للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَسَطْنَاهُ فِي الْخَزَائِنِ.

(وَشُرِطَ فِي أَدَائِهَا) أَيْ هَذِهِ الْفَرَائِضِ قُلْت: وَبِهِ بَلَغَتْ نَيِّفًا وَعِشْرِينَ: وَقَدْ نَظَمَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَهْبَانِيَّةِ لِلتَّحْرِيمَةِ عِشْرِينَ شَرْطًا وَلِغَيْرِهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَقَالَ:

ــ

[رد المحتار]

ذِكْرِهِ لَهُ فِي وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَبَسَطْنَاهُ فِي الْخَزَائِنِ) حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. قُلْت: لَكِنَّهُ غَرِيبٌ لَمْ أَرَ مَنْ عَرَّجَ عَلَيْهِ. وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْجَمُّ الْوُجُوبُ وَحُمِلَ فِي الْفَتْحِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ قَوْلُ الثَّانِي عَلَى الْفَرْضِ الْعَمَلِيِّ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ قُلْت: أَنَّى يَرْتَفِعُ وَقَدْ صَرَّحَ فِي السَّهْوِ بِفَسَادِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا فَتَنَبَّهْ اهـ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّهْرِ.

أَقُولُ: وَاَلَّذِي دَعَا صَاحِبَ الْبَحْرِ إلَى هَذَا الْحَمْلِ هُوَ التَّقَصِّي عَنْ إشْكَالٍ قَوِيٍّ، وَهُوَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ أَثْبَتَ الْفَرْضِيَّةَ بِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ وَهُوَ خَبَرٌ آحَادٌ، وَالدَّلِيلُ الْقَطْعِيُّ أَمْرٌ بِمُطْلَقِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَيَلْزَمُ الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ الْخَاصِّ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يَقُولُ بِهِ، وَإِذَا حُمِلَ قَوْلُهُ بِفَرْضِيَّةِ تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ عَلَى الْفَرْضِ الْعَمَلِيِّ الَّذِي هُوَ أَعْلَى قِسْمَيْ الْوَاجِبِ انْدَفَعَ الْإِشْكَالُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا عَلِمْتَهُ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الْفَرْضَ الْعَمَلِيَّ هُوَ الَّذِي يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ كَتَقْدِيرِ مَسْحِ الرَّأْسِ بِالرُّبْعِ فَيَلْزَمُ فَسَادُ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ التَّعْدِيلِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُمَا لَا يَقُولَانِ بِهِ، فَالْخِلَافُ بَاقٍ، وَيَلْزَمُ الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ أَيْضًا لِأَنَّ مُقْتَضَى النَّصِّ الِاكْتِفَاءُ بِمُسَمَّى رُكُوعٍ وَسُجُودٍ فَالْإِشْكَالُ بَاقٍ أَيْضًا، لَكِنْ أَجَابَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِجَوَابٍ حَسَنٍ ذَكَرْتُهُ فِيمَا عَلَّقْتُهُ عَلَى الْبَحْرِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي الْآيَةِ عِنْدَهُمَا مَعْنَاهُمَا اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ مَعْلُومٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ. فَلَوْ قُلْنَا بِافْتِرَاضِ التَّعْدِيلِ لَزِمَ الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مَعْنَاهُمَا الشَّرْعِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَيَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ.

مَطْلَبٌ مُجْمَلُ الْكِتَابِ إذَا بُيِّنَ بِالظَّنِّيِّ فَالْحُكْمُ بَعْدَهُ مُضَافٌ إلَى الْكِتَابِ

وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ الْمُجْمَلَ مِنْ الْكِتَابِ إذَا لَحِقَهُ الْبَيَانُ بِالظَّنِّيِّ كَانَ الْحُكْمُ بَعْدَهُ مُضَافًا إلَى الْكِتَابِ لَا إلَى الْبَيَانِ فِي الصَّحِيحِ، وَلِذَا قُلْنَا بِفَرْضِيَّةِ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ الْمُبَيَّنَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَلَمْ نَقُلْ بِفَرْضِيَّةِ الْفَاتِحَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ أَيْضًا، لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ} [المزمل: ٢٠] خَاصٌّ لَا مُجْمَلٌ اهـ مُلَخَّصًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ خَاصَّانِ عِنْدَهُمَا مُجْمَلَانِ عِنْدَهُ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ مِنْ أَصْلِهِ، لَكِنْ يَبْقَى الْخِلَافُ عَلَى حَالِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ أَيْ هَذِهِ الْفَرَائِضُ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ، لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ إلَيْهَا، وَيَشْمَلُ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِرُكْنِيَّتِهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ قُلْت وَبِهِ) أَيْ وَبِذِكْرِ هَذَا الْفَرْضِ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ الْآتِي فِي الْمَتْنِ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَهَا وَاجِبَاتٌ فَيَسْلَمُ مِنْ عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ الْمُوجِبِ لِرَكَاكَةِ التَّرْكِيبِ ح (قَوْلُهُ نَيِّفًا وَعِشْرِينَ) النَّيِّفُ بِالتَّشْدِيدِ كَهَيِّنٍ وَيُخَفَّفُ: مَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ، وَأَرَادَ هُنَا أَحَدًا وَعِشْرِينَ ثَمَانِيَةً تَقَدَّمَتْ فِي الْمَتْنِ وَهَذَا تَاسِعُهَا وَاثْنَيْ عَشَرَ فِي الشَّرْحِ يُجْعَلُ تَرْتِيبُ الْقُعُودِ فَرْضًا مُسْتَقِلًّا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فِي شَرْحِهِ لِلْوَهْبَانِيَّةِ) وَكَذَا فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ دُرِّ الْكُنُوزِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا هَذَا النَّظْمَ وَزَادَ عَلَيْهِ نَظْمَ الْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ وَالْمَنْدُوبَاتِ وَمَسَائِلَ أُخَرَ وَشَرَحَ الْجَمِيعَ. بَحْثُ شُرُوطِ التَّحْرِيمَةِ

(قَوْلُهُ لِلتَّحْرِيمَةِ عِشْرِينَ شَرْطًا) بَعْضُهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِلَفْظِهَا، وَبَاقِيهَا شُرُوطٌ لِلصَّلَاةِ اُشْتُرِطَتْ لَهَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ الشَّارِحُ لِاتِّصَالِهَا بِالْأَرْكَانِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ التَّحْرِيمَةِ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَالْكُلُّ فِي الْحَقِيقَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>