أَوْ جِنِّيًّا فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَتَصِحُّ إمَامَةُ الْجِنِّيِّ أَشْبَاهٌ (وَقِيلَ وَاجِبَةٌ وَعَلَيْهِ الْعَامَّةُ) أَيْ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا وَبِهِ جَزَمَ فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (فَتُسَنُّ أَوْ تَجِبُ) ثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِي الْإِثْمِ بِتَرْكِهَا مَرَّةً (عَلَى الرِّجَالِ الْعُقَلَاءِ الْبَالِغِينَ الْأَحْرَارِ الْقَادِرِينَ عَلَى الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ)
ــ
[رد المحتار]
وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا. فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ» فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الِاقْتِدَاءُ أَفْضَلَ لَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إقَامَتِهَا فِي الْبَيْتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا كَإِقَامَتِهَا فِي الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ إمَامَةُ الْجِنِّيِّ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ. بِخِلَافِ إمَامَةِ الْمَلَكِ فَإِنَّهُ مُتَنَفِّلٌ وَإِمَامَةُ جِبْرِيلَ لِخُصُوصِ التَّعْلِيمِ مَعَ احْتِمَالِ الْإِعَادَةِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ط (قَوْلُهُ أَشْبَاهٌ) عِبَارَتُهَا فِي بَحْثِ أَحْكَامِ الْجَانِّ: وَمِنْهَا انْعِقَادُ الْجَمَاعَةِ بِالْجِنِّ، ذَكَرَهُ الْأَسْيُوطِيُّ عَنْ صَاحِبِ [آكَامِ الْمَرْجَانِ] مِنْ أَصْحَابِنَا، مُسْتَدِلًّا بِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قِصَّةِ الْجِنِّ، وَفِيهِ «فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي أَدْرَكَهُ شَخْصَانِ مِنْهُمْ، فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا نُحِبُّ أَنْ تَؤُمَّنَا فِي صَلَاتِنَا، قَالَ: فَصَفَّهُمَا خَلْفَهُ ثُمَّ صَلَّى بِنَا ثُمَّ انْصَرَفَ» وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِالْمَلَائِكَةِ، وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ لَوْ صَلَّى فِي فَضَاءٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ مُنْفَرِدًا ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ لَمْ يَحْنَثْ، وَمِنْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْجِنِّيِّ، ذَكَرَهُ فِي آكَامِ الْمَرْجَانِ اهـ
أَقُولُ: وَمَا نَقَلَهُ عَنْ السُّبْكِيّ مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ «إنَّ الْمُسَافِرَ إذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ مَا لَا يُرَى طَرَفَاهُ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الْجَهْرِ عَلَيْهِ؛ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْأَذَانِ التَّصْرِيحَ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة بِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُنْفَرِدِ فِي الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَنَا وَلَا سِيَّمَا وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَنَا، وَهُوَ مُنْفَرِدٌ عُرْفًا وَشَرْعًا وَإِلَّا لَأَخَذَ أَحْكَامَ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّهُ مَرَّ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْجَهْرُ إلَّا إذَا نَوَى الْإِمَامَةَ، وَكَذَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي: لَا يَؤُمُّ أَحَدًا مَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ، فَلَعَلَّ انْعِقَادَ الْجَمَاعَةِ بِاقْتِدَاءِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ إنَّمَا يَسْتَلْزِمُ أَحْكَامَهَا إذَا كَانُوا عَلَى صُورَةٍ ظَاهِرَةٍ وَلِهَذَا لَوْ جَامَعَ جِنِّيٌّ امْرَأَةً وَوَجَدَتْ لَذَّةً لَا يَلْزَمُهَا الِاغْتِسَالُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا إذَا أَنْزَلَتْ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَوْ جَاءَهَا عَلَى صُورَةِ آدَمِيٍّ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي إمَامَةِ الْجِنِّيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) وَقَالَ فِي النَّهْرِ: هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَأَقْوَاهَا وَلِذَا قَالَ فِي الْأَجْنَاسِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذَا تَرَكَهَا اسْتِخْفَافًا وَمَجَانَةً، إمَّا سَهْوًا أَوْ بِتَأْوِيلٍ كَكَوْنِ الْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ أَوْ لَا يُرَاعِي مَذْهَبَ الْمُقْتَدِي فَتُقْبَلُ. اهـ. ط.
(قَوْلُهُ ثَمَرَتُهُ إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى تَحْقِيقِ الْخِلَافِ، أَمَّا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ فَلَا خِلَافَ (قَوْلُهُ بِتَرْكِهَا مَرَّةً) أَيْ بِلَا عُذْرٍ، وَهَذَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَعِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ إنَّمَا يَأْثَمُ إذَا اعْتَادَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَقَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ الْبَالِغِينَ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الذَّكَرِ بَالِغًا أَوْ غَيْرَهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا} [النساء: ١٧٦]- وَكَمَا فِي حَدِيثِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا أَبْقَتْ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» ، وَلِذَا قَيَّدَ بِذَكَرٍ لِدَفْعِ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْبَالِغُ بِنَاءً عَلَى مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ عَدَمِ تَوْرِيثِهِمْ إلَّا مَنْ اسْتَعَدَّ لِلْحَرْبِ دُونَ الصِّغَارِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ الْأَحْرَارِ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْقِنِّ وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ لَوْ أَذَّنَ لَهُ مَوْلَاهُ وَجَبَتْ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ اهـ: قُلْت: وَيَنْبَغِي جَرَيَان الْخِلَافُ هُنَا أَيْضًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ) قَيْدُ لِكَوْنِهَا سُنَّةً مُؤَكَّدَةً أَوْ وَاجِبَةً، فَبِالْحَرَجِ يَرْتَفِعُ الْإِثْمُ وَيُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا وَلَكِنَّهُ يَفُوتُهُ الْأَفْضَلُ بِدَلِيلِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى لَمَّا اسْتَأْذَنَهُ فِي الصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ: مَا أَجِدُ لَك رُخْصَةً» قَالَ فِي الْفَتْحِ: أَيْ تَحْصُلُ لَك فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِهَا لَا الْإِيجَابُ عَلَى الْأَعْمَى، «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَخَّصَ لِعِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ فِي تَرْكِهَا» اهـ لَكِنْ فِي نُورِ الْإِيضَاحِ: وَإِذَا انْقَطَعَ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرٍ مِنْ أَعْذَارِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute