُونَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ اهـ ح (قَوْلُهُ فَقِيمَةٌ وَاحِدَةٌ لِمَوْلَاهُ) أَيْ وَيَدْفَعُهَا لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّهَا مَالِيَّةُ الْعَبْدِ وَالْغَرِيمُ مُقَدَّمٌ فِي الْمَالِيَّةِ عَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ: وَإِنَّمَا لَزِمَ الْأَجْنَبِيَّ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ دُونَ الْمَوْلَى، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْخُوذًا بِالدَّفْعِ، وَلَا بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا أَتْلَفَهُ، أَمَّا الْمَوْلَى فَهُوَ مُطَالَبٌ بِذَلِكَ أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَكْسَابِهَا) فَإِنَّهَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْغُرَمَاءِ قَبْلَ الدَّيْنِ وَبَعْدَهُ، لِأَنَّ لَهَا يَدًا مُعْتَبَرَةً فِي الْكَسْبِ مِنَحٌ
(قَوْلُهُ لَمْ يُدْفَعْ الْوَلَدُ لَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: الْفَرْقُ بَيْنَ وِلَادَةِ الْأَمَةِ بَعْدَ اسْتِدَانَتِهَا وَبَيْنَ وِلَادَتِهَا بِهِ فِي جِنَايَتِهَا فِي أَنَّ الْوَلَدَ يُبَاعُ مَعَهَا فِي الْأُولَى، دُونَ الثَّانِيَةِ أَنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ حُكْمِيٌّ فِيهَا وَاجِبٌ فِي ذِمَّتِهَا مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهَا اسْتِيفَاءً، حَتَّى صَارَ الْمَوْلَى مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَكَانَتْ أَيْ الِاسْتِدَانَةُ مِنْ الْأَوْصَافِ الشَّرْعِيَّةِ الْقَارَّةِ، فَتَسْرِي إلَى الْوَلَدِ كَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالرَّهْنِ، وَأَمَّا مُوجَبُ الْجِنَايَةِ فَالدَّفْعُ أَوْ الْفِدَاءُ وَذَلِكَ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى لَا فِي ذِمَّتِهَا، حَتَّى لَمْ يَصِرْ الْمَوْلَى مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ اسْتِخْدَامٍ وَإِنَّمَا يُلَاقِيهَا أَثَرُ الْفِعْلِ الْحَقِيقِيِّ الْحِسِّيِّ، وَهُوَ الدَّفْعُ فَلَا يَسْرِي، لِكَوْنِهِ وَصْفًا غَيْرَ