(سَبَبُهَا) مَا هُوَ (سَبَبُ التَّبَرُّعَاتِ)
(وَشَرَائِطُهَا كَوْنُ الْمُوصِي أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ) فَلَمْ تَجُزْ مِنْ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمُكَاتَبٍ إلَّا إذَا أَضَافَ لِعِتْقِهِ كَمَا سَيَجِيءُ (وَعَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ بِالدَّيْنِ) لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْوَصِيَّةِ كَمَا سَيَجِيءُ (وَ) كَوْنُ (الْمُوصَى لَهُ حَيًّا وَقْتَهَا) تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا لِيَشْمَلَ الْحَمْلَ الْمُوصَى لَهُ فَافْهَمْهُ فَإِنَّ بِهِ يَسْقُطُ إيرَادُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ (وَ) كَوْنُهُ (غَيْرَ وَارِثٍ) وَقْتَ الْمَوْتِ (وَلَا قَاتِلٍ) وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا. قُلْت: نَعَمْ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سُلْطَانٍ وَغَيْرُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي (وَ) كَوْنُ (الْمُوصَى بِهِ قَابِلًا لِلتَّمَلُّكِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) بِعَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ مَالًا أَوْ نَفْعًا مَوْجُودًا لِلْحَالِ أَمْ مَعْدُومًا
ــ
[رد المحتار]
السُّدُسُ، وَرُوِيَ فِي السُّنَنِ مُسْنَدًا إلَى أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَشْهُورٌ تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ، وَنَسْخُ الْكِتَابِ جَائِزٌ عِنْدَنَا بِمِثْلِهِ أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ سَبَبُهَا مَا هُوَ سَبَبُ التَّبَرُّعَاتِ) وَهُوَ تَحْصِيلُ ذِكْرِ الْخَيْرِ فِي الدُّنْيَا وَوُصُولُ الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ فِي الْعُقْبَى نِهَايَةٌ، وَهَذَا فِي الْمُسْتَحَبَّةِ، أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ سَبَبَهَا سَبَبُ الْأَدَاءِ، وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَدَاءِ تِلْكَ الْوَاجِبَاتِ، وَقَدْ قَالُوا إنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ بِمَا يَجِبُ بِهِ الْأَدَاءُ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ) الْأَوْلَى قَوْلُ النِّهَايَةِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَةٍ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ الدَّيْنِ أَيْ إلَّا بِإِبْرَاءِ الْغُرَمَاءِ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي الْمَتْنِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَقْتَهَا) أَقُولُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: الْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ يُعْتَبَرُ صِحَّةُ الْإِيجَابِ يَوْمَ أَوْصَى وَمَتَى كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ يُعْتَبَرُ صِحَّةُ الْإِيجَابِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِبَنِي فُلَانٍ، لَمْ يُسَمِّهِمْ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِمْ فَهِيَ لِلْمَوْجُودِينَ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَإِنْ سَمَّاهُمْ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِمْ فَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ، حَتَّى لَوْ مَاتُوا بَطَلَتْ الْوِلَايَةُ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنٌ فَتُعْتَبَرُ صِحَّةُ الْإِيجَابِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ الْحَمْلَ) أَيْ قَبْلَ أَنْ تُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ إذْ بَعْدَ النَّفْخِ يَكُونُ حَيًّا حَقِيقَةً اهـ ح (قَوْلُهُ إيرَادُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) حَيْثُ قَالَ: يَرِدُ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ إذْ يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ لَا حَيَاتُهُ، لِأَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ يَكُونُ بَعْدَ وِجْدَانِهِ وَقْتًا غَيْرُ حَيٍّ اهـ ح (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ غَيْرَ وَارِثٍ) أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّةَ وَارِثٌ آخَرُ وَإِلَّا تَصِحُّ كَمَا لَوْ أَوْصَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَلَا وَارِثَ غَيْرَهُ كَمَا سَيَجِيءُ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ) أَيْ لَا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ وَلَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا قَاتِلٍ) أَيْ مُبَاشَرَةً كَالْخَاطِئِ وَالْعَامِدِ بِخِلَافِ الْمُتَسَبِّبِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ قَاتِلٍ حَقِيقَةً، وَهَذَا إذَا كَانَ ثَمَّةَ وَارِثٌ وَإِلَّا صَحَّتْ وَكَانَ الْقَاتِلُ مُكَلَّفًا، وَإِلَّا فَتَصِحُّ لِلْقَاتِلِ لَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ كَوْنُ الْمُوصَى لَهُ مَعْلُومًا أَيْ مُعَيَّنًا شَخْصِيًّا كَزَيْدٍ أَوْ نَوْعًا كَالْمَسَاكِينِ، فَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِي لِفُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ بَطَلَتْ عِنْدَهُ لِلْجَهَالَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ قُبَيْلَ وَصَايَا الذِّمِّيِّ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَوْصَتْ أَنْ يُعْتَقَ عَنْهَا أَمَةٌ بِكَذَا وَيُعْطَى لَهَا مِنْ الثُّلُثِ كَذَا، فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُعَيَّنَةً جَازَتْ الْوَصِيَّتَانِ وَإِلَّا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ دُونَ الْمَالِ إلَّا أَنْ تُفَوِّضَ ذَلِكَ إلَى الْوَصِيِّ، وَتَقُولَ أَعْطِهَا إنْ أَحْبَبْت فَإِنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِيمَنْ أَوْصَى أَنْ تُبَاعَ أَمَتُهُ مِمَّنْ أَحْبَبْت تُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَى بَيْعِهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ فَإِنْ أَبَى الرَّجُلُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا يُحَطُّ عَنْهُ مِقْدَارُ ثُلُثِ مَالِ الْمُوصَى اهـ مُلَخَّصًا.
قُلْت: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِمَجْهُولٍ تَصِحُّ عِنْدَ التَّخْيِيرِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ لِارْتِفَاعِهَا بِتَعْيِينِ مَنْ لَهُ التَّخْيِيرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَوْ قَالَ لِزَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِعَقْدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ مَالًا أَوْ نَفْعًا إلَخْ) تَعْمِيمٌ لِلْمُوصَى بِهِ (قَوْلُهُ أَمْ مَعْدُومًا) أَيْ وَهُوَ قَابِلٌ لِلتَّمْلِيكِ مِنْ الْعُقُودِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَلِهَذَا قُلْنَا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا تُثْمِرُ نَخِيلُهُ الْعَامَ أَوْ أَبَدًا تَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ مَعْدُومًا لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ حَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute