للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: كَفَّارَةُ قَتْلٍ وَظِهَارٍ وَيَمِينٍ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْفِطْرَةِ لِوُجُوبِهَا بِالْكِتَابِ دُونَ الْفِطْرَةِ وَالْفِطْرَةُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ لِوُجُوبِهَا إجْمَاعًا دُونَ الْأُضْحِيَّةِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ الطَّوَاوِيسِيِّ يُبْدَأُ بِكَفَّارَةِ قَتْلٍ ثُمَّ يَمِينٍ ثُمَّ ظِهَارٍ ثُمَّ إفْطَارٍ ثُمَّ النَّذْرِ ثُمَّ الْفِطْرَةِ، ثُمَّ الْأُضْحِيَّةِ، وَقَدَّمَ الْعَشَرَ عَلَى الْخَرَاجِ، وَفِي الْبُرْجَنْدِيِّ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ آخَرُ أَنَّ حَجَّ النَّفْلِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ

(أَوْصَى بِحَجٍّ) أَيْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَحَجَّ (عَنْهُ رَاكِبًا) فَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ النَّفَقَةُ مِنْ بَلْدَةِ فَقَالَ رَجُلٌ: -

ــ

[رد المحتار]

يَأْتِي عَلَى آخِرِهِ أَوْ يُنْتَقَصُ الثُّلُثُ، فَيَبْطُلُ مَا بَقِيَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ كُلُّهُ فَرِيضَةً بُدِئَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، حَتَّى يَكُونَ النُّقْصَانُ عَلَى الْآخِرِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ تَطَوُّعًا وَبَعْضُهُ فَرِيضَةً، أَوْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بُدِئَ بِالْفَرْضِ أَوْ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ أَخَّرَهُ فِي نُطْقِهِ قَالَ هِشَامٌ إلَى هُنَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَتَمَامُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ إلَخْ) أَقُولُ: قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَإِنْ تَسَاوَتْ فِي الْقُوَّةِ إلَخْ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمَرْءِ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا هُوَ الْأَهَمُّ عِنْدَهُ، وَالثَّابِتُ بِالظَّاهِرِ كَالثَّابِتِ نَصًّا فَكَأَنَّهُ نَصَّ عَلَى تَقْدِيمِهِ فَتُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْحَجِّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ بِهَا، وَهُمَا عَلَى الْكَفَّارَةِ لِرُجْحَانِهِمَا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ الْوَعِيدِ فِيهِمَا مَا لَمْ يَأْتِ فِي غَيْرِهِمَا وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْفِطْرَةِ إلَخْ وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ.

أَقُولُ: صَدْرُ تَقْرِيرِهِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ وَآخِرُهُ لِقَوْلِ الطَّحَاوِيِّ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مُفَرِّعًا أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخِرِ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ الْمُلْتَقَى تُخَالِفُهُمَا وَأَنَّ الثَّانِي مِنْهُمَا ضَعِيفٌ فَتَدَبَّرْ: وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَحَلَّ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت الْأَتْقَانِيَّ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ كَفَّارَةَ الْقَتْلِ تُقَدَّمُ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِقُوَّتِهَا بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ فِيهَا ثُمَّ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِوُجُوبِهَا بِهَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالثَّانِيَةُ بِإِيجَابِ حُرْمَةٍ عَلَى نَفْسِهِ وَلَنَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ مِنْ الرِّوَايَةِ لَا تُقَدَّمُ الْفَرَائِضُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَكَذَلِكَ التَّطَوُّعُ بَلْ يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمُوصِي وَقَدْ مَرَّ نَصُّ الْكَرْخِيِّ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَعْنَى فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ عَلَى الْكَفَّارَاتِ ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ الْوَعِيدُ وَمِثْلُ هَذَا لَمْ يُوجَدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكَفَّارَاتِ اهـ وَأَرَادَ بِالْبَعْضِ صَاحِبَ النِّهَايَةِ.

أَقُولُ: وَتَقْدِيمُ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ عَلَى الْكَفَّارَاتِ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْكَفَّارَاتِ وَاجِبَةٌ كَمَا مَرَّ لَكِنَّ الْأَتْقَانِيَّ نَفْسَهُ ذَكَرَ أَنَّهُ تُقَدَّمُ الْكَفَّارَاتُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْفِطْرَةُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ كَمَا فَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ وَالشَّارِحُ وَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ، وَعَلَيْهِ لَا مَانِعَ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ عَلَى بَعْضٍ إذَا وُجِدَ الْمُرَجِّحُ كَمَا فَعَلَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَتَبِعَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَبِهِ يَسْقُطُ النَّظَرُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ يُبْدَأُ بِكَفَّارَةِ قَتْلٍ ثُمَّ يَمِينٍ ثُمَّ ظِهَارٍ) تَقَدَّمَ وَجْهُ تَرْتِيبِهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ إفْطَارٍ إلَخْ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ تَقْدِيمِ الْفِطْرَةِ لِوُجُوبِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَبِأَخْبَارٍ مُسْتَقْضِيَةٍ عَلَى كَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ لِثُبُوتِهَا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَعَلَى النَّذْرِ لِأَنَّهَا بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقَدَّمُ عَلَى مَا يَجِبُ بِإِيجَابِ الْعَبْدِ وَالنَّذْرُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا دُونَ وُجُوبِهِ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ الْعُشْرُ) لَعَلَّهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعِبَادِ بِخِلَافِ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ قُصِرَ عَلَى الثَّانِي ط (قَوْلُهُ أَنَّ حَجَّ النَّفْلِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ) يُشِيرُ إلَى تَقْدِيمَةِ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَخَّرَهُ الْمُوصِي لَكِنْ فِي الْعِنَايَةِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ قُدِّمَ فِيهِ مَا قَدَّمَهُ كَحَجِّ تَطَوُّعٍ وَعِتْقِ نَسَمَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَصَدَقَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُبْدَأُ بِالْأَفْضَلِ فَالْأَفْضَلِ يُبْدَأُ بِالصَّدَقَةِ ثُمَّ الْحَجِّ ثُمَّ الْعِتْقِ اهـ وَقَوْلُهُ: يُبْدَأُ بِالصَّدَقَةِ ثُمَّ الْحَجِّ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا كَانَ يَقُولُهُ الْإِمَامُ أَوَّلًا وَلَمَّا شَاهَدَ مَشَقَّةَ الْحَجِّ رَجَعَ فَإِذَا حَجَّ بِمِقْدَارِ مَا يُرِيدُ إنْفَاقَهُ كَانَ أَفْضَلَ

(قَوْلُهُ أُحِجَّ عَنْهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ رَاكِبًا) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُحِجَّ مَاشِيًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْجَاجُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَزِمَهُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ النَّفَقَةُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَيْضًا لَوْ كَانَ فِي الْمَالِ الْمَدْفُوعِ وَفَاءٌ بِالرُّكُوبِ، فَمَشَى وَاسْتَبْقَى

<<  <  ج: ص:  >  >>