إنْ أَرَادَ تَعْظِيمَهُ كَفَرَ وَإِنْ أَرَادَ الْأَكْلَ كَالشُّرْبِ وَالتَّنْعِيمِ لَا يَكْفُرُ زَيْلَعِيٌّ (وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْقَلَانِسِ) غَيْرَ حَرِيرٍ وَكِرْبَاسٍ عَلَيْهِ إبْرَيْسَمَ فَوْقَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ سِرَاجِيَّةٌ وَصَحَّ أَنَّهُ حَرُمَ لُبْسُهَا (وَنُدِبَ لُبْسُ السَّوَادِ وَإِرْسَالُ ذَنَبِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ إلَى وَسَطِ الظَّهْرِ) وَقِيلَ لِمَوْضِعِ الْجُلُوسِ وَقِيلَ شِبْرٌ.
(وَيُكْرَهُ) أَيْ لِلرِّجَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْكَرَاهِيَةِ (لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ) لِقَوْلِ «ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَقَالَ إيَّاكُمْ وَالْأَحْمَرَ فَإِنَّهُ زِيُّ الشَّيْطَانِ» وَيُسْتَحَبُّ التَّجَمُّلُ وَأَبَاحَ اللَّهُ الزِّينَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى - {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: ٣٢]- الْآيَةَ وَخَرَجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِدَاءٌ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِينَارٍ زَيْلَعِيٌّ
(وَلِلشَّابِّ الْعَالِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الشَّيْخِ الْجَاهِلِ) وَلَوْ قُرَشِيًّا قَالَ تَعَالَى
ــ
[رد المحتار]
قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّخَذَ مَجُوسِيٌّ دَعْوَةً لِحَلْقِ رَأْسِ وَلَدِهِ فَحَضَرَ مُسْلِمٌ دَعْوَتَهُ فَأَهْدَى إلَيْهِ شَيْئًا لَا يَكْفُرُ، وَحُكِيَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ مَجُوسِي سَرْبَلَ كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ حَسَنَ التَّعَهُّدِ بِالْمُسْلِمِينَ، فَاِتَّخَذَ دَعْوَةً لِحَلْقِ رَأْسِ وَلَدِهِ، فَشَهِدَ دَعْوَتَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْدَى بَعْضُهُمْ إلَيْهِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى مُفْتِيهِمْ، فَكَتَبَ إلَى أُسْتَاذِهِ عَلِيٍّ السَّعْدِيِّ أَنْ أَدْرِكْ أَهْلَ بَلَدِك، فَقَدْ ارْتَدُّوا وَشَهِدُوا شِعَارَ الْمَجُوسِيِّ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَكَتَبَ إلَيْهِ إنَّ إجَابَةَ دَعْوَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مُطْلَقَةٌ فِي الشَّرْعِ وَمُجَازَاةُ الْإِحْسَانِ مِنْ الْمُرُوءَةِ وَحَلْقُ الرَّأْسِ لَيْسَ مِنْ شِعَارِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ وَالْحُكْمُ بِرِدَّةِ الْمُسْلِمِ بِهَذَا الْقَدْرِ لَا يُمْكِنُ وَالْأَوْلَى لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يُوَافِقُوهُمْ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِإِظْهَارِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ اهـ (قَوْلُهُ وَالتَّنْعِيمِ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَالتَّنَعُّمِ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ) مِنْ الْبُؤْسِ أَيْ لَا شِدَّةَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ أَوْ مِنْ الْبَأْسِ وَهُوَ الْجَرَاءَةُ أَيْ لَا جَرَاءَةَ فِي مُبَاشَرَتِهِ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهُ لَا يُؤْجَرُ وَلَا يَأْثَمُ بِهِ حَمَوِيٌّ عَنْ الْمِفْتَاحِ اهـ ط. أَقُولُ: وَالْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا تَرْكُهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ الْقَلَانِسِ) جَمْعِ قَلَنْسُوَةٍ بِفَتْحِ الْقَافِ ذَاتِ الْآذَانِ تَحْتَ الْعِمَامَةِ ط (قَوْلُهُ غَيْرِ حَرِيرٍ إلَخْ) رَدَّ عَلَى مِسْكِينٍ حَيْثُ قَالَ لَفْظُ الْجَمْعِ يَشْمَلُ قَلَنْسُوَةَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْكِرْبَاسِ وَالسَّوْدَاءَ وَالْحَمْرَاءَ (قَوْلُهُ وَصَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَبِسَهَا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَمِثْلُهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: أَيْ لَبِسَ الْقَلَانِسَ، وَقَدْ عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالزَّيْلَعِيُّ إلَى الذَّخِيرَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَصَحَّ أَنَّهُ حَرَّمَ لُبْسَهَا أَيْ قَلَانِسَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لُبْسُ السَّوَادِ) لِأَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْغَنَائِمِ حَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لُبْسَ السَّوَادِ مُسْتَحَبٌّ وَأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُجَدِّدَ اللَّفَّ لِعِمَامَتِهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْفُضَهَا كَوْرًا كَوْرًا، فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْسَنُ مِنْ رَفْعِهَا عَنْ الرَّأْسِ، وَإِلْقَائِهَا فِي الْأَرْضِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إرْسَالُ ذَنَبِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ
(قَوْلُهُ وَقَالَ إيَّاكُمْ وَالْأَحْمَرَ) الَّذِي فِي الزَّيْلَعِيِّ: إيَّاكُمْ وَالْحُمْرَةَ فَإِنَّهَا زِيُّ الشَّيْطَانِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ التَّجَمُّلُ إلَخْ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدِهِ أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ» وَأَبُو حَنِيفَةَ كَانَ يَتَرَدَّى بِرِدَاءٍ قِيمَتُهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، وَكَانَ يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ وَيَقُولُ: فَإِنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ إلَيْكُمْ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ " وَمُحَمَّدٌ كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ النَّفِيسَةَ وَيَقُولُ: إنَّ لِي نِسَاءً وَجِوَارِي فَأُزَيِّنُ نَفْسِي كَيْ لَا يَنْظُرُونَ إلَى غَيْرِي قِيلَ لِلشَّيْخِ: أَلَيْسَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَلْبَسُ قَمِيصًا عَلَيْهِ كَذَا رُقْعَةً فَقَالَ: فَعَلَ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ هِيَ أَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُمَّالُهُ يَقْتَدُونَ وَرُبَّمَا لَا يَكُونُ لَهُمْ مَالٌ، فَيَأْخُذُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ذَخِيرَةٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِينَارٍ) تَبِعَ الْمُصَنِّفَ وَاَلَّذِي فِي الزَّيْلَعِيِّ أَلْفٌ دِرْهَمٍ
(قَوْلُهُ وَلِلشَّابِّ الْعَالِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَلِهَذَا يُقَدَّمُ فِي الصَّلَاةِ: وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ: وَهِيَ تَالِيَةُ الْإِيمَانِ زَيْلَعِيٌّ. وَصَرَّحَ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ بِحُرْمَةِ تَقَدُّمِ الْجَاهِلِ عَلَى الْعَالِمِ، حَيْثُ أَشْعَرَ بِنُزُولِ دَرَجَتِهِ عِنْدَ الْعَامَّةِ لِمُخَالَفَتِهِ - {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١]- إلَى أَنْ قَالَ وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute