(وَلَوْ وَجَدَتْ) الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ (سَاتِرًا يَسْتُرُ بَدَنَهَا مَعَ رُبْعِ رَأْسِهَا يَجِبُ سَتْرُهُمَا) فَلَوْ تَرَكَتْ سَتْرَ رَأْسِهَا أَعَادَتْ بِخِلَافِ الْمُرَاهِقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ بِعُذْرِ الرِّقِّ فَبِعُذْرِ الصِّبَا أَوْلَى (وَلَوْ) كَانَ يَسْتُرُ (أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ الرَّأْسِ لَا) يَجِبُ بَلْ يُنْدَبُ، لَكِنْ قَوْلُهُ (وَلَوْ وَجَدَ) الْمُكَلَّفُ (وَمَا يَسْتُرُ بِهِ بَعْضَ الْعَوْرَةِ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ) ذَكَرَهُ الْكَمَالُ: زَادَ الْحَلَبِيُّ: وَإِنْ قَلَّ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ (وَيَسْتُرُ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ) أَوَّلًا (فَإِنْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ أَحَدَهُمَا) قِيلَ (يَسْتُرُ الدُّبُرَ) لِأَنَّهُ أَفْحَشُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَقِيلَ الْقُبُلَ حَكَاهُمَا فِي الْبَحْرِ بِلَا تَرْجِيحٍ. وَفِي النَّهْرِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ وَالتَّعْلِيلُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِالْإِيمَاءِ تَعَيَّنَ سَتْرُ الْقُبُلِ ثُمَّ فَخِذِهِ ثُمَّ بَطْنِ الْمَرْأَةِ وَظَهْرِهَا ثُمَّ الرُّكْبَةِ ثُمَّ الْبَاقِي عَلَى السَّوَاءِ.
(وَإِذَا لَمْ يَجِدْ) الْمُكَلَّفُ الْمُسَافِرُ (مَا يُزِيلُ بِهِ نَجَاسَتَهُ) أَوْ يُقَلِّلُهَا لِبُعْدِهِ مِيلًا أَوْ لِعَطَشٍ (صَلَّى مَعَهَا) أَوْ عَارِيًّا (وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) وَيَنْبَغِي لُزُومُهَا لَوْ الْعَجْزُ عَنْ مُزِيلٍ وَعَنْ سَاتِرٍ بِفِعْلِ الْعِبَادِ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ؛ ثُمَّ هَذَا لِلْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّ لِلْمُقِيمِ يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ السَّاتِرِ وَإِنْ لَمْ يُهْلِكْهُ. قُهُسْتَانِيٌّ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى الدَّابَّةِ زَيْلَعِيٌّ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تُصَلِّي حَائِضٌ بِغَيْرِ قِنَاعٍ» لِأَنَّ تَعْلِيلَهُ يُفْهِمُ أَنَّ كُلَّ مَا سَقَطَ سَتْرُهُ بِعُذْرِ الرِّقِّ كَالْكَتِفَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ يَسْقُطُ بِالصِّبَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَفَادَهُ ح تَأَمَّلْ. وَفِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ: وَجَوَازُ صَلَاةِ الصَّغِيرَةِ بِغَيْرِ قِنَاعٍ اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهُ لَا خِطَابَ مَعَ الصِّبَا. وَالْأَحْسَنُ أَنْ تُصَلِّيَ بِقِنَاعٍ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ لِلتَّعَوُّدِ، فَتُؤْمَرُ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، ثُمَّ قَالَ: الْمُرَاهِقَةُ إذَا صَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ لَا تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ صَلَّتْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ تُؤْمَرُ، وَلَوْ صَلَّتْ عُرْيَانَةً تُعِيدُ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ تُعِيدُ الْبَالِغَةُ الصَّلَاةَ فَهِيَ تُعِيدُ عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِيَادِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ) لِأَنَّ مَا دُونَ الرُّبْعِ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ، وَالسَّتْرُ أَفْضَلُ تَقْلِيلًا لِلِانْكِشَافِ زَيْلَعِيٌّ، وَمِثْلُهُ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي (قَوْلُهُ زَادَ الْحَلَبِيُّ) أَيْ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ ح (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتُرُ الرُّبْعَ أَوْ الْأَقَلَّ ط (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) أَشَارَ إلَى إمْكَانِ الْجَوَابِ بِحَمْلِ كَلَامِ الْكَمَالِ عَلَى غَيْرِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُرَاهِقَةِ مَعَ كَشْفِ الرَّأْسِ دُونَ غَيْرِهِ أَفَادَهُ ح. أَقُولُ: وَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِحَمْلِ أَلْ فِي الْعَوْرَةِ عَلَى جِنْسِ الْأَفْرَادِ لَا جِنْسِ الْأَجْزَاءِ: أَيْ إذَا وُجِدَ مَا يَسْتُرُ بَعْضَ أَفْرَادِ الْعَوْرَةِ، بِأَنْ كَانَ يَسْتُرُ أَصْغَرَهَا كَالْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ دُونَ أَكْبَرِهَا وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَيَسْتُرُ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِي الْمِعْرَاجِ: وَلَوْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ بَعْضَ الْعَوْرَةِ سَتَرَ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ بِالِاتِّفَاقِ اهـ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُبْتَغَى إنْ كَانَ عِنْدَهُ قِطْعَةٌ يَسْتُرُ بِهَا أَصْغَرَ الْعَوْرَاتِ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِهِمْ، إذْ لَيْسَ فِيهِ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ مَا يَقْتَضِي وُجُوبَ سَتْرِ مَا دُونَ رُبْعِ عُضْوٍ مِنْ الْعَوْرَةِ حَتَّى يُخَالِفَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَالْمُحِيطِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي مِنْ أَنَّ مَا دُونَ الرُّبْعِ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ. وَأَمَّا قَوْلُ الْحَلَبِيِّ وَإِنْ قَلَّ فَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ وَإِلَّا فَلَا يُعَارِضُ كَلَامَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ مَا يَسْتُرُ عُضْوًا كَامِلًا كَالدُّبُرِ مَثَلًا، وَإِلَّا فَلَوْ وَجَدَتْ الْمَرْأَةُ مَا يَسْتُرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَعِنْدَهَا خِرْقَةٌ قَدْرَ الظُّفْرِ مَثَلًا يَبْعُدُ كُلُّ الْبُعْدِ إلْزَامُهَا بِالسَّتْرِ بِهَا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ فَيْضِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْقُبُلَ) لِأَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ الْقِبْلَةَ وَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَرُ بِغَيْرِهِ وَالدُّبُرُ يُسْتَرُ بِالْأَلْيَتَيْنِ بَحْرٌ عَنْ السِّرَاجِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ أَفْحَشُ إلَخْ وَهُوَ مُرَادُ صَاحِبِ النَّهْرِ بِقَوْلِهِ وَالتَّعْلِيلُ الثَّانِي لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ ثَانِيًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِالْإِيمَاءِ) عِبَارَةُ النَّهْرِ قَاعِدًا بِالْإِيمَاءِ (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ سَتْرُ الْقُبُلِ) لِعَدَمِ الْعِلَّةِ، وَهِيَ زِيَادَةُ الْفُحْشِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. أَقُولُ: وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ قَعَدَ مُتَرَبِّعًا؛ أَمَّا لَوْ قَعَدَ مَادًّا رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ قَعَدَ كَالْمُتَشَهِّدِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ يَتَعَيَّنُ سَتْرُ الدُّبُرِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ جَعْلُ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ تَحْتَ الْفَخِذَيْنِ. وَأَمَّا الدُّبُرُ فَإِنَّهُ يَنْكَشِفُ حَالَةَ الْإِيمَاءِ فَيَتَعَيَّنُ سَتْرُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ فَخِذَهُ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَيُقَدَّمُ فِي السَّتْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute