للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَارُ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.

(وَصِهْرُهُ كُلُّ ذِي رَحِمِ مُحَرَّمٍ مِنْ عُرْسِهِ) كَآبَائِهَا وَأَعْمَامِهَا وَأَخْوَالِهَا وَأَخَوَاتِهَا وَغَيْرِهِمْ (بِشَرْطِ مَوْتِهِ وَهِيَ مَنْكُوحَتُهُ أَوْ مُعْتَدَّتُهُ مِنْ رَجْعِيٍّ) فَلَوْ مِنْ بَائِنٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَإِنْ وَرِثَتْ مِنْهُ. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَيَخْتَصُّ بِأَبَوَيْهَا عِنَايَةٌ وَغَيْرُهَا، وَأَقَرَّهُ الْقُهُسْتَانِيُّ.

قُلْت: لَكِنْ جَزَمَ فِي الْبُرْهَانِ وَغَيْرِهِ بِالْأَوَّلِ وَأَقَرَّهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْعَيْنِيِّ أَنَّ قَوْلَ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ بِنْتَ الْحَارِثِ صَوَابُهُ جَوَيْرِيَةَ قُلْت: فَلْتُحْفَظْ هَذِهِ الْفَائِدَةَ.

(وَخَتَنُهُ زَوْجُ كُلِّ ذِي) كَذَا النُّسَخُ قُلْت الْمُوَافِقُ لِعَامَّةِ الْكُتُبِ ذَاتِ (رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَأَزْوَاجِ بَنَاتِهِ وَعَمَّاتِهِ

ــ

[رد المحتار]

الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ فَهُوَ مِمَّا رُجِّحَ فِيهِ الْقِيَاسُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ. [تَنْبِيهٌ] يَسْتَوِي فِي الْجَارِ سَاكِنٌ وَمَالِكٌ وَذَكَرٌ وَأُنْثَى وَمُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ وَصَغِيرٌ وَكَبِيرٌ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ عِنْدَهُ.

وَقَالَا تِلْكَ وَصِيَّةٌ لِمَوْلَاهُ وَهُوَ غَيْرُ جَارٍ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَلَا تَدْخُلُ مَنْ لَهَا بَعْلٌ لِتَبَعِيَّتِهَا فَلَمْ تَكُنْ جَارًا حَقِيقَةً مَقْدِسِيٌّ، وَقَوْلُهُ: وَمَالِكٌ: يَعْنِي إذَا كَانَ سَاكِنًا أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ: وَصِهْرُهُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ عُرْسِهِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ أَعْتَقَ كُلَّ مَنْ مَلَكَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا إكْرَامًا لَهَا» وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَصْهَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا التَّفْسِيرُ اخْتِيَارُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَزَوْجَةِ ابْنِهِ وَزَوْجَةِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لِأَنَّ الْكُلَّ أَصْهَارٌ هِدَايَةٌ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ اسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّهُ مُؤَيَّدٌ بِقَوْلِ الْخَلِيلِ، لَا يُقَالُ لِأَهْلِ بَيْتِ الْمَرْأَةِ إلَّا الْأَصْهَارُ. وَفِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْبَزْدَوِيِّ، قَدْ يُطْلَقُ الصِّهْرُ عَلَى الْخَتَنِ، لَكِنَّ الْغَالِبَ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ أَتْقَانِيٌّ مُلَخَّصًا، وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَخَوَاتِهَا) كَذَا فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ وَإِخْوَتِهَا لِأَنَّ أَخَوَات جَمْعُ أُخْتٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَرِثَتْ مِنْهُ) بِأَنْ أَبَانَهَا فِي الْمَرَضِ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يَقْطَعُ النِّكَاحَ، وَالْبَائِنُ يَقْطَعُهُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ: عِنَايَةٌ) لَمْ أَجِدْ ذَلِكَ فِيهَا، نَعَمْ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: قُلْت لَكِنْ إلَخْ) .

أَقُولُ: الظَّاهِرُ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ، لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّ مُطْلَقَ الْكَلَامِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ اهـ حَتَّى لَوْ تُعُورِفَ خِلَافُ ذَلِكَ كُلِّهِ يُعْتَبَرُ كَأَهْلِ دِمَشْقَ يُطْلِقُونَ الصِّهْرَ عَلَى الْخَتَنِ وَلَا يَفْهَمُونَ مِنْهُ غَيْرَهُ وَهِيَ لُغَةٌ كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا مَا فِي الْبُرْهَانِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ نَقْلٌ لِمَا دَوَّنَهُ صَاحِبُ الْمُذْهَبِ، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ هُنَا لَا يُعْتَبَرُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَدَبَّرْ، (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَقَلَ) أَيْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْعَيْنِيِّ أَيْ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ عِنْدَ عِبَارَتِهَا الَّتِي نَقَلْنَاهَا آنِفًا (قَوْلُهُ: صَوَابُهُ جَوَيْرِيَةَ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «وَقَعَتْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَابْنِ عَمٍّ لَهُ فَكَاتَبَتْ عَنْ نَفْسِهَا» . وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ وَابْنِ رَاهْوَيْهِ «أَنَّهُ كَاتَبَهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ مِنْ الذَّهَبِ، فَدَخَلَتْ تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّك رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ سَيِّدُ قَوْمِهِ أَصَابَنِي مِنْ الْأَمْرِ مَا قَدْ عَلِمْت فَوَقَعْت فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فَكَاتَبَنِي عَلَى مَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ، وَمَا أَكْرَهَنِي عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنِّي رَجَوْتُك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك - فَأَعِنِّي فِي فِكَاكِي، فَقَالَ: أَوَخَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ مَا هُوَ؟ قَالَ: أُؤَدِّي عَنْك كِتَابَتَك وَأَتَزَوَّجُك. قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: قَدْ فَعَلْت، فَأَدَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابَتِهَا وَتَزَوَّجَهَا فَخَرَجَ الْخَبَرُ إلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْتَرَقُّونَ فَأَعْتَقُوا مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ سَبْيِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِائَةً أَهْلَ بَيْتٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ عَلَى قَوْمِهَا أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>