وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي ثَمَانٍ: لَيْسَ لِوَصِيِّ الْقَاضِي الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ، وَلَا أَنْ يَبِيعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَلَا أَنْ يَقْبِضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَأٍ مِنْ الْقَاضِي وَلَا أَنْ يُؤْجِرَ الصَّغِيرَ لِعَمَلٍ مَا، وَلَا أَنْ يَجْعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ عَدَمِهِ، وَلَوْ خَصَّصَهُ الْقَاضِي تَخَصَّصَ،
ــ
[رد المحتار]
وَمِنْهَا مَا لَوْ صَدَّقَ الْوَصِيُّ مُدَّعِيَ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ بَلْ يُنَصِّبُ غَيْرَهُ لِيَصِلَ الْمُدَّعِي إلَى حَقِّهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ.
وَمِنْهَا إذَا أَسْلَمَتْ زَوْجَةُ الْمَجْنُونِ الْكَافِرِ وَلَا أَب لَهُ وَلَا أُمَّ يُنَصِّبُ عَنْهُ الْقَاضِي وَصِيًّا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْفُرْقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نِكَاحِ الْكَافِرِ،
وَمِنْهَا نَصَّبَ الْوَصِيُّ عَنْ الْمَفْقُودِ.
وَمِنْهَا إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا لِلْمَيِّتِ فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَلَا يَخْرُجُ الْأَوَّلُ عَنْ الْوِصَايَةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ فَقَدْ بَلَغَتْ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ وَالتَّتَبُّعُ يَنْفِي الْحَصْرَ
(قَوْلُهُ إلَّا فِي ثَمَانٍ) يُزَادُ عَلَيْهَا تَاسِعَةٌ نَذْكُرُهَا قَرِيبًا. وَعَاشِرَةٌ هِيَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي لَوْ عَيَّنَ لَهُ أَجْرَ الْمِثْلِ جَازَ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ الْقُنْيَةِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَيْسَ لِوَصِيِّ الْقَاضِي الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَا بَيْعُ مَالِ نَفْسِهِ مِنْهُ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ فَيَجُوزُ بِشَرْطِ مَنْفَعَةٍ ظَاهِرَةٍ لِلْيَتِيمِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ فَلَوْ اشْتَرَى هَذَا الْوَصِيُّ مِنْ الْقَاضِي أَوْ بَاعَ جَازَ حَمَوِيٌّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَبِيعَ إلَخْ) لِلتُّهْمَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْبَيْعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشِّرَاءَ مِثْلُهُ ط (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَقْبِضَ إلَخْ) أَيْ لَوْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا لِيُخَاصِمَ عَنْ الصَّغِيرِ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ عَقَارٌ لِلصَّغِيرِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَيْسَ لَهُ الْقَبْضُ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَإٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِيصَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ بِهِ وَقْتَ إذْنِهِ بِالْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّ الْأَبَ جَعَلَهُ خَلَفًا عَنْ نَفْسِهِ فَكَانَ رَأْيُهُ بَاقِيًا بِبَقَاءِ خَلَفِهِ، وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا حَقِيقَةً لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ فَكَذَا إذَا كَانَ بَاقِيًا حُكْمًا كَمَا قَالَهُ الْخَصَّافُ وَهَذَا يُفِيدُ الْقَطْعَ بِأَنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي. قَالَ الْبِيرِيُّ: وَأَفَادَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ سُؤَالُ وَصِيِّ الْمَيِّتِ عَنْ مِقْدَارِ التَّرِكَةِ وَلَا التَّكَلُّمُ مَعَهُ فِي أَمْرِهَا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي وَتَمَامُهُ فِيهِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْبِيرِيُّ يُزَادُ عَلَى الثَّمَانِ مَسَائِلَ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يُؤْجِرَ الصَّغِيرَ لِعَمَلٍ مَا) أَيْ لِأَيِّ عَمَلٍ كَانَ، وَهَذَا عَزَاهُ فِي الْأَشْبَاهِ إلَى الْقُنْيَةِ،
أَقُولُ: يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ إيجَارَهُ مَنْ لَا وِصَايَةَ لَهُ أَصْلًا وَهُوَ رَحِمُهُ الْمُحْرِمِ الَّذِي هُوَ فِي حِجْرِهِ تَأَمَّلْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى تَسْلِيمُهُ فِي حِرْفَةٍ.
وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤْجِرَ نَفْسَ الْيَتِيمِ وَعَقَارَاتِهِ وَسَائِرَ أَمْوَالِهِ وَلَوْ بِيَسِيرِ الْغَبْنِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ حَائِكًا أَوْ حَجَّامًا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ يَعُولُهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْحَائِكِ أَوْ الْحَجَّامِ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَجْعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ عَدَمِهِ) أَيْ مَوْتِهِ. قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ اهـ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ مَا نَصُّهُ: الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ سَوَاءٌ كَانَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ أَوْ وَصِيَّ الْقَاضِي اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ، وَيَأْتِي التَّوْفِيقُ (قَوْلُهُ وَلَوْ خَصَّصَهُ الْقَاضِي تَخَصَّصَ) لِأَنَّ نَصْبَ الْقَاضِي إيَّاهُ قَضَاءٌ وَالْقَضَاءُ قَابِلٌ لِلتَّخْصِيصِ، وَوَصِيُّ الْأَبِ لَا يَقْبَلُهُ بَلْ يَكُونُ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ بِيرِيٌّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
قُلْت: أَوْ لِأَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي كَالْوَكِيلِ كَمَا مَرَّ فَيَتَخَصَّصُ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute