للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمُصَلِّي الْجِنَازَةِ يَنْوِي الصَّلَاةَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَ) يَنْوِي أَيْضًا (الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ) لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ أُصَلِّي لِلَّهِ دَاعِيًا لِلْمَيِّتِ (وَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ) ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى (يَقُولُ نَوَيْت أَنْ أُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ) الْإِمَامُ، وَأَفَادَ فِي الْأَشْبَاهِ بَحْثًا أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْمَيِّتَ الذَّكَرَ فَبَانَ أَنَّهُ أُنْثَى أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَجُزْ،

ــ

[رد المحتار]

لَا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ إنْ نَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ مُبْهَمًا يَجُوزُ عَنْ الْقَضَاءِ، وَإِنْ نَوَى عَنْ السَّنَةِ مُفَسَّرًا فَلَا. اهـ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَمَثَّلَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِمَنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو صَحَّ، وَلَوْ اقْتَدَى بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ إلَّا أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي ظَنِّهِ فَلَا يُقْدَحُ: وَفِي الثَّانِي اقْتَدَى بِزَيْدٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ زَيْدًا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْتَدِ بِأَحَدٍ فَكَذَا هُنَا إذَا نَوَى صَوْمَ كُلِّ سَنَةٍ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ تَعَلَّقَتْ نِيَّةُ الْوَاجِبِ بِمَا عَلَيْهِ لَا بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إلَّا أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ لِلثَّانِيَةِ فَأَخْطَأَ فِي ظَنِّهِ فَيَقَعُ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لَا عَمَّا ظَنَّ انْتَهَى. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَوَى الصَّوْمَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَنْ سَنَةٍ مَخْصُوصَةٍ صَحَّ عَنْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ لِمَا بَعْدَهَا فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ

(قَوْلُهُ وَمُصَلِّي الْجِنَازَةِ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ التَّعْيِينِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ط (قَوْلُهُ يَنْوِي الصَّلَاةَ لِلَّهِ إلَخْ) كَذَا فِي الْمُنْيَةِ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ وَفِي الْمُحِيطِ الرَّضَوِيِّ وَالتُّحْفَةِ وَالْبَدَائِعِ: يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وَصَلَاةَ الْعِيدَيْنِ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَصَلَاةَ الْوِتْرِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يَحْصُلُ بِهَذَا اهـ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَيْسَ بِضَرْبَةِ لَازِبٍ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَنْوِي الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ فَقَطْ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَا رُكُوعَ فِيهَا وَلَا سُجُودَ وَلَا قِرَاءَةَ وَلَا تَشَهُّدَ. اهـ. أَقُولُ: وَهَذَا أَظْهَرُ مِمَّا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى، مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ الْأُنْثَى وَالصَّبِيُّ وَالصَّبِيَّةُ، وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى يَقُولُ: نَوَيْت أَنْ أُصَلِّيَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ. وَهَذَا، وَذَكَرَ ح بَحْثًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ السَّبَبِ وَهُوَ الْمَيِّتُ أَوْ الْأَكْثَرُ، فَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ عَلَى جِنَازَتَيْنِ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ عَلَى إحْدَاهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَوَجْهُهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ حَيْثُ قَالُوا: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ أَرْكَانَهَا الدُّعَاءُ وَالْقِيَامُ وَالتَّكْبِيرُ، لِقَوْلِهِمْ إنَّ حَقِيقَتَهَا هِيَ الدُّعَاءُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا. اهـ. وَفِي النُّتَفِ هِيَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ دُعَاءٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَيْسَتْ بِصَلَاةٍ لِأَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ فِيهَا وَلَا رُكُوعَ وَلَا سُجُودَ اهـ فَحَيْثُ كَانَ حَقِيقَتُهَا الدُّعَاءَ كَانَ وُجُوبُهَا بِاعْتِبَارِ الدُّعَاءِ فِيهَا وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ فِيهَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ، وَحِينَئِذٍ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ يَعُودُ عَلَى الدُّعَاءِ. أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالرُّكْنِيَّةِ فَظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا خُصَّ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ أَرْكَانِهَا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ فَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّعَاءِ مَاهِيَّةُ الصَّلَاةِ لَا نَفْسُ الدُّعَاءِ الْمَوْجُودِ فِيهَا، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ حَقِيقَتَهَا الدُّعَاءُ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ شَافِعٌ لِلْمَيِّتِ، فَهُوَ دَاعٍ لَهُ بِنَفْسِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِالدُّعَاءِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ هِيَ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ، هَكَذَا يَنْبَغِي حِلُّ هَذَا الْمَحِلِّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَيَقُولُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلنِّيَّةِ الْكَامِلَةِ. اهـ. ح. قُلْت: وَفِي جَنَائِزِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْقَوْمَ يَنْوُونَ وَيَقُولُونَ نَوَيْت أَدَاءَ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ عِبَادَةً لِلَّهِ تَعَالَى مُتَوَجِّهًا إلَى الْكَعْبَةِ مُقْتَدِيًا بِالْإِمَامِ، وَلَوْ تَفَكَّرَ الْإِمَامُ بِالْقَلْبِ أَنَّهُ يُؤَدِّي صَلَاةَ الْجِنَازَةِ يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ الْمُقْتَدِي اقْتَدَيْت بِالْإِمَامِ يَجُوزُ اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الصِّيغَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ غَيْرُ لَازِمَةٍ فِي نِيَّتِهَا بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ نِيَّتِهِ فِي قَلْبِهِ أَدَاءَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْحِلْيَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ أَنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْإِمَامِ، فَالْخَطَأُ فِي تَعْيِينِهِ كَالْخَطَأِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ. اهـ. ح أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>