(أَوْصَى إلَى زَيْدٍ) أَيْ جَعَلَهُ وَصِيًّا (وَقَبِلَ عِنْدَهُ صَحَّ، فَإِنْ رَدَّ عِنْدَهُ) أَيْ بِعِلْمِهِ (يَرْتَدُّ وَإِلَّا لَا يَصِحُّ) الرَّدُّ بِغَيْبَتِهِ لِئَلَّا يَصِيرَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ، وَيَصِحُّ إخْرَاجُهُ عَنْهَا وَلَوْ فِي غَيْبَتِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِلثَّانِي بَزَّازِيَّةٌ (فَإِنْ سَكَتَ) الْمُوصَى إلَيْهِ (فَمَاتَ) مُوصِيهِ (فَلَهُ الرَّدُّ وَالْقَبُولُ وَلَزِمَ) عَقْدَ الْوَصِيَّةِ (بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِنْ جَهِلَ بِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ وَصِيًّا؛ فَإِنَّ عِلْمَ الْوَصِيِّ بِالْوِصَايَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ (بِخِلَافِ الْوَكِيلِ) فَإِنَّ عِلْمَهُ بِالْوَكَالَةِ
ــ
[رد المحتار]
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبَلَهَا لِأَنَّهَا عَلَى خَطَرٍ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: الدُّخُولُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ غَلَطٌ. وَالثَّانِيَةُ خِيَانَةٌ وَالثَّالِثَةُ سَرِقَةٌ. وَعَنْ الْحَسَنِ: لَا يَقْدِرُ الْوَصِيُّ أَنْ يَعْدِلَ وَلَوْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَقَالَ أَبُو مُطِيعٍ: مَا رَأَيْت فِي مُدَّةِ قَضَائِي عِشْرِينَ سَنَةً مَنْ يَعْدِلُ فِي مَالِ ابْنِ أَخِيهِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَلِبَعْضِهِمْ:
احْذَرْ مِنْ الْوَاوَاتِ ... أَرْبَعَةً فَهُنَّ مِنْ الْحُتُوفِ
وَاوَ الْوَكَالَةِ وَالْوَلَا ... يَةِ وَالْوِصَايَةِ وَالْوُقُوفِ
(قَوْلُهُ أَوْصَى إلَى زَيْدٍ) ضَمَّنَهُ مَعْنَى فَوَّضَ فَعَدَّاهُ بِإِلَى، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَيَصِحُّ هَذَا التَّفْوِيضُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ.
فَفِي الْخَانِيَّةِ أَنْتَ وَكِيلِي بَعْدَ مَوْتِي يَكُونُ وَصِيًّا أَنْتَ وَصِيِّي فِي حَيَاتِي يَكُونُ وَكِيلًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إقَامَةٌ لِلْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ فَيَنْعَقِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعِبَارَةِ الْآخَرِ اهـ. وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا: أَنْتَ وَصِيِّي أَوْ أَنْتَ وَصِيِّي فِي مَالِي أَوْ سَلَّمْت إلَيْك الْأَوْلَادَ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ تَعَهَّدْ أَوْلَادِي بَعْدَ مَوْتِي أَوَقُمُ بِلَوَازِمِهِمْ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَا جَرَى مَجْرَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ يَكُونُ وَصِيًّا.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ افْعَلُوا كَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَالْكُلُّ أَوْصِيَاءُ، وَلَوْ سَكَتُوا حَتَّى مَاتَ فَقَبِلَ مِنْهُمْ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَهُمْ أَوْصِيَاءُ وَلَوْ قَبْلَ وَاحِدٍ لَمْ يَتَصَرَّفْ حَتَّى يُقِيمَ الْقَاضِي مَعَهُ غَيْرَهُ أَوْ يُطْلَقَ لَهُ التَّصَرُّفَ لِأَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا.
وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ جَعَلَ رَجُلًا وَصِيًّا فِي نَوْعٍ صَارَ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا اهـ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ ط (قَوْلُهُ أَيْ بِعِلْمِهِ) تَفْسِيرٌ لِلْ (عِنْدَ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ الْحُضُورُ ط (قَوْلُهُ بِغَيْبَتِهِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقُولَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ بَلْ إسْقَاطُهُ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ اهـ ح لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ بِعِلْمِهِ أَيْ بِأَنْ رَدَّ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ بِلَا عِلْمِهِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ) أَيْ الْمَيِّتُ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فَفِيهِ إضْرَارٌ بِالْمَيِّتِ وَأَشَارَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالْمُوصَى إلَيْهِ فَإِنَّ قَبُولَ الْأَوَّلِ فِي الْحَالِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، حَتَّى لَوْ قَبِلَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي ثُمَّ رَدَّ بَعْدَهَا صَحَّ لِأَنَّ نَفْعَهُ بِالْوَصِيَّةِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ فِي الْعِنَايَةِ. [تَنْبِيهٌ]
وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ عِلْمَ الْقَاضِي بِعَزْلِهِ، كَمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ نَفْسِهِ وَعِلْمُ السُّلْطَانِ فِي عَزْلِ الْقَاضِي نَفْسِهِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ إخْرَاجُهُ) أَيْ بَعْدَ قَبُولِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي غَيْبَتِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْعَزْلُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَهُ الرَّدُّ وَالْقَبُولُ) إذْ لَا تَغْرِيرَ هُنَا، لِأَنَّ الْمُوصِيَ هُوَ الَّذِي اغْتَرَّ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّفْ عَنْ حَالِهِ أَنَّهُ قَبِلَ الْوِصَايَةَ أَمْ لَا دُرَرٌ.
أَقُولُ: لَكِنَّ رَدَّهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ بَعْدَ الرَّدِّ صَحَّ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَلَزِمَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقَبُولَ كَمَا يَكُونُ بِالْقَوْلِ يَكُونُ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ لِصُدُورِهِ مِنْ الْأَهْلِ عَنْ وَلَايَةٍ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا يَصْلُحُ لِلْوَرَثَةِ أَوْ قَضَى مَالًا أَوْ اقْتَضَاهُ اخْتِيَارٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ إلَخْ) لِأَنَّ التَّوْكِيلَ إنَابَةٌ لِثُبُوتِهِ فِي حَالِ قِيَامِ وَلَايَةِ الْمُوَكِّلِ. أَمَّا الْإِيصَاءُ فَخِلَافُهُ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ