إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَصَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَرَأَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الْفَجْرِ حِينَ سَمِعَ بُكَاءَ صَبِيٍّ»
(وَ) يُكْرَهُ تَحْرِيمًا (جَمَاعَةُ النِّسَاءِ) وَلَوْ التَّرَاوِيحَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ جِنَازَةٍ (لِأَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ مُكَرَّرَةً) ، فَلَوْ انْفَرَدْنَ تَفُوتُهُنَّ بِفَرَاغِ إحْدَاهُنَّ؛ وَلَوْ أَمَّتْ فِيهَا رِجَالًا لَا تُعَادُ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِصَلَاتِهَا إلَّا إذَا اسْتَخْلَفَهَا الْإِمَامُ وَخَلْفُهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فَتَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ (فَإِنْ فَعَلْنَ تَقِفُ الْإِمَامُ
ــ
[رد المحتار]
«مُعَاذٍ لَمَّا شَكَاهُ قَوْمُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ» إنَّمَا كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى الْقَدْرِ الْمَسْنُونِ. قَالَ الْكَمَالُ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ بَحَثْنَا أَنَّ التَّطْوِيلَ: هُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَسْنُونَةِ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ وَقِرَاءَتُهُ هِيَ الْمَسْنُونَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ مَا نَهَى عَنْهُ غَيْرَ مَا كَانَ دَأْبَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَقِرَاءَةُ مُعَاذٍ لَمَّا قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالَ كَانَتْ بِالْبَقَرَةِ عَلَى مَا فِي مُسْلِمٍ «أَنَّ مُعَاذًا افْتَتَحَ بِالْبَقَرَةِ فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وَانْصَرَفَ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَمْت بِالنَّاسِ فَاقْرَأْ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا - وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى - وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك - وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى» - " لِأَنَّهَا كَانَتْ الْعِشَاءَ، وَإِنَّ قَوْمَ مُعَاذٍ كَانَ الْعُذْرُ مُتَحَقِّقًا فِيهِمْ لَا كَسَلًا مِنْهُمْ فَأَمَرَ فِيهِمْ بِذَلِكَ لِذَلِكَ، كَمَا ذُكِرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الْفَجْرِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالُوا لَهُ أَوْجَزْت، قَالَ: سَمِعْت بُكَاءَ صَبِيٍّ فَخَشِيت أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ» اهـ مُلَخَّصًا.
فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَسْنُونِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَقِرَاءَتِهِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ لِبُكَاءِ الصَّبِيِّ، وَظَهَرَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَسْنُونِ لِضَعْفِ الْجَمَاعَة لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ دُونَ الْمَسْنُونِ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ بَلْ نَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ مَعَ تَحَقُّقِ الْعُذْرِ فِي قَوْمِهِ، فَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مِنْ الْحَدِيثِ وَحَمَلَ عَلَيْهِ كَلَامَ الْكَمَالِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، نَعَمْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى التَّرَاوِيحِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُجْتَبَى أَنَّ الْحَسَنَ رَوَى عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُسِئْ اهـ لَكِنَّهُ لَا يُنَافِي مَا قُلْنَا لِأَنَّهُ أَحْسَنَ بِقِرَاءَةِ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ وَلَمْ يُسِئْ: أَيْ لَمْ يَصِلْ إلَى كَرَاهَةٍ شَدِيدَةٍ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا) صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي التَّرَاوِيحِ) أَفَادَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي كُلِّ مَا تُشْرَعُ فِيهِ جَمَاعَةُ الرِّجَالِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ مُكَرَّرَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَاعْلَمْ أَنَّ جَمَاعَتَهُنَّ لَا تُكْرَهُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ وَتَرْكُ التَّقَدُّمِ مَكْرُوهٌ فَدَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ فِعْلِ الْمَكْرُوهِ لِفِعْلِ الْفَرْضِ أَوْ تَرْكِ الْفَرْضِ لِتَرْكِهِ فَوَجَبَ الْأَوَّلُ، بِخِلَافِ جَمَاعَتِهِنَّ فِي غَيْرِهَا، وَلَوْ صَلَّيْنَ فُرَادَى فَقَدْ تَسْبِقُ إحْدَاهُنَّ فَتَكُونُ صَلَاةُ الْبَاقِيَاتِ نَفْلًا وَالتَّنَفُّلُ بِهَا مَكْرُوهٌ، فَيَكُونُ فَرَاغُ تِلْكَ مُوجِبًا لِفَسَادِ الْفَرْضِيَّةِ لِصَلَاةِ الْبَاقِيَاتِ كَتَقْيِيدِ الْخَامِسَةِ بِالسَّجْدَةِ لِمَنْ تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. وَمُفَادُهُ أَنَّ جَمَاعَتَهُنَّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَاجِبَةٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُنَّ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ فَسَادِ فَرْضِيَّةِ صَلَاةِ الْبَاقِيَاتِ إذَا سَبَقَتْ إحْدَاهُنَّ. وَفِيهِ أَنَّ الرِّجَالَ لَوْ صَلَّوْا مُنْفَرِدِينَ يَلْزَمُ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ، فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ وُجُوبُ جَمَاعَتِهِمْ فِيهَا مَعَ أَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا تُعَادُ) لِأَنَّهَا لَوْ أُعِيدَتْ لَوَقَعَتْ نَفْلًا مَكْرُوهًا ط (قَوْلُهُ بِصَلَاتِهَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُمْ ح (قَوْلُهُ إلَّا إذَا اسْتَخْلَفَهَا) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا تُعَادُ، وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْجِنَازَةِ بَلْ غَيْرُهَا مِثْلُهَا (قَوْلُهُ فَتَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ) أَمَّا الرِّجَالُ وَالْإِمَامُ فَلِعَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الرِّجَالِ بِالْمَرْأَةِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالْمُقَدَّمَةُ فَلِأَنَّهُنَّ دَخَلْنَ فِي تَحْرِيمَةٍ كَامِلَةٍ فَإِذَا انْتَقَلْنَ إلَى تَحْرِيمَةٍ نَاقِصَةٍ لَمْ يَجُزْ، كَأَنَّهُنَّ انْتَقَلْنَ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ آخَرَ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح.
وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَلَوْ كُنَّ نِسَاءً خُلَّصًا، أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ ط. وَالْأَظْهَرُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَصِيرُ مُقْتَدِيًا بِخَلِيفَتِهِ فَتَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ، بَلْ بِاسْتِخْلَافِهِ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَكَذَا مَنْ خَلْفَهُ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ تَقِفُ الْإِمَامُ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ لِأَنَّ فَاعِلَهُ الْإِمَامُ هُوَ هُنَا مُؤَنَّثٌ حَقِيقِيٌّ. اهـ. وَقَالَ مُنْلَا عَلِيٌّ الْقَارِئُ: يَجُوزُ التَّذْكِيرُ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute