للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا لَيْسَ فِي أَحَدِهِمَا إنْ اسْتَحَالَ طَلَبُهُ مِنْ الْخَلْقِ لَا يُفْسِدُ وَإِلَّا يُفْسِدُ لَوْ قَبْلَ قَدْرِ التَّشَهُّدِ، وَإِلَّا تَتِمُّ بِهِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ سَجْدَةً فَلَا تَفْسُدُ بِسُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ لِعَمِّي أَوْ لِعَمْرٍو، وَكَذَا الرِّزْقُ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَالٍ وَنَحْوِهِ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْعِبَادِ مَجَازًا.

(ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ) حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ؛ وَلَوْ عَكَسَ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ فَقَطْ، وَلَوْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ أُخْرَى، وَلَوْ نَسِيَ الْيَسَارَ أَتَى بِهِ مَا لَمْ يَسْتَدْبِرْ الْقِبْلَةَ

ــ

[رد المحتار]

سَوَاءٌ اسْتَحَالَ طَلَبُهُ مِنْ الْعِبَادِ كَاغْفِرْ لِي أَوْ لَا كَارْزُقْنِي مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا. وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْفَضْلِيِّ فِي اخْتِيَارِهِ الْفَسَادَ بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مُطْلَقًا، وَعَلَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ تَقْيِيدِهِ عَدَمَ الْفَسَادِ بِالْمُسْتَحِيلِ مِنْ الْعِبَادِ بِمَا إذَا كَانَ مَأْثُورًا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْفَضْلِيِّ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالْمَذْهَبُ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ إنْ اسْتَحَالَ طَلَبُهُ مِنْ الْخَلْقِ) كَاغْفِرْ لِعَمِّي أَوْ لِعَمْرٍو فَلَا يُفْسِدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُرْآنِ خِلَافًا لِلْفَضْلِيِّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُفْسِدْ) مِثْلُ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي بَقْلًا وَقِثَّاءً وَعَدَسًا وَبَصَلًا، أَوْ اُرْزُقْنِي فُلَانَةَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا تَتِمَّ بِهِ) أَيْ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ ط (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ سَجْدَةً) أَيْ صُلْبِيَّةً، فَتَفْسُدُ الصَّلَاةُ لِوُجُودِ الْقَاطِعِ الْمَانِعِ مِنْ إعَادَتِهَا وَهُوَ الدُّعَاءُ الْمَذْكُورُ، بِخِلَافِ التِّلَاوِيَّةِ وَالسَّهْوِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى سُجُودِهِمَا، فَتَتِمُّ الصَّلَاةُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا لِأَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ وَالصُّلْبِيَّةُ رُكْنٌ، بَلْ لَوْ سَجَدَهُمَا فَهُوَ لَغْوٌ لِأَنَّهُ بَعْدَ قَطْعِ الصَّلَاةِ، كَمَا لَوْ سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِسَجْدَةٍ تِلَاوِيَّةٍ أَوْ سَهْوِيَّةٍ تَمَّتْ صَلَاتُهُ لِخُرُوجِهِ مِنْهَا بَعْدَ تَمَامِ الْأَرْكَانِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ التِّلَاوِيَّةَ كَالصُّلْبِيَّةِ فِي أَنَّهَا تَرْفَعُ الْقَعْدَةَ وَالتَّشَهُّدَ، فَذَاكَ فِيمَا إذَا فَعَلَهُمَا قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَذِكْرُ التِّلَاوِيَّةِ هُنَا خَطَأٌ صَرِيحٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّحْمَتِيُّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلَا تَفْسُدُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمُخْتَارِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْقُرْآنِ كَاغْفِرْ لِي أَوْ لَا كَاغْفِرْ لِعَمِّي أَوْ لِعَمْرٍو لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ يَسْتَحِيلُ طَلَبُهَا مِنْ الْعِبَادِ {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ} [آل عمران: ١٣٥] وَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْفَسَادِ بِهِ اتِّفَاقًا مُؤَوَّلٌ بِاتِّفَاقِ مَنْ اخْتَارَ قَوْلَ الْفَضْلِيِّ، أَوْ مَمْنُوعٌ بِدَلِيلِ مَا فِي الْمُجْتَبَى، وَفِي أَقْرِبَائِي وَأَعْمَامِي اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الرِّزْقُ) أَيْ لَا يُفْسِدُ إذَا قَيَّدَهُ بِمَا يَسْتَحِيلُ مِنْ الْعِبَادِ كَارْزُقْنِي الْحَجَّ أَوْ رُؤْيَتَك بِخِلَافِ فُلَانَةَ، وَجَعَلَ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْخُلَاصَةِ هُوَ الْأَصَحُّ. وَفِي النَّهْرِ: وَهَذَا التَّخْرِيجُ يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ اهـ. قُلْت: وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَهُ لِأَنَّهُ فِي الْقُرْآنِ {وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [المائدة: ١١٤] وَجَعَلَ فِي الْهِدَايَةِ اُرْزُقْنِي مُفْسِدًا لِقَوْلِهِمْ رَزَقَ الْأَمِيرُ الْجُنْدَ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَرُجِّحَ عَدَمُ الْفَسَادِ لِأَنَّ الرَّازِقَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَنِسْبَتُهُ إلَى الْأَمِيرِ مَجَازٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: لِأَنَّ الرِّزْقَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مَا يَكُونُ غِذَاءً لِلْحَيَوَانِ وَلَيْسَ فِي وُسْعِ الْمَخْلُوقِ إلَّا إيصَالَ سَبَبِهِ كَالْمَالِ، وَلِذَا لَوْ قَيَّدَهُ بِهِ فَقَالَ اُرْزُقْنِي مَالًا تَفْسُدُ بِلَا خِلَافٍ، وَعَلَيْهِ فَأَكْرِمْنِي أَوْ أَنْعِمْ عَلَيَّ يَنْبَغِي أَنْ يُفْسِدَ، إذْ يُقَالُ أَكْرَمَ فُلَانٌ فُلَانًا وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنَّهُ فِي الْمُحِيطِ ذُكِرَ عَنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ: {إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ} [الفجر: ١٥] وَكَذَا لَوْ قَالَ أَمْدِدْنِي بِمَالٍ لَا يُفْسِدُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَصْلِحْ أَمْرِي فَبِالنَّظَرِ إلَى إطْلَاقِ الْأَمْرِ يَسْتَحِيلُ طَلَبُهُ مِنْ الْعِبَادِ. اهـ. مُلَخَّصًا. [تَنْبِيهٌ]

فِي الْبَحْرِ عَنْ فَتَاوَى الْحُجَّةِ: لَوْ قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنْ الظَّالِمِينَ لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ، وَلَوْ قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا يَعْنِي ظَالِمَهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ. اهـ. أَيْ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ بِمُحَرَّمٍ وَإِنْ اسْتَحَالَ مِنْ الْعِبَادِ فَصَارَ كَلَامًا، أَوْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ بِدَلِيلِ - {أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [آل عمران: ٨٧]- وَأَمَّا اللَّعْنَةُ عَلَى الظَّالِمِينَ فَهِيَ فِي الْقُرْآنِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ) أَيْ حَتَّى يَرَاهُ مَنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ أَفَادَهُ ح. وَفِي الْبَدَائِعِ: يُسَنُّ أَنْ يُبَالِغَ فِي تَحْوِيلِ الْوَجْهِ فِي التَّسْلِيمَتَيْنِ، وَيُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْسَرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَكَسَ) بِأَنْ سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ أَوَّلًا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ فَلَا يُعِيدُ التَّسْلِيمَ عَنْ يَسَارِهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَسْتَدْبِرْ الْقِبْلَةَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>