للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ لِدُخُولِ السُّدُسِ فِي الثُّلُثِ مُقَدَّمًا كَانَ أَوْ مُؤَخَّرًا أَخْذًا بِالْمُتَيَقَّنِ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ سُؤَالُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَإِشْكَالُ ابْنِ الْكَمَالِ (وَفِي سُدُسِ مَالِي مُكَرَّرًا لَهُ سُدُسٌ) لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ قَدْ أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً (وَبِثُلُثِ دَرَاهِمِهِ وَغَنَمِهِ أَوْ ثِيَابِهِ) مُتَفَاوِتَةً فَلَوْ مُتَّحِدَةً فَكَالدَّرَاهِمِ (أَوْ عَبِيدِهِ

ــ

[رد المحتار]

تَنْبِيهٌ]

هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ فَفِي الِاخْتِيَارِ وَالْجَوْهَرَةِ: لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ فَلَهُ النِّصْفُ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ ابْنٍ فَصَارَ كَأَنْ لَهُ ابْنَانِ وَلَا مَانِعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ فَصَحَّ اهـ وَانْظُرْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْجُزْءِ وَالسَّهْمِ، هَلْ يُعْطَى النِّصْفُ أَيْضًا أَمْ يُقَالُ لِوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ أَعْطِهِ مَا شِئْت، وَحَرِّرْهُ نَقْلًا

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا انْدَفَعَ سُؤَالُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ) حَاصِلُ: سُؤَالِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُوصِي ثُلُثُ مَالِي لَهُ لَا يَصْلُحُ إخْبَارًا لِأَنَّهُ كَذِبٌ فَتَعَيَّنَ الْإِنْشَاءُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ النِّصْفُ، وَتَقْرِيرُ الدَّفْعِ سَلَّمْنَا أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ إنْشَاءٌ إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ سُدُسُ مَالِي لَهُ مُحْتَمِلٌ، لَأَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ زِيَادَةَ سُدُسٍ أَوْ أَرَادَ ثُلُثًا آخَرَ غَيْرَ السُّدُسِ، فَيُحْمَلَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ (قَوْلُهُ: وَإِشْكَالُ ابْنِ الْكَمَالِ) حَيْثُ قَالَ فِي هَامِشِ شَرْحِهِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ جَوَابُ السُّؤَالِ الْمَارِّ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.

بَقِيَ هَهُنَا شَيْءٌ: وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ الَّذِي أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ ثُلُثًا زَائِدًا عَلَى السُّدُسِ الَّذِي أَجَازُوهُ أَوْ لَا يَكُونَ ثُلُثًا زَائِدًا عَلَيْهِ إذْ لَا وَجْهَ لِإِجَازَتِهِمْ بِلَا تَعْيِينِ الْمُرَادِ، إذْ مَرْجِعُهُ إلَى إجَازَةِ اللَّفْظِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ وَالثَّانِي يَأْبَاهُ قَوْلُهُ: وَأَجَازُوا لِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْ إجَازَتِهِمْ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ، وَلَعَلَّهُ لِذَلِكَ أَسْقَطَ صَاحِبُ الْكَنْزِ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ اهـ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْمَعْنَى الثَّانِي وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَازَةُ لِثُلُثٍ غَيْرِ زَائِدٍ عَلَى السُّدُسِ: أَيْ لِثُلُثٍ دَاخِلٍ فِيهِ السُّدُسُ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَبِهِ يَتِمُّ الْجَوَابُ عَنْ سُؤَالِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ، لَكِنْ يَبْقَى قَوْلُهُ: وَأَجَازُوا زَائِدًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ إذْ الثُّلُثُ لَازِمٌ مُطْلَقًا، وَلِهَذَا أَسْقَطَهُ فِي الْكَنْزِ.

وَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَيْ إنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ بَلْ ذَكَرُوهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ لَهُ النِّصْفَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَلِيُفْهَمَ أَنَّ لَهُ الثُّلُثَ عِنْدَ عَدَمِهَا بِالْأَوْلَى فَافْهَمْ، وَلِلَّهِ دَرُّ هَذَا الشَّارِحِ عَلَى هَذِهِ الرُّمُوزِ الَّتِي هِيَ جَوَاهِرُ الْكُنُوزِ، لَكِنْ بَقِيَ هُنَا إشْكَالٌ ذَكَرَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَنَقَلَ نَحْوَهُ وَعَنْ قَاضِي زَادَهْ، وَهُوَ أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ وَهُوَ الْوَارِثُ رَضِيَ بِمَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُوصِي مِنْ اجْتِمَاعِ الثُّلُثِ مَعَ السُّدُسِ وَامْتِنَاعِ مَا كَانَ غَيْرَ مُتَيَقَّنٍ لِحَقِّ الْوَارِثِ، فَبَعْدَ أَنْ رَضِيَ كَيْفَ يَتَكَلَّفُ لِلْمَنْعِ اهـ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ إجَازَتَهُمْ لِلزَّائِدِ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا.

وَأَقُولُ: جَوَابُهُ أَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ كَلَامُ الْمُوصِي حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ الَّذِي يَمْلِكُهُ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ كَمَا مَرَّ، وَالْوَصِيَّةُ إيجَابُ تَمْلِيكٍ، فَكَانَ إيجَابُ الثُّلُثِ مُتَيَقَّنًا، وَإِيجَابُ الزَّائِدِ مَشْكُوكًا فِيهِ، وَإِجَازَةُ الْوَارِثِ لَا تَعْمَلُ إلَّا فِيمَا أَوْجَبَهُ الْمُوصِي، وَلَمْ نَتَيَقَّنْ بِإِيجَابِ الْمُوصِي فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَتَّى تَعْمَلَ الْإِجَازَةُ عَمَلَهَا فَلَغَتْ، لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَيْسَتْ ابْتِدَاءَ تَمْلِيكٍ، وَإِنَّمَا هِيَ تَنْفِيذٌ لِعَقْدِ الْمُوصِي الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا وَلِهَذَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُجَازِ لَهُ مِنْ قِبَلِ الْمُوصِي، لَا مِنْ قِبَلِ الْمُجِيزِ كَمَا سَيَجِيءُ آخَرَ الْبَابِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي السَّقِيمِ مِنْ فَيْضِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ (قَوْلُهُ: مُكَرَّرًا) بِأَنْ قَالَ لَهُ سُدُسُ مَالِي، لَهُ سُدُسُ مَالِي فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ) وَهِيَ سُدُسٌ فَإِنَّهُ ذُكِرَ مُعَرَّفًا بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَالِ قَدْ أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً: أَيْ فَكَانَتْ عَيْنَ الْأُولَى وَهَذَا عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ غَيْرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: ٤٨]- أَيْ التَّوْرَاةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ لِقَرِينَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ أَوْضَحْنَاهَا فِي حَوَاشِينَا عَلَى شَرْحِ الْمَنَارِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَبِيدِهِ) وَلَا تَكُونُ إلَّا مُتَفَاوِتَةً فَلِذَا فَصَّلَ فِي الثِّيَابِ فَقَطْ

<<  <  ج: ص:  >  >>