(وَتَصِحُّ قِسْمَتُهُ) أَيْ الْوَصِيِّ حَالَ كَوْنِهِ (نَائِبًا عَنْ وَرَثَةٍ) كِبَارٍ (غُيَّبٍ أَوْ صِغَارٍ مَعَ الْمُوصَى لَهُ) بِالثُّلُثِ (وَلَا رُجُوعَ) لِلْوَرَثَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (إنْ ضَاعَ قِسْطُهُمْ مَعَهُ) أَيْ الْوَصِيِّ لِصِحَّةِ قِسْمَتِهِ حِينَئِذٍ (وَ) أَمَّا (قِسْمَتُهُ عَنْ الْمُوصَى لَهُ) الْغَائِبِ أَوْ الْحَاضِرِ بِلَا إذْنِهِ (مَعَهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ وَلَوْ صِغَارًا زَيْلَعِيٌّ (فَلَا) تَصِحُّ، وَحِينَئِذٍ (فَيَرْجِعُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ) مِنْ الْمَالِ (إذَا ضَاعَ قِسْطُهُ) لِأَنَّهُ كَالشَّرِيكِ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْوَصِيِّ، وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.
(وَصَحَّ قِسْمَةُ الْقَاضِي وَأَخْذُهُ قِسْطَ الْمُوصَى لَهُ إنْ غَابَ) الْمُوصَى لَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْقَاضِي أَوْ أَمِينِهِ وَهَذَا (فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ) لِأَنَّهُ إفْرَازٌ (وَفِي غَيْرِهِمَا لَا) تَجُوزُ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ كَالْبَيْعِ، وَبَيْعُ مَالِ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا الْقِسْمَةُ (وَإِنْ قَاسَمَهُمْ الْوَصِيُّ فِي الْوَصِيَّةِ بِحَجٍّ حَجَّ) عَنْ الْمَيِّتِ (بِثُلُثِ مَا بَقِيَ إنْ هَلَكَ) الْمَالُ (فِي يَدِهِ أَوْ) فِي يَدِ (مَنْ دُفِعَ إلَيْهِ لِيَحُجَّ) خِلَافًا لَهُمَا
ــ
[رد المحتار]
الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٍ، لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُبْهِمَ فَيَقُولَ جَعَلْتُك وَصِيِّي مِنْ بَعْدِي أَوْ وَصِيًّا أَوْ نَحْوَهُ أَوْ يُبَيِّنَ فَيَقُولَ فِي تَرِكَتِي أَوْ يَقُولَ فِي تَرِكَةِ مُوصِيَّ أَوْ يَقُولَ فِي التَّرِكَتَيْنِ، فَإِذَا أَبْهَمَ أَوْ بَيَّنَ فَقَالَ فِي التَّرِكَتَيْنِ فَهُوَ وَصِيٌّ فِيهِمَا عِنْدَهُمْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ، وَإِنْ قَالَ فِي تَرِكَتِي فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ أَنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا فِيهِمَا لِأَنَّ تَرِكَةَ مُوصِيهِ تَرِكَتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ. وَعَنْهُمَا أَيْضًا رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى تَرِكَتِهِ، وَإِنْ قَالَ فِي تَرِكَةِ الْأَوَّلِ فَهُوَ كَمَا قَالَ عِنْدَهُمْ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَكَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْلِيلُ الِاخْتِيَارِ إذْ لَيْسَتْ تَرِكَتُهُ تَرِكَةَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ تَرِكَتِي لِأَنَّ تَرِكَةَ مُوصِيهِ تَرِكَتُهُ فَتَنَاوَلَهَا اللَّفْظُ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُخَصِّصَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَتَصِحُّ قِسْمَتُهُ إلَخْ) صُورَتُهُ: رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ أَوْ كِبَارٌ غَيْبٌ فَقَاسَمَ الْوَصِيَّ مَعَ الْمُوصَى لَهُ نَائِبًا عَنْ الْوَرَثَةِ وَأَعْطَاهُ الثُّلُثَ وَأَمْسَكَ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ فَالْقِسْمَةُ نَافِذَةٌ عَلَى الْوَرَثَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَهُوَ مُقَاسَمَتُهُ مَعَ الْوَارِثِ نَائِبًا عَنْ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ وَالْوَصِيَّ كِلَاهُمَا خَلَفٌ عَنْ الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ خَصْمًا عَنْهُمْ وَقَائِمًا مَقَامَهُمْ. وَأَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَلَيْسَ بِخَلِيفَةٍ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصِيِّ مُنَاسَبَةٌ حَتَّى يَكُونَ خَصْمًا عَنْهُ وَقَائِمًا مَقَامَهُ فِي نُفُوذِ الْقِسْمَةِ عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ
وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ عَنْ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ فِي الْأُولَى تَجُوزُ فِي الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ لَوْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَإِلَّا فَفِي الْعُرُوضِ فَقَطْ، وَفِي الثَّانِيَةِ تَبْطُلُ فِيهِمَا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِمَا، وَبِهِ جَزَمَ الزَّيْلَعِيُّ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ صِغَارًا فَلِلْوَصِيِّ بَيْعُهُمَا وَلَوْ كِبَارًا فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ عَلَيْهِمْ، وَلَهُ بِيَعُ الْمَنْقُولِ فَكَذَا الْقِسْمَةُ لِأَنَّهَا نَوْعُ بَيْعٍ اهـ.
أَقُولُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَإِلَّا فَلَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ إفْرَازُ حِصَّةِ الصِّغَارِ عَنْ غَيْرِهِمْ أَمَّا لَوْ أَرَادَ إفْرَازَ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْ الصِّغَارِ عَنْ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ آخِرَ الْوَصَايَا فِي الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ غُيَّبٍ) أَيْ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ) أَيْ فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ هَلَكَ فِي أَيْدِيهمْ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُمْ قَدْرَ ثُلُثِ مَا قَبَضُوا وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْوَصِيُّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ وَالْوَرَثَةُ بِالْقَبْضِ فَيُضَمِّنُ أَيُّهُمَا شَاءَ زَيْلَعِيٌّ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي، أَمَّا لَوْ قَسَمَ بِأَمْرِهِ جَازَ فَلَا يَرْجِعُ مِسْكِينٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَالشَّرِيكِ) أَيْ لِلْوَرَثَةِ فَيَتْوَى مَا تَوَى مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى الشَّرِكَةِ وَيَبْقَى مَا يَبْقَى عَلَيْهَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ مَعَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِضَاعَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ) أَيْ وَلَهُ وَلَايَةُ الْحِفْظِ زَيْلَعِيٌّ
(قَوْلُهُ وَصَحَّ قِسْمَةُ الْقَاضِي) لِأَنَّهُ نَاظِرٌ فِي حَقِّ الْعَاجِزِ وَإِفْرَازُ نَصِيبِ الْغَائِبِ وَقَبْضُهُ مِنْ النَّظَرِ فَنَفَذَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَصَحَّ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ) أَيْ مِنْ مَنْزِلِ الْآمِرِ أَوْ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ وَهَكَذَا إنْ هَلَكَ ثَانِيًا وَثَالِثًا إلَّا أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ ثُلُثِهِ مَا يُبْلِغُ الْحَجَّ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ الْمُفْرَزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute