للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّتِي لَا يَسْتَخِفُّ فِيهَا كَذَا فِي فَوَائِدَ شَتَّى مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ.

ثُمَّ نَقَلَ مَسْأَلَةَ الرُّبَاعِيَّاتِ، وَمَحَطُّهَا أَنَّ الْفِقْهَ هُوَ ثَمَرَةُ الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ ثَوَابُ الْفَقِيهِ أَقَلَّ مِنْ ثَوَابِ الْمُحَدِّثِ، وَفِيهَا كُلُّ إنْسَانٍ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَعْلَمُ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَبِهِ؛ لِأَنَّ إرَادَتَهُ تَعَالَى غَيْبٌ إلَّا الْفُقَهَاءَ فَإِنَّهُمْ عَلِمُوا إرَادَتَهُ تَعَالَى بِهِمْ بِحَدِيثِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» وَفِيهَا: كُلُّ شَيْءٍ يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا الْعِلْمَ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْ نَبِيِّهِ أَنْ يَطْلُبَ الزِّيَادَةَ مِنْهُ - {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤]- فَكَيْفَ يَسْأَلُ عَنْهُ؟ .

ــ

[رد المحتار]

بِأَشْعَارِ الْمُوَلَّدِينَ وَغَيْرِهِمْ لِهَذَا الْقَصْدِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي إشْهَادَاتِ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْمُحَرَّمَ مِنْهُ مَا كَانَ فِي اللَّفْظِ مَا لَا يَحِلُّ كَصِفَةِ الذُّكُورِ وَالْمَرْأَةِ الْمُعَيَّنَةِ الْحَيَّةِ وَوَصْفِ الْخَمْرِ الْمُهَيِّجِ إلَيْهَا وَالْحَانَاتِ وَالْهِجَاءِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إذَا أَرَادَ الْمُتَكَلِّمُ هِجَاءَهُ، لَا إذَا أَرَادَ إنْشَادَ الشِّعْرِ لِلِاسْتِشْهَادِ بِهِ أَوْ لِيُعْلِمَ فَصَاحَتَهُ وَبَلَاغَتَهُ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَصْفَ الْمَرْأَةِ كَذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ إنْشَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِذَلِكَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَكَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَمِمَّا يَقْطَعُ بِهِ فِي هَذَا قَوْلُ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

وَمَا سُعَادُ غَدَاةَ الْبَيْنِ إذْ رَحَلُوا ... إلَّا أَغَنُّ غَضِيضَ الطَّرْفِ مَكْحُولُ

تَجْلُو عَوَارِضَ ذِي ظَلْمٍ إذَا ابْتَسَمَتْ ... كَأَنَّهُ مَنْهَلٌ بِالرَّاحِ مَعْلُولُ

وَكَثِيرٌ فِي شِعْرِ حَسَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ هَذَا كَقَوْلِهِ وَقَدْ سَمِعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

تَبَّلَتْ فُؤَادَك فِي الْمَنَامِ خَرِيدَةٌ ... تَسْقِي الضَّجِيعَ بِبَارِدٍ بَسَّام

فَأَمَّا الزُّهْرِيَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ ذَلِكَ الْمُتَضَمِّنَةُ وَصْفَ الرَّيَاحِينِ وَالْأَزْهَارِ وَالْمِيَاهِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ نَعَمْ إذَا قِيلَ عَلَى الْمَلَاهِي امْتَنَعَ وَإِنْ كَانَ مَوَاعِظَ وَحِكَمًا اهـ مُلَخَّصًا.

وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ النَّوَازِلِ قِرَاءَةُ شِعْرِ الْأَدَبِ إذَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْفِسْقِ وَالْخَمْرِ وَالْغُلَامِ يُكْرَهُ، وَالِاعْتِمَادُ فِي الْغُلَامِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَرْأَةِ: أَيْ مِنْ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً حَيَّةً يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً فَلَا. اهـ. وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قُبَيْلَ بَابِ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يُسْتَخَفُّ فِيهَا) أَيْ لَيْسَ فِيهَا اسْتِخْفَافٌ بِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَذِكْرِ عَوْرَاتِهِ وَالْأَخْذِ فِي عِرْضِهِ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَشْبَاهِ لَا سُخْفَ فِيهَا: أَيْ لَا رِقَّةَ وَخِفَّةَ ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ فِي نَقْلِ) أَيْ فِي الْفَوَائِدِ آخِرَ الْفَنِّ الثَّالِثِ مِنْ الْأَشْبَاهِ عَنْ الْمَنَاقِبِ الْبَزَّازِيِّ وَذَكَرَ الْحَلَبِيُّ عِبَارَتَهُ بِتَمَامِهَا، وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى مَحَطِّهَا: أَيْ الْمَقْصُودِ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: وَفِيهَا) أَيْ فِي الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلْعِرَاقِيِّ.

(قَوْلُهُ: غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَالْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ كَالْعَشَرَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - قَالَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابْلُسِيُّ فِي شَرْحِ هَدِيَّةِ ابْنِ الْعِمَادِ.

(قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ مِنْ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ حَيْثُ أَرَادَ بِهِ تَعَالَى الْخَيْرَ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ وَلَا يَعْلَمُ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا الْفُقَهَاءَ) الْمُرَادُ بِهِمْ الْعَالِمُونَ بِأَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى اعْتِقَادًا وَعَمَلًا؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ عِلْمِ الْفُرُوعِ فِقْهًا تَسْمِيَةٌ حَادِثَةٌ، قَالَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إنَّمَا الْفَقِيهُ الْمُعْرِضُ عَنْ الدُّنْيَا الرَّاغِبِ فِي الْآخِرَةِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْفُصُوصِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا فُصُوصُ الْحُكْمِ لِلشَّيْخِ الْأَكْبَرِ قُدِّسَ سِرُّهُ الْأَنْوَارُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا الْعِلْمَ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ الْحَمَوِيُّ أَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُفِيدُ السُّؤَالَ عَنْ الْعِلْمِ، وَلَفْظُهُ «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>