للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَنْ لَا يُطَأْطِئَ رَأْسَهُ عِنْدَ التَّكْبِيرِ) فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ (وَجَهْرُ الْإِمَامِ بِالتَّكْبِيرِ) بِقَدْرِ حَاجَتِهِ لِلْإِعْلَامِ بِالدُّخُولِ وَالِانْتِقَالِ. وَكَذَا بِالتَّسْمِيعِ وَالسَّلَامِ. وَأَمَّا الْمُؤْتَمُّ وَالْمُنْفَرِدُ فَيُسْمِعُ نَفْسَهُ

(وَالثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ وَالتَّأْمِينِ)

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الطَّيِّ يَعْنِي بِرَفْعِهِمَا مَنْصُوبَتَيْنِ لَا مَضْمُومَتَيْنِ حَتَّى تَكُونَ الْأَصَابِعُ مَعَ الْكَشْفِ مُسْتَقْبِلَةً لِلْقِبْلَةِ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ السُّنَّةُ عَلَى ضَمِّ الْأَصَابِعِ أَوَّلًا، بَلْ لَوْ كَانَتْ مَنْشُورَةً غَيْرَ مُتَفَرِّجَةٍ كُلَّ التَّفْرِيجِ وَلَا مَضْمُومَةً كُلَّ الضَّمِّ ثُمَّ رَفَعَهَا كَذَلِكَ مُسْتَقْبِلًا بِهِمَا الْقِبْلَةَ فَقَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ اهـ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُطَأْطِئَ رَأْسَهُ) أَيْ لَا يَخْفِضَهُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ لِلْإِعْلَامِ إلَخْ) وَإِنْ زَادَ كُرِهَ ط.

قُلْت: هَذَا إنْ لَمْ يَفْحُشْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ بَابِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَقَائِمٌ بِقَاعِدٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالِانْتِقَالُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْبِيرِ هُنَا مَا يَشْمَلُ تَكْبِيرَ الْإِحْرَامِ وَغَيْرَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الضِّيَاءِ.

مَطْلَبٌ فِي التَّبْلِيغِ خَلْفَ الْإِمَامِ

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ مِنْ قَصْدِهِ بِالتَّكْبِيرِ الْإِحْرَامَ، وَإِلَّا فَلَا صَلَاةَ لَهُ إذَا قَصَدَ الْإِعْلَامَ فَقَطْ، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ قَصَدَ الْإِحْرَامَ وَالْإِعْلَانَ لِلْإِعْلَامِ فَذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ شَرْعًا، وَكَذَلِكَ الْمُبَلِّغُ إذَا قَصَدَ التَّبْلِيغَ فَقَطْ خَالِيًا عَنْ قَصْدِ الْإِحْرَامِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي بِتَبْلِيغِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّهُ اقْتَدَى بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ قَصَدَ بِتَكْبِيرِهِ الْإِحْرَامَ مَعَ التَّبْلِيغِ لِلْمُصَلِّينَ فَذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ شَرْعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ الْمُلَقَّبِ بِشَيْخِ الشُّيُوخِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ فَلَا بُدَّ فِي تَحَقُّقِهَا مِنْ قَصْدِ الْإِحْرَامِ أَيْ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا التَّسْمِيعُ مِنْ الْإِمَامِ وَالتَّحْمِيدُ مِنْ الْمُبَلِّغِ وَتَكْبِيرَاتُ الِانْتِقَالَاتِ مِنْهُمَا إذَا قُصِدَ بِمَا ذُكِرَ الْإِعْلَامُ فَقَطْ فَلَا فَسَادَ لِلصَّلَاةِ، كَذَا فِي [الْقَوْلِ الْبَلِيغِ فِي حُكْمِ التَّبْلِيغِ] لِلسَّيِّدِ أَحْمَدَ الْحَمَوِيُّ، وَأَقَرَّهُ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ أَبُو السُّعُودِ فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ. وَالْفَرْقُ أَنَّ قَصْدَ الْإِعْلَامِ غَيْرُ مُفْسِدٍ كَمَا لَوْ سَبَّحَ لِيَعْلَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ. وَلَمَّا كَانَ الْمَطْلُوبُ هُوَ التَّكْبِيرَ عَلَى قَصْدِ الذِّكْرِ وَالْإِعْلَامِ، فَإِذَا مَحَضَ قَصْدَ الْإِعْلَامِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ، وَعَدَمُ الذِّكْرِ فِي غَيْرِ التَّحْرِيمَةِ غَيْرُ مُفْسِدٍ. وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي رِسَالَتِنَا الْمُسَمَّاةِ تَنْبِيهَ ذَوِي الْأَفْهَامِ عَلَى حُكْمِ التَّبْلِيغِ خَلْفَ الْإِمَامِ هَذَا وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ لَغَتْ نِيَّتُهُ وَصَحَّ شُرُوعُهُ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهَا الْإِعْلَامَ صَحَّ أَيْضًا، عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا شَرْطٌ لَا رُكْنٌ، وَالشَّرْط يَلْزَمُ حُصُولُهُ لَا تَحْصِيلُهُ، لَكِنْ سَيَأْتِي جَوَابُهُ، ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا قَصَدَ الْإِعْلَامَ بِنَفْسِ التَّكْبِيرَةِ، أَمَّا إذَا قَصَدَ بِهَا التَّحْرِيمَةَ وَقَصَدَ بِالْجَهْرِ بِهَا الْإِعْلَامَ، بِأَنْ كَانَ لَوْلَا الْإِعْلَامُ لَمْ يَجْهَرْ وَأَنَّهُ يَأْتِي بِهَا وَلَوْ لَمْ يَجْهَرْ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ كَمَا مَرَّ، وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا هُوَ مَكْرُوهٌ لِلْإِمَامِ يُكْرَهُ لِلْمُبَلِّغِ.

وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ: وَاعْلَمْ أَنَّ التَّبْلِيغَ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِأَنْ بَلَغَهُمْ صَوْتُ الْإِمَامِ مَكْرُوهٌ. وَفِي السِّيرَةِ الْحَلَبِيَّةِ: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ التَّبْلِيغَ حِينَئِذٍ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ أَيْ مَكْرُوهَةٌ وَأَمَّا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَمُسْتَحَبٌّ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ: إذَا بَلَغَ الْقَوْمَ صَوْتُ الْإِمَامِ فَبَلَّغَ الْمُؤَذِّنُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَلَا وَجْهَ لَهُ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ رَفَعَ صَوْتَهُ بِمَا هُوَ ذِكْرٌ بِصِيغَتِهِ. وَقَالَ الْحَمَوِيُّ: وَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا النَّقْلَ مَكْذُوبٌ عَلَى الطَّحَاوِيِّ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ اهـ (قَوْلُهُ وَالتَّسْمِيَةُ) وَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَعَلَى بَقِيَّةِ السُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْله وَالتَّأْمِينُ) أَيْ عَقِبَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، قَالَ فِي الْمُنْيَةِ: وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ. اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ

<<  <  ج: ص:  >  >>