للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْقِنُّ) فِي الْفَصْلَيْنِ (كَالْمُدَبَّرِ غَيْرَ أَنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ الْعَبْدَ) نَفْسَهُ (هُنَا وَثَمَّةَ) أَيْ فِي الْمُدَبَّرِ (الْقِيمَةَ) كَمَا مَرَّ

(مُدَبَّرٌ جَنَى عِنْدَ غَاصِبٍ فَرَدَّهُ فَغَصَبَ) ثَانِيًا (فَجَنَى عِنْدَهُ) كَانَ (عَلَى سَيِّدِهِ قِيمَتُهُ لَهُمَا وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ) لِكَوْنِهِمَا عِنْدَهُ (وَدَفَعَ) الْمَوْلَى (نِصْفَهَا) أَيْ الْقِيمَةِ مَأْخُوذَةً ثَانِيًا (إلَى) وَلِيِّ الْجِنَايَةِ (الْأَوَّلِ وَرَجَعَ) الْمَوْلَى (بِذَلِكَ النِّصْفِ عَلَى الْغَاصِبِ) وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي كُلِّهَا كَمُدَبَّرٍ.

(غَصَبَ) رَجُلٌ (صَبِيًّا حُرًّا) لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِغَصْبِهِ الذَّهَابُ بِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ (فَمَاتَ) هَذَا الْحُرُّ (فِي يَدِهِ فُجَاءَةً أَوْ بِحُمَّى لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ مَاتَ بِصَاعِقَةٍ أَوْ نَهْشِ حَيَّةٍ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلِهِ الْغَاصِبِ) اسْتِحْسَانًا لِتَسَبُّبِهِ بِنَقْلِهِ لِمَكَانِ الصَّوَاعِقِ أَوْ الْحَيَّاتِ حَتَّى لَوْ نَقَلَهُ لِمَوَاضِعَ يَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى وَالْأَمْرَاضُ ضَمِنَ فَتَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِكَوْنِهِ قَتْلًا تَسَبُّبًا هِدَايَةٌ وَغَيْرُهَا.

قُلْت: بَقِيَ لَوْ نَقَلَ الْحُرُّ الْكَبِيرَ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ تَعَدِّيًا إنْ مُقَيَّدًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ

ــ

[رد المحتار]

الْغَاصِبِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ وَالْقِنُّ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَالْمُدَبَّرِ: أَيْ أَنَّ التَّصْوِيرَ السَّابِقَ بِالْمُدَبَّرِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا عَنْ الْقِنِّ وَيَأْتِي أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ يَدْفَعُ الْعَبْدُ نَفْسَهُ) لِإِمْكَانِ نَقْلِهِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفِدَاءِ وَالدَّفْعِ إلَى الْوَلِيَّيْنِ تَأَمَّلْ ثُمَّ إذَا دَفَعَهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ

(قَوْلُهُ فَغَصَبَ ثَانِيًا) أَيْ فَغَصَبَهُ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ غَصْبًا ثَانِيًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَغَصَبَهُ بِالضَّمِيرِ وَهِيَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ قِيمَتُهُ لَهُمَا) أَيْ لِلْوَلِيَّيْنِ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ بِالتَّدْبِيرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِمَا) أَيْ الْجِنَايَتَيْنِ عِنْدَهُ أَيْ الْغَاصِبِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ، لِأَنَّ إحْدَاهُمَا عِنْدَهُ فَلِذَا رَجَعَ بِالنِّصْفِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْمَوْلَى بِذَلِكَ النِّصْفِ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ ثَانِيًا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي كُلِّهَا) أَيْ كُلِّ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ كَمُدَبَّرٍ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ الْمَانِعِ مِنْ الدَّفْعِ لِلْجِنَايَةِ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى دُرَرٌ

(قَوْلُهُ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُعَبِّرُ يُعَارِضُهُ بِلِسَانِهِ، فَلَا تَثْبُتُ يَدُهُ حُكْمًا كَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ الْبُرْهَانِ؛ وَمِثْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: لَكِنَّ الْفَرْقَ الْآتِي بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَالصَّبِيِّ، يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الصَّبِيِّ، فَإِنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِغَصْبِهِ إلَخْ) فَيَكُونُ ذِكْرُ الْغَصْبِ بِطَرِيقِ الْمُشَاكَلَةِ وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ الشَّيْءَ بِلَفْظِ غَيْرِهِ لِوُقُوعِهِ فِي صُحْبَتِهِ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ فَجْأَةً) بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ أَوْ بِالْفَتْحِ، وَسُكُونِ الْجِيمِ بِلَا مَدٍّ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ بِصَاعِقَةٍ) أَيْ نَارٍ تَسْقُطُ مِنْ السَّمَاءِ أَوْ كُلِّ عَذَابٍ مُهْلِكٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، فَيَشْمَلُ الْحَرَّ الشَّدِيدَ وَالْبَرْدَ الشَّدِيدَ وَالْغَرَقَ فِي الْمَاءِ، وَالتَّرَدِّي مِنْ مَكَان عَالٍ كَمَا فِي الْجِنَايَةِ وَغَيْرِهَا قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا، لِأَنَّ غَصْبَ الْحُرِّ لَا يَتَحَقَّقُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا صَغِيرًا لَا يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ حُرٌّ يَدًا فَهَذَا أَوْلَى.

وَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ: وَهُوَ أَنَّ الضَّمَانَ لَا بِالْغَصْبِ بَلْ بِالْإِتْلَافِ تَسَبُّبًا، وَقَدْ أَزَالَ حِفْظَ الْوَلِيِّ، فَيُضَافُ الْإِتْلَافُ إلَيْهِ أَمَّا الْمُكَاتَبُ، فَهُوَ فِي يَدٍ لِنَفْسِهِ وَلَوْ صَغِيرًا وَلِذَا لَا يُزَوِّجُهُ أَحَدٌ، فَهُوَ كَالْحُرِّ الْكَبِيرِ أَمَّا الصَّبِيُّ فَإِنَّهُ فِي يَدِ وَلِيِّهِ وَلِذَا يُزَوِّجُهُ اهـ مِنْ الْهِدَايَةِ وَالْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ لِمَوْضِعٍ يَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى وَالْأَمْرَاضُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَكَانُ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ فَيَضْمَنُ لَا بِسَبَبِ الْعَدْوَى لِأَنَّ الْقَوْلَ بِهِ بَاطِلٌ بَلْ، لِأَنَّ الْهَوَاءَ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى مُؤَثِّرٌ فِي بَنِي آدَمَ وَغَيْرِهِ كَالْغِذَاءِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ) أَيْ الْغَالِبِ فِيهَا الْهَلَاكُ وَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى (قَوْلُهُ ضَمِنَ) لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عَجَزَ

<<  <  ج: ص:  >  >>