للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْيَتِيمِ (لِنَفْسِهِ) فَإِنْ فَعَلَ تَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ (وَجَازَ) لَوْ اتَّجَرَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ (لِلْيَتِيمِ) وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ.

قُلْت: وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ شَيْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ، وَفِيهَا فِي الْكَلَامِ فِي أَجْرِ الْمِثْلِ: لِلْمُتَوَلِّي أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، فَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ لَا أَجْرَ لَهُ،

ــ

[رد المحتار]

شَيْخُنَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ مُرَادُ السَّقَامِينِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ

(قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ تَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ) أَيْ عِنْدَهُمَا وَيَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ: وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُسَلَّمُ لَهُ الرِّبْحُ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ خَانِيَّةٌ. وَفِيهَا: وَلَا يَمْلِكُ إقْرَاضَ مَالِ الْيَتِيمِ، فَإِنْ أَقْرَضَ ضَمِنَ وَالْقَاضِي يَمْلِكُهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ كَالْوَصِيِّ لَا كَالْقَاضِي، وَلَوْ أَخَذَهُ الْوَصِيُّ قَرْضًا لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا أَنَا أَرْجُو أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقَضَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: الْقَاضِي إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيهِ يَكُونُ غَلَّةً لِلْيَتِيمِ لَا لَوْ وَجَدَهُ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُضَارِبُ، وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ: الْقَاضِي يَأْمُرُ الْوَصِيَّ بِالِاتِّجَارِ وَالشَّرِكَةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ دُونَ الْمُعَامَلَةِ لِأَجْلِ الرِّبْحِ اهـ، وَأَفَادَ الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ جَهَلَةِ الْقُضَاةِ أَنَّهُمْ يَقْضُونَ بِالرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ مُعَامَلَةٍ فِي مَالِهِ إذَا عُومِلَ فِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَيَسْتَنِدُونَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ لَا يُعْبَأُ بِكَلَامِهِ فِي الْمَذْهَبِ فَهُوَ قَضَاءٌ بِالرِّبَا الْمُحَرَّمِ فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ بِمُجَرَّدِ خَيَالَاتٍ فَاسِدَةٍ وَهِيَ النَّظَرُ إلَى الْيَتِيمِ، وَهَلْ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى نَظَرٌ مَا هَذَا إلَّا ضَلَالٌ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْوَصِيُّ عَلَى التِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفِ بِمَالِ الْيَتِيمِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى، وَقَالَ الْبِيرِيُّ: الْوَصِيُّ إذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ لَا يُجْبَرُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ عَلَى النَّاس دُيُونٌ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوا الْوَصِيَّ بِاسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ وَقَضَائِهِ اهـ. [تَنْبِيهٌ]

لَوْ أَجَّرَهُ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ أَوْ الْوَصِيُّ صَحَّ إذْ لَهُمْ اسْتِعْمَالُهُ بِلَا عِوَضٍ لِلتَّهْذِيبِ وَالرِّيَاضَةِ فَبِالْعِوَضِ أَوْلَى، وَالْوَصِيُّ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَفْسِهِ صَحَّ لَا لَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِلْيَتِيمِ، وَلَوْ أَجَّرَ الْأَبُ نَفْسَهُ لَهُ صَحَّ وَلَهُ قَضَاءُ دَيْنِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، وَلَهُمَا بَيْعُ مَالِهِ بِدَيْنِ نَفْسِهِمَا كَرَهْنِهِ بِهِ، وَلَا بَأْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ أَوْ مُحْتَاجًا وَلَا يَضْمَنُ؛ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ فَيَأْكُلُ بِقَدْرِهَا، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَخْذُ مَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً وَلَا إقْرَاضُ مَالِهِ، وَلَوْ أَقْرَضَ لَا يُعَدُّ خِيَانَةً فَلَا يُعْزَلُ بِهَا، وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَهُ بِنَفْسِهِ، وَتَمَامُ الْفُرُوعِ فِي ٢٧ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

(قَوْلُهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ) لَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَإِلَّا فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ صِحَّةَ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ ط (قَوْلُهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ) تَمَامُ عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ الْحَطُّ اهـ أَيْ إلَى قَدْرِ ثُلُثِ الْمَالِ.

قَالَ الْبِيرِيُّ: وَفِي تَلْخِيصِ الْكُبْرَى أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ أَمَتُهُ مِمَّنْ أَحَبَّتْ جَازَ وَتُجْبَرُ وَرَثَتُهُ عَلَى بَيْعِهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ، وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ الرَّجُلُ أَخْذَهَا بِقِيمَتِهَا حَطَّ مِنْ قِيمَتِهَا قَدْرَ ثُلُثِ مَالِ الْمُوصِي زَادَ فِي الْحَاوِي أَنَّهُ يَكُونُ كَالْوَصِيَّةِ اهـ، قَالَ أَبُو السُّعُودِ: وَانْظُرْ إذَا كَانَ جَمِيعُ قِيمَتِهَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ هَلْ تُعْطَى لَهُ بِدُونِ ثَمَنٍ، وَقَوْلُ الْحَاوِي يَكُونُ كَالْوَصِيَّةِ يَقْتَضِيهِ اهـ.

أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّهُ أَوْصَى بِبَيْعِهَا لَا بِدَفْعِهَا مَجَّانًا وَالْبَيْعُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ثَمَنٍ وَإِنْ قَلَّ، فَهُوَ وَصِيَّةٌ مِنْ حَيْثُ الْمُحَابَاةُ إلَى الثُّلُثِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَوْلُ الْحَاوِي كَالْوَصِيَّةِ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ أَتَى بِكَافِ التَّشْبِيهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِلْمُتَوَلِّي أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ) حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَقْفُ طَاحُونَةً يَسْتَغِلُّهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فَلَا أَجْرَ لَهُ فِيهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهَذَا فِي نَاظِرٍ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ ط.

أَقُولُ: وَفِي تَعْبِيرِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ، حَتَّى لَوْ جَعَلَ لَهُ الْعُشْرَ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ يَرُدُّ الزَّائِدَ كَمَا حَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ شَرْحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>