ثَلَاثَةٌ فِي الصَّلَاةِ (تَكْبِيرَةِ افْتِتَاحٍ وَقُنُوتٍ وَعِيدٍ، وَ) خَمْسَةٌ فِي الْحَجِّ (اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَالصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ، وَعَرَفَاتٍ، وَالْجَمَرَاتِ) وَيَجْمَعُهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ بِالنَّثْرِ " فقعس صمعج " وَبِالنَّظْمِ لِابْنِ الْفَصِيحِ:
فَتْحٌ قُنُوتٌ عِيدٌ اسْتَلَمَ الصَّفَا ... مَعَ مَرْوَةَ عَرَفَاتٌ الْجَمَرَاتُ.
(وَالرَّفْعُ بِحِذَاءِ أُذُنَيْهِ) كَالتَّحْرِيمَةِ (فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَ) أَمَّا (فِي الِاسْتِلَامِ) وَالرَّمْيِ (عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ) الْأُولَى وَالْوُسْطَى فَإِنَّهُ (يَرْفَعُ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ وَيَجْعَلُ بَاطِنَهُمَا نَحْوَ) الْحَجَرِ وَ (الْكَعْبَةِ، وَ) أَمَّا (عِنْدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَعَرَفَاتٍ) فَ (يَرْفَعُهُمَا كَالدُّعَاءِ) وَالرَّفْعُ فِيهِ، وَفِي الِاسْتِسْقَاءِ مُسْتَحَبٌّ (فَيَبْسُطُ يَدَيْهِ) حِذَاءَ صَدْرِهِ (نَحْوَ السَّمَاءِ) لِأَنَّهَا قِبْلَةَ الدُّعَاءِ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ وَالْإِشَارَةُ بِمُسَبِّحَتِهِ لِعُذْرٍ كَبَرْدٍ يَكْفِي وَالْمَسْحُ بَعْدَهُ عَلَى وَجْهِهِ سُنَّةٌ فِي الْأَصَحِّ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. وَفِي وِتْرِ الْبَحْرِ: الدُّعَاءُ أَرْبَعَةٌ: دُعَاءُ رَغْبَةٍ يُفْعَلُ كَمَا مَرَّ. وَدُعَاءُ رَهْبَةٍ يَجْعَلُ كَفَّيْهِ لِوَجْهِهِ كَالْمُسْتَغِيثِ مِنْ الشَّيْءِ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى الصَّفَا، وَحِينَ يَقُومُ عَلَى الْمَرْوَةِ، وَحِينَ يَقِفُ مَعَ النَّاسِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَيَجْمَعُ، وَالْمَقَامَيْنِ حِينَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ» . اهـ. وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ تَفْسِيرَ مَا وَرَدَ بِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ، بِخِلَافِ مَا فِي الْفَتْحِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ عُدَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاحِدًا بَلْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْقُنُوتِ وَالْعِيدِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَخَمْسَةٌ فِي الْحَجِّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدِّ الْمُصَنِّفِ وَالنَّاظِمِ، وَأَمَّا بِنَاءً عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْهِدَايَةِ فَهِيَ أَرْبَعٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَبِالنَّظْمِ) أَيْ مِنْ بَحْرِ الْكَامِلِ، وَذُكِرَتْ فِيهِ عَلَى تَرْتِيبِ حُرُوفِ " فقعس صمعج " وَلِبَعْضِهِمْ:
ارْفَعْ يَدَيْك لَدَى التَّكْبِيرِ مُفْتَتِحًا ... وَقَانِتًا وَبِهِ الْعِيدَانِ قَدْ وُصِفَا
وَفِي الْوُقُوفَيْنِ ثُمَّ الْجَمْرَتَيْنِ مَعًا ... وَفِي اسْتِلَامٍ كَذَا فِي مَرْوَةَ وَصَفَا
(قَوْلُهُ كَالتَّحْرِيمَةِ) الْأُولَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الثَّلَاثَةِ، فَفِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِبَعْضِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْأُولَى وَالْوُسْطَى) أَمَّا الْأَخِيرَةُ فَلَا يَدْعُو بَعْدَهَا لِأَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ كُلِّ رَمْيٍ بَعْدَهُ رَمْيٌ، وَلِذَا لَا يَدْعُو فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ (قَوْلُهُ نَحْوَ الْحَجَرِ) رَاجِعٌ لِلِاسْتِلَامِ، وَقَوْلُهُ وَالْكَعْبَةُ رَاجِعٌ لِلرَّمْيِ، وَفِي رِوَايَةٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الرَّمْيِ نَحْوَ السَّمَاءِ (قَوْلُهُ كَالدُّعَاءِ) أَيْ كَمَا يَرْفَعُهُمَا لِمُطْلَقِ الدُّعَاءِ فِي سَائِرِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ عَلَى طِبْقِ مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَمِنْهُ الرَّفْعُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْقُنْيَةِ خَزَائِنُ (قَوْلُهُ فَيَبْسُطُ يَدَيْهِ حِذَاءَ صَدْرِهِ) كَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُنْيَةٌ عَنْ تَفْسِيرِ السَّمَّانِ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْمُسْتَخْلَصِ لِلْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيِّ أَنَّ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ أَنْ يَدْعُوَ مُسْتَقْبِلًا وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ إبِطَيْهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى حَالَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْجَهْدِ، وَزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ كَمَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ لِعَوْدِ النَّفْعِ إلَى الْعَامَّةِ.
وَهَذَا عَلَى مَا عَدَاهَا، وَلِذَا قَالَ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «وَكَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبِطَيْهِ» أَيْ لَا يَرْفَعُ كُلَّ الرَّفْعِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا قِبْلَةُ الدُّعَاءِ) أَيْ كَالْقِبْلَةِ لِلصَّلَاةِ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَدْعُوَّ جَلَّ وَعَلَا فِي جِهَةِ الْعُلُوِّ ط (قَوْلُهُ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ قُنْيَةٌ (قَوْلُهُ الدُّعَاءُ أَرْبَعَةٌ إلَخْ) هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا عَزَاهُ إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ، وَكَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ دُعَاءُ رَغْبَةٍ) نَحْوُ طَلَبِ الْجَنَّةِ فَيَفْعَلُ كَمَا مَرَّ: أَيْ يَبْسُطُ يَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ ح (قَوْلُهُ وَدُعَاءُ رَهْبَةٍ) نَحْوُ طَلَبِ النَّجَاةِ مِنْ النَّارِ ح (قَوْلُهُ يَجْعَلُ كَفَّيْهِ لِوَجْهِهِ) الَّذِي فِي الْبَحْرِ يَجْعَلُ ظَهْرَ كَفَّيْهِ لِوَجْهِهِ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، فَكَلِمَةُ ظَهْرٍ سَقَطَتْ مِنْ قَلَمِ الشَّارِحِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ دَاعٍ رَفْعُ بَطْنِ يَدَيْهِ لِلسَّمَاءِ إنْ دَعَا بِتَحْصِيلِ شَيْءٍ، وَظَهْرَهُمَا إنْ دَعَا بِرَفْعِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute