للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخَالِفِ جِهَةِ تَحَرِّيه فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ مُطْلَقًا كَمُصَلٍّ عَلَى أَنَّهُ مُحْدِثٌ أَوْ ثَوْبُهُ نَجِسٌ أَوْ الْوَقْتُ لَمْ يَدْخُلْ فَبَانَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَجُزْ.

(صَلَّى جَمَاعَةٌ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ) فَلَوْ لَمْ تَشْتَبِهْ إنْ أَصَابَ جَازَ (بِالتَّحَرِّي) مَعَ إمَامٍ (وَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ صَلَّوْا إلَى جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَمَنْ تَيَقَّنَ) مِنْهُمْ (مُخَالَفَةَ إمَامِهِ فِي الْجِهَةِ) أَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ (حَالَةَ الْأَدَاءِ) أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَضُرُّ (لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ) لِاعْتِقَادِهِ خَطَأَ إمَامِهِ وَلِتَرْكِهِ فَرْضَ الْمَقَامِ (وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ) كَمَا لَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْإِمَامُ، بِأَنْ رَأَى رَجُلَيْنِ يُصَلِّيَانِ فَائْتَمَّ بِوَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ.

ــ

[رد المحتار]

أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ. وَعَنْ الثَّانِي يَجْزِيهِ إنْ أَصَابَ، وَبِالْأَوَّلِ يُفْتَى فَيْضٌ. وَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ مَا فُرِضَ لِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ لَا تَحْصِيلُهُ لَكِنْ مَعَ عَدَمِ اعْتِقَادِ الْفَسَادِ وَعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ، وَمُخَالَفَةُ جِهَةِ تَحَرِّيهِ اقْتَضَتْ اعْتِقَادَ فَسَادِ صَلَاتِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ صَلَّى وَعِنْدَهُ أَنَّهُ مُحْدِثٌ أَوْ أَنَّ ثَوْبَهُ نَجِسٌ أَوْ أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ فَبَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَجْزِيهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ مَا فَعَلَهُ غَيْرُ جَائِزٍ بِخِلَافِ صُورَةِ عَدَمِ التَّحَرِّي فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتَقِدْ الْفَسَادَ بَلْ هُوَ شَاكٌّ فِيهِ وَفِي عَدَمِهِ فَإِذَا ظَهَرَتْ قَبْلَ التَّمَامِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ أَوْ ثَوْبَهُ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى اسْمِ أَنَّ وَمِثْلُهُ الْوَقْتَ ح

(قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ تَشْتَبِهْ إلَخْ) ذَكَرَهُ هُنَا اسْتِطْرَادًا، كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ شَرَعَ بِلَا تَحَرٍّ، لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ تَشْتَبِهْ بَيَانًا لِمَفْهُومِهِ. ثُمَّ إنَّ مَسَائِلَ التَّحَرِّي تَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الْقِسْمَةِ الْعَقْلِيَّةِ إلَى عِشْرِينَ قِسْمًا، لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ لَا يَشُكَّ وَلَا يَتَحَرَّى أَوْ شَكَّ وَتَحَرَّى أَوْ لَمْ يَتَحَرَّ أَوْ تَحَرَّى بِلَا شَكٍّ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى خَمْسَةٍ، لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَظْهَرَ صَوَابُهُ أَوْ خَطَؤُهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا أَوْ لَا يَظْهَرُ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ فَسَدَتْ مُطْلَقًا أَوْ صَوَابُهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ قِيلَ هُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَوَّى وَالْأَصَحُّ لَا، وَلَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ أَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ الْإِصَابَةَ فَكَذَلِكَ لَا تَفْسُدُ، وَحُكْمُ الثَّانِي الصِّحَّةُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَحُكْمُ الثَّالِثِ الْفَسَادُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، أَوْ لَوْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ أَصَابَ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا بِالْإِصَابَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ. وَالرَّابِعُ لَا وُجُودَ لَهُ خَارِجًا كَذَا فِي النَّهْرِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ: وَيَتَحَرَّى عَاجِزٌ، وَالثَّالِثُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ شَرَعَ بِلَا تَحَرٍّ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ لَمْ تَشْتَبِهْ إلَخْ لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ إنْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ حَذَفَ الرَّابِعَ لِعَدَمِ وُجُودِهِ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَحِلِّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مَعَ إمَامٍ) أَمَّا لَوْ صَلَّوْا مُنْفَرِدِينَ صَحَّتْ صَلَاةُ الْكُلِّ، وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ فَمَنْ تَيَقَّنَ مِنْهُمْ) التَّيَقُّنُ غَيْرُ قَيْدٍ، بَلْ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَافِيَةٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْفَيْضِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ تَجْزِيهِمْ إلَّا صَلَاةَ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ أَوْ عَلِمَ بِمُخَالَفَةِ إمَامِهِ فِي صَلَاتِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ صَلَّى إلَى جَانِبٍ آخَرَ غَيْرِ مَا صَلَّى إلَيْهِ إمَامُهُ اهـ (قَوْلُهُ حَالَةَ الْأَدَاءِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ تَيَقَّنَ مُخَالَفَةَ إمَامِهِ فِي الْجِهَةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ لَمْ يَجُزْ سَوَاءٌ عَلِمَ بِذَلِكَ حَالَةَ الْأَدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ بِخِلَافِ مُخَالَفَتِهِ لِإِمَامِهِ فِي الْجِهَةِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا إذَا عَلِمَ بِهَا حَالَةَ الْأَدَاءِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْفَيْضِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا، وَمِثْلُهَا قَوْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى جَازَتْ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ، بِخِلَافِ مَنْ تَقَدَّمَهُ أَوْ عَلِمَ وَخَالَفَهُ اهـ. وَفِي مَتْنِ الْغُرُرِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ مُخَالَفَةَ إمَامِهِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ لِاعْتِقَادِهِ إلَخْ) نَشْرٌ رُتِّبَ ح (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْإِمَامُ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ النَّهْرُ عَنْ الْمِعْرَاجِ. وَنَصُّ عِبَارَةِ الْمِعْرَاجِ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَيْ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ فِي اعْتِقَادِهِمْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْخَطَأِ وَالصَّوَابِ، وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْإِمَامُ بِأَنْ رَأَى رَجُلَيْنِ يُصَلِّيَانِ فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِوَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فِعْلُ الْإِمَامِ اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ حَذْفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ لَا مَدْخَلَ لَهَا هُنَا إلَّا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ جَهِلَ حَالَ إمَامِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ جَهِلَ عَيْنَهُ فَافْهَمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>