للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ الَّذِينَ ثَبَتَ إرْثُهُمْ بِالْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَطْعِمُوا الْجَدَّاتِ بِالسُّدُسِ» أَوْ الْإِجْمَاعِ فَجَعَلَ الْجَدَّ كَالْأَبِ وَابْنَ الِابْنِ كَالِابْنِ

(وَيُسْتَحَقُّ الْإِرْثُ) وَلَوْ لِمُصْحَفٍ بِهِ يُفْتَى وَقِيلَ لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْقَارِئِ مِنْ وَلَدَيْهِ صَيْرَفِيَّةٌ بِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ (بِرَحِمٍ وَنِكَاحٍ) صَحِيحٍ فَلَا تَوَارُثَ بِفَاسِدٍ وَلَا بَاطِلٍ إجْمَاعًا (وَوَلَاءٍ)

وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِلتَّرِكَةِ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ مُرَتَّبَةٍ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَيَبْدَأُ بِذَوِي الْفُرُوضِ)

ــ

[رد المحتار]

فِي سَابِقِهِ لِأَنَّهُ آخِرُ الْحُقُوقِ فَلَمْ يَبْقَ مَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ الَّذِينَ ثَبَتَ إرْثُهُمْ بِالْكِتَابِ) أَيْ الْقُرْآنِ وَهُمْ الْأَبَوَانِ وَالزَّوْجَانِ وَالْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ (قَوْلُهُ أَوْ السُّنَّةِ) أَوْ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ مَانِعَةُ الْخُلُوِّ فَتَصْدُقُ بِاجْتِمَاعِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَاءٌ كَانَ فِعْلًا كَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبِنْتِ الصُّلْبِيَّةِ وَالْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ أَوْ قَوْلًا كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحُ أَفَادَهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ (قَوْلُهُ أَوْ الْإِجْمَاعِ) أَيْ اتِّفَاقِ رَأْيِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَصْرٍ مَا عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا: قَوْلُ مُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ كَإِطْلَاقِ الْقُرْآنِ عَلَى كُلِّ آيَةٍ مِنْهُ، لِيَشْمَلَ مَنْ اخْتَلَفَ فِي وِرَاثَتِهِ كَذَوِي الْأَرْحَامِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ رَأْيُ الْمُجْتَهِدِينَ وَلِأَنَّ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي وِرَاثَتِهِ دَلِيلُهُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ فَجُعِلَ الْجَدُّ كَالْأَبِ إلَخْ) وَكَجَعْلِ الْجَدَّةِ كَالْأُمِّ وَبِنْتِ الِابْنِ كَالْبِنْتِ الصُّلْبِيَّةِ وَالْأَخِ لِأَبٍ كَالشَّقِيقِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ كَالشَّقِيقَةِ سَكْبُ الْأَنْهُرِ

(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَقُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَوْ لِلْمَعْلُومِ، وَضَمِيرُهُ لِلْوَارِثِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ بِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا عِلَّةٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضُهَا فَلَا يُنَافِي حُصُولَ الِاسْتِحْقَاقِ بِاثْنَيْنِ مِنْهَا كَزَوْجَةٍ هِيَ بِنْتُ عَمٍّ أَوْ مُعْتَقَةٌ فَيَرِثُ مِنْهَا الزَّوْجُ النِّصْفَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَالْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ أَوْ الْوَلَاءِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَنِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ وَلَا خَلْوَةٍ إجْمَاعًا دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ فَلَا تَوَارُثَ بِفَاسِدٍ) هُوَ مَا فَقَدَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ كَشُهُودٍ، وَلَا بَاطِلٍ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمُؤَقَّتِ وَإِنْ جُهِلَتْ الْمُدَّةُ، أَوْ طَالَتْ فِي الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ وَوَلَاءٍ) أَيْ بِنَوْعَيْهِ عَتَاقٍ وَمُوَالَاةٍ

(قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِلتَّرِكَةِ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ) جَمَعَهَا الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ الشِّحْنَةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي مَنْظُومَتِهِ الْفَرْضِيَّةِ الَّتِي شَرَحَهَا شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْفَقِيهُ إبْرَاهِيمُ السَّائِحَانِيِّ فَقَالَ:

يُعْطَى ذَوُو الْفُرُوضِ ثُمَّ الْعَصَبَهْ ... ثُمَّ الَّذِي جَادَ بِعِتْقِ الرَّقَبَهْ

ثُمَّ الَّذِي يَعْصِبُهُ كَالْجَدِّ ... ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ بَعْدَ الرَّدِّ

ثُمَّ مُحَمَّلٌ وَرَا مَوَالٍ ... ثُمَّ مُزَادٌ ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ

وَأَرَادَ بِالْمَحْمَلِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِنَسَبٍ مَحْمَلٍ عَلَى الْغَيْرِ وَبِالْمُزَادِ الْمُوصَى لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ أَقُولُ: وَحَيْثُ ذَكَرَ عَصَبَةَ الْمُعْتَقِ فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُ عَصَبَةِ الْمُوَالِي أَيْ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ أَيْضًا، فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَ بَعْدَهُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي فَالْأَصْنَافُ أَحَدَ عَشَرَ.

[تَنْبِيهٌ] قَيَّدَ بِالتَّرِكَةِ لِأَنَّ الْإِرْثَ يَجْرِي فِي الْأَعْيَانِ الْمَالِيَّةِ، أَمَّا الْحُقُوقُ فَمِنْهَا مَا يُورَثُ كَحَقِّ حَبْسِ الْمَبِيعِ وَحَبْسِ الرَّهْنِ، وَمِنْهَا مَا لَا يُورَثُ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالنِّكَاحِ: أَيْ حَقِّ التَّزْوِيجِ كَمَا لَوْ مَاتَ الشَّقِيقُ عَنْ ابْنٍ وَثَمَّ أَخٌ لِأَبٍ فَالْحَقُّ لِلْأَخِ لَا لِلِابْنِ وَالْوِلَايَاتِ وَالْعَوَارِيِّ وَالْوَدَائِعِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْمُسْتَعِيرُ لَا يَكُونُ وَارِثُهُ مُسْتَعِيرًا وَكَذَا الْمُودَعُ، وَكَذَا الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ، وَكَذَا الْوَلَاءُ كَأَنْ يَكُونَ لِلْمُعْتِقِ ابْنَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَهُ عَنْ ابْنٍ فَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ الْبَاقِي، فَلَوْ مَاتَ هَذَا عَنْ ابْنَيْنِ فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ ابْنِ الِابْنِ الْأَوَّلِ أَثْلَاثًا كَأَنَّهُمْ وَرِثُوا مِنْ جَدِّهِمْ لَا مِنْ آبَائِهِمْ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ خِيَارَ الْقَبُولِ لَا يُورَثُ، وَكَذَا الْإِجَارَةُ، وَكَذَا الْإِجَازَةُ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَكَذَا الْأَجَلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>