للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّيِّدُ امْرَأَةً خَتَّانَةً لِتَخْتِنَهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا صَحَّ النِّكَاحُ، وَإِنْ أُنْثَى فَنَظَرُ الْجِنْسِ أَخَفُّ، ثُمَّ: يُطَلِّقُهَا وَتَعْتَدُّ إنْ خَلَا بِهَا احْتِيَاطًا

(وَيُكْرَهُ لَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالْحُلِيِّ، وَلَا يَخْلُو بِهِ غَيْرُ مَحْرَمٍ) وَإِنْ قَبَّلَهُ رَجُلٌ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ

(وَلَا يُسَافِرُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ

(وَإِنْ قَالَ أَنَا رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ) فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ (وَقِيلَ يُعْتَبَرُ) لِأَنَّهُ لَا يَقِفُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، لَكِنْ فِي الْمُلْتَقَى بَعْدَ تَقَرُّرِ إشْكَالِهِ لَا يُقْبَلُ وَقِيلَ يُقْبَلُ. قُلْت: وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ، وَيَضْعُفُ مَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ شَرْحِ الْفَرَائِضِ لِلسَّيِّدِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا فَتَنَبَّهْ.

(وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ظُهُورِ حَالِهِ لَمْ يُغَسَّلْ وَيُمِّمَ بِالصَّعِيدِ) لِتَعَذُّرِ الْغُسْلِ

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ كَوْنَهُ مَوْقُوفًا إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إمَّا صَحِيحٌ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَيَحِلُّ النَّظَرُ وَإِمَّا بَاطِلٌ إنْ كَانَ أُنْثَى فَيَكُونُ فِيهِ نَظَرُ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ فَهُوَ مُفِيدٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِنَاءً عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا) أَيْ إذَا كَانَ بَالِغًا

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالْحُلِيِّ) لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَحَالُهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ بَعْدُ فَيُؤْخَذُ بِالِاحْتِيَاطِ فَإِنَّ الِاجْتِنَابَ عَنْ الْحَرَامِ فَرْضٌ وَالْإِقْدَامُ عَلَى الْمُبَاحِ مُبَاحٌ فَيُكْرَهُ حَذَرًا عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ) أَيْ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَبِّلِ بِشَهْوَةٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهُ قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَكَذَا لَوْ قَبَّلْته امْرَأَةُ لَا تَتَزَوَّجُ أَبَاهُ حَتَّى يَتَّضِحَ الْحَالُ بِظُهُورِهِ مِثْلُ الْمُقَبِّلِ اهـ. قُلْت: وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْخُرُوجِ التَّحْرِيمُ وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ مِثْلُ الْمُقَبِّلِ لَا يَرْفَعُ هَذَا الْأَصْلَ الثَّابِتَ فَلَا يُنَافِي مَا حَرَّرْنَاهُ سَابِقًا تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَلَا يُسَافِرُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ) أَيْ مِنْ الرِّجَالِ. وَيُكْرَهُ مَعَ امْرَأَةٍ وَلَوْ مَحْرَمًا لِجَوَازِ كَوْنِهِ أُنْثَى فَيَكُونُ سَفَرَ امْرَأَتَيْنِ بِلَا مَحْرَمٍ لَهُمَا وَذَلِكَ حَرَامٌ إتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ بَعْدَ تَقَرُّرِ إشْكَالِهِ) أَيْ تَقَرُّرِهِ عِنْدَنَا بِعِلْمِنَا كَمَا لَوْ رَأَيْنَا لَهُ ثَدْيَيْنِ وَلِحْيَةً. قُلْت: وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ أَيْ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي أَوْهَمَ الْمُصَنِّفَ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ قَالَ الْخُنْثَى أَنَا رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إنْ كَانَ مُشْكِلًا لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ. وَفِي النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إنْ قَالَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ أَنَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْقَوْلُ لِلْأَمِينِ مَا لَمْ يُعْرَفْ خِلَافُ مَا قَالَ، وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ اهـ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ مُلَخَّصًا. أَقُولُ: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مُرَادَ الذَّخِيرَةِ بِالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ لَنَا إشْكَالُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مَا لَمْ يُعْرَفْ خِلَافُ مَا قَالَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا آخِرُ عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ الْمَذْكُورَةُ فِي النِّهَايَةِ وَنَصُّهُ: وَلَمَّا لَمْ يُعْرَفْ كَوْنُهُ مُشْكِلًا لَمْ يُعْرَفْ خِلَافُ مَا قَالَ فَصَدَقَ فِيمَا قَالَ، وَمَتَى عُرِفَ كَوْنُهُ مُشْكِلًا فَقَدْ عُرِفَ خِلَافُ مَا قَالَ وَعُرِفَ أَنَّهُ مُجَازِفٌ فِي مَقَالَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مِنْ نَفْسِهِ إذَا كَانَ مُشْكِلًا إلَّا مَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ اهـ وَهَذَا الزَّيْلَعِيُّ فَأَوْهَمَ أَنَّ مَا فِي الذَّخِيرَةِ خِلَافُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فَجَعَلَهُمَا قَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْكِفَايَةِ شَرَحَ كَلَامَ الْهِدَايَةِ بِكَلَامِ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ قَبْلَ تَقَرُّرِ إشْكَالِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ السَّيِّدَ قُدِّسَ سِرُّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمُشْكِلَ وَقَيَّدَ بِالْأُمُورِ الْبَاطِلَةِ الَّتِي لَا تُقَرِّرُ لَنَا إشْكَالَهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِيمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ بَاطِنًا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ وَإِذَا أَخْبَرَ الْخُنْثَى بِحَيْضٍ أَوْ مَنِيٍّ أَوْ مَيْلٍ إلَى الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ يَقِينًا مِثْلُ أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهُ رَجُلٌ ثُمَّ يَلِدَ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ اهـ

(قَوْلُهُ وَيُمِّمَ) أَيْ بِخِرْقَةٍ إنْ يَمَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ وَبِغَيْرِهَا إنْ يَمَّمَهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَيَعْرِضُ الْأَجْنَبِيُّ وَجْهَهُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ امْرَأَةً وَلَا يَشْتَرِي جَارِيَةً لِلْغُسْلِ كَمَا كَانَ يُفْعَلُ لِلْخِتَانِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَقْبَلُ الْمَالِكِيَّةَ فَالشِّرَاءُ غَيْرُ مُفِيدٍ عِنَايَةٌ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَإِنْ مَلَكَهُ وَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَغْسِلُ سَيِّدَهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْكَمَالِ مِنْ بَقَاءِ مِلْكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>