لِتَعَذُّرِ الْوَاجِبِ، فَلَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ إلَّا بِدَلِيلٍ فَتَكْفِي النِّيَّةُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهَا الْقِيَامُ وَعَدَمُ تَقْدِيمِهَا لِقِيَامِهَا مَقَامَ التَّحْرِيمَةِ وَلَمْ أَرَهُ. ثُمَّ فِي الْأَشْبَاهِ فِي قَاعِدَةِ التَّابِعِ تَابِعٌ فَالْمُفْتَى بِهِ لُزُومُهُ فِي تَكْبِيرِهِ وَتَلْبِيَةً لَا قِرَاءَةً
(وَرَفَعَ يَدَيْهِ) قَبْلَ التَّكْبِيرِ، وَقِيلَ مَعَهُ (مَاسًّا بِإِبْهَامَيْهِ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ) هُوَ الْمُرَادُ بِالْمُحَاذَاةِ لِأَنَّهَا لَا تُتَيَقَّنُ إلَّا بِذَلِكَ، وَيَسْتَقْبِلُ بِكَفَّيْهِ الْقِبْلَةَ، وَقِيلَ خَدَّيْهِ (وَالْمَرْأَةُ) وَلَوْ أَمَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ لَكِنْ فِي النَّهْرِ عَنْ السِّرَاجِ أَنَّهَا هُنَا كَالرَّجُلِ
ــ
[رد المحتار]
إذَا نَوَى الْحَجَّ لَا يَصِيرُ شَارِعًا بِهِ مَا لَمْ يُلَبِّ، فَلَوْ نَوَى وَلَمْ يُلَبِّ أَوْ لَبَّى وَلَمْ يَنْوِ لَمْ يَصِرْ مُحْرِمًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الْوَاجِبِ) وَهُوَ التَّحْرِيكُ بِلَفْظِ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي إلَخْ) بَيَانُهُ أَنَّ النِّيَّةَ إذَا كَانَتْ تَكْفِي عَنْ التَّحْرِيمَةِ اقْتَضَى ذَلِكَ قِيَامَ النِّيَّةِ مَقَامَ التَّحْرِيمَةِ، وَإِذَا قَامَتْ مَقَامَهَا لَزِمَ مُرَاعَاةُ شُرُوطِ التَّحْرِيمَةِ فِي النِّيَّةِ فَيُشْتَرَطُ فِي النِّيَّةِ حِينَئِذٍ الْقِيَامُ وَعَدَمُ تَقْدِيمِهَا لِقِيَامِهَا مَقَامَ التَّحْرِيمَةِ لَا لِذَاتِهَا لِأَنَّ غَيْرَ الْعَاجِزِ عَنْ النُّطْقِ لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ قَاعِدًا ثُمَّ قَامَ وَأَحْرَمَ صَحَّ وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ النِّيَّةَ، كَمَا قَالُوا: لَوْ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ قَاصِدًا الصَّلَاةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ ثُمَّ خَرَجَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ وَقْتَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ صَحَّتْ مَا لَمْ يُوجَدْ فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ مِنْ كَلَامٍ وَنَحْوِهِ، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ الْمَشْيُ، هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَهُوَ مُتَابَعٌ فِي هَذَا الْبَحْثِ لِصَاحِبِ النَّهْرِ، وَقَدْ أَقَرَّهُ الْمُحَشُّونَ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ وَالتَّحْرِيمَةَ شَرْطٌ آخَرُ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ، وَإِذَا سَقَطَ شَرْطٌ لِعُذْرٍ وَاكْتَفَى بِمَا سِوَاهُ مِنْ الشُّرُوطِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُقِيمَ شَرْطٌ آخَرُ مَقَامَهُ لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا تُنْصَبُ بِالرَّأْيِ، وَلِذَا قَالَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ: فَلَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ إلَّا بِدَلِيلٍ.
وَذَلِكَ كَمَا إذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ أَوْ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أُقِيمَ الْقُعُودُ وَالتُّرَابُ مَقَامَهُمَا لِلدَّلِيلِ، بِخِلَافِ الْعَجْزِ عَنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى إقَامَةِ شَيْءٍ مَقَامَهُ، فَسَقَطَ بِالْكُلِّيَّةِ وَاكْتَفَى بِمَا سِوَاهُ. وَإِذَا كَانَ تَحْرِيكُ اللِّسَانِ غَيْرَ قَائِمٍ مَقَامَ النُّطْقِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ فَكَيْفَ تُقَامُ النِّيَّةُ مَقَامَهُ بِلَا دَلِيلٍ مَعَ أَنَّ التَّحْرِيكَ أَقْرَبُ إلَى النُّطْقِ مِنْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ فِي الْأَشْبَاهِ) أَقُولُ: عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ عَلَى مَا رَأَيْته فِي عِدَّةِ نُسَخٍ: وَمِمَّا خَرَجَ أَيْ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْأَخْرَسُ يَلْزَمُهُ تَحْرِيكُ اللِّسَانِ فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّلْبِيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَأَمَّا بِالْقِرَاءَةِ فَلَا عَلَى الْمُخْتَارِ. اهـ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ بَدَلَ قَوْلِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ: وَالْأُولَى أَحْسَنُ، لِمُوَافَقَتِهَا لِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ فِي بَحْرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَرْضُهَا التَّحْرِيمَةُ، حَيْثُ نَقَلَ تَصْحِيحَ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي التَّحْرِيمَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ؛ وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ التَّحْرِيمَةِ وَالتَّلْبِيَةِ، فَإِنَّهُ نَصَّ مُحَمَّدٌ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي التَّلْبِيَةِ. وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ: يُسْتَحَبُّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، كَذَا فِي شَرْحِ لُبَابِ الْمَنَاسِكِ، ثُمَّ قَالَ قُلْت: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ فِي الْحَجِّ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فَرْضٌ قَطْعِيٌّ وَالتَّلْبِيَةُ أَمْرٌ ظَنِّيٌّ
(قَوْلُهُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ وَقِيلَ مَعَهُ) الْأَوَّلُ نَسَبَهُ فِي الْمَجْمَعِ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ إلَى عَامَّةِ عُلَمَائِنَا. وَفِي الْمَبْسُوطِ إلَى أَكْثَرِ مَشَايِخِنَا وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ. وَالثَّانِي اخْتَارَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتُّحْفَةِ وَالْبَدَائِعِ وَالْمُحِيطِ، بِأَنْ يَبْدَأَ بِالرَّفْعِ عِنْدَ بُدَاءَتِهِ التَّكْبِيرَ وَيَخْتِمُ بِهِ عِنْدَ خَتْمِهِ، وَعَزَاهُ الْبَقَّالِيُّ إلَى أَصْحَابِنَا جَمِيعًا وَرَجَّحَهُ فِي الْحِلْيَةِ. وَثَمَّةَ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ، وَالْكُلُّ مَرْوِيٌّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَمَا فِي الْهِدَايَةِ أَوْلَى كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَلِذَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُرَادُ بِالْمُحَاذَاةِ) أَيْ الْوَاقِعَةِ فِي كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبَعْضِ رِوَايَاتِ الْأَحَادِيثِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْحِلْيَةِ، وَوَفَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رِوَايَاتِ الرَّفْعِ إلَى الْمَنْكِبَيْنِ، بِأَنَّ الثَّانِي إذَا كَانَتْ الْيَدَانِ فِي الثِّيَابِ لِلْبَرْدِ كَمَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ أَخْذًا مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ، وَاعْتَمَدَ ابْنُ الْهُمَامِ التَّوْفِيقَ بِأَنَّهُ عِنْدَ مُحَاذَاةِ الْيَدَيْنِ لِلْمَنْكِبَيْنِ مِنْ الرُّسْغِ تَحْصُلُ الْمُحَاذَاةُ لِلْأُذُنَيْنِ بِالْإِبْهَامَيْنِ، وَهُوَ صَرِيحُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَمَشَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ (قَوْلُهُ وَيَسْتَقْبِلُ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحِهَا (قَوْلُهُ أَنَّهَا) أَيْ الْأَمَةُ هُنَا (أَيْ) فِي الرَّفْعِ، وَهَذَا حَكَاهُ فِي الْقُنْيَةِ بِقِيلِ فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْبَحْرِ تَبَعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute