مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ مَتَى فَسَدَ لِفَقْدِ شَرْطٍ كَطَاهِرٍ بِمَعْذُورٍ لَمْ تَنْعَقِدْ أَصْلًا، وَإِنْ لِاخْتِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ تَنْعَقِدُ نَفْلًا غَيْرَ مَضْمُونٍ، وَثَمَرَتُهُ الِانْتِقَاضُ بِالْقَهْقَهَةِ
(وَيَمْنَعُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ) صَفٌّ مِنْ النِّسَاءِ بِلَا حَائِلٍ قَدْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ارْتِفَاعُهُنَّ قَدْرَ قَامَةِ الرَّجُلِ مِفْتَاحُ السَّعَادَةِ أَوْ (طَرِيقٌ
ــ
[رد المحتار]
فِيهِ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ أَفْسَدَهَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الشُّرُوعِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي صَلَاةٍ تَامَّةٍ مُؤَيِّدٌ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُفِيدُ دُخُولَهُ فِي صَلَاةٍ نَاقِصَةٍ أَيْ فِي نَفْلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ، وَلِذَا قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا، وَفِي هَذَا الْفَرْعِ رَدٌّ عَلَى مَا فَصَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِيهِ لِفَقْدِ شَرْطٍ مَعَ أَنَّهُ صَحَّ شُرُوعُهُ كَمَا عَلِمْت. ثُمَّ رَأَيْت الرَّحْمَتِيَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا ذَكَرْته وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا صِحَّةُ الشُّرُوعِ فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا مَا فِي السِّرَاجِ. وَالْفَرْعُ الثَّانِي مِنْ فَرْعَيْ الْكَافِي وَالثَّانِيَةُ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَصْلًا، وَعَلَيْهَا مَا فِي الْمُحِيطِ، وَالْفَرْعُ الْأَوَّلُ وَهِيَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ. وَذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّ مَا فِي السِّرَاجِ جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ صَفٌّ مِنْ النِّسَاءِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِ نِسْوَةٍ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ اقْتِدَاءَ جَمِيعِ مَنْ خَلْفَهُ وَإِلَّا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمْنَا حَاصِلَهُ عَنْ الْبَحْرِ، وَهُوَ مَا اتَّفَقُوا عَلَى نَقْلِهِ عَنْ أَصْحَابِنَا، مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ تُفْسِدُ صَلَاةَ رَجُلَيْنِ مِنْ جَانِبَيْهَا وَرَجُلٍ خَلْفَهَا، وَالثِّنْتَيْنِ صَلَاةَ اثْنَيْنِ مِنْ جَانِبَيْهِمَا وَاثْنَيْنِ خَلْفَهُمَا، وَالثَّلَاثُ صَلَاةَ اثْنَيْنِ مِنْ جَانِبَيْهِنَّ وَصَلَاةَ ثَلَاثَةٍ ثَلَاثَةٍ مِنْ خَلْفِهِنَّ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ، وَلَوْ كَانَ صَفٌّ مِنْ النِّسَاءِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالْإِمَامِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الرِّجَالِ بِالْإِمَامِ وَيُجْعَلُ حَائِلًا (قَوْلُهُ بِلَا حَائِلٍ) قَيْدٌ لِلْمَنْعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ ارْتِفَاعِهِنَّ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى حَائِلٍ.
وَعِبَارَةُ مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ: وَفِي الْيَنَابِيعِ وَلَوْ كَانَ صَفُّ الرِّجَالِ عَلَى الْحَائِطِ وَصَفُّ النِّسَاءِ أَمَامَهُنَّ أَوْ كَانَ صَفُّ النِّسَاءِ عَلَى الْحَائِطِ وَصَفُّ الرِّجَالِ خَلْفَهُنَّ، إنْ كَانَ الْحَائِطُ مِقْدَارَ قَامَةِ الرَّجُلِ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَا، وَإِنْ كَانَ صَفٌّ تَامٌّ مِنْ النِّسَاءِ وَلَيْسَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ حَائِلٌ تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُنَّ وَلَوْ عِشْرِينَ صَفًّا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الرِّجَالِ فَاصِلٌ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ وَذَلِكَ الْحَائِلُ مِقْدَارُ مُؤْخِرِ الرَّحْلِ أَوْ مِقْدَارُ خَشَبَةٍ مَنْصُوبَةٍ أَوْ حَائِطٍ قَدْرُ ذِرَاعٍ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ صَفُّ النِّسَاءِ أَمَامَ صَفِّ الرِّجَالِ يَمْنَعُ إلَّا إذَا كَانَ أَحَدُ الصَّفَّيْنِ عَلَى حَائِطٍ مُرْتَفِعٍ قَدْرَ قَامَةٍ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ مِقْدَارُ مُؤْخِرِ رَحْلِ الْبَعِيرِ أَوْ خَشَبَةٍ مَنْصُوبَةٍ أَوْ حَائِطٍ قَدْرَ ذِرَاعٍ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا. وَهُوَ قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى ظَهْرِ ظُلَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَبِحِذَائِهِمْ مِنْ تَحْتِهِمْ نِسَاءٌ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمَكَانِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قُدَّامَهُمْ نِسَاءٌ فَإِنَّهَا فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ صَفٌّ مِنْ النِّسَاءِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ اهـ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى ظُهُورِ ظُلَّةِ الْمَسْجِدِ وَتَحْتَهُمْ قُدَّامَهُمْ نِسَاءٌ لَا تَجْزِيهِمْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُ تَخَلَّلَ صَفٌّ مِنْ النِّسَاءِ فَمَنَعَ اقْتِدَاءَهُمْ وَكَذَا الطَّرِيقُ اهـ فَهَذَا بِإِطْلَاقِهِ صَرِيحٌ بِأَنَّ الِارْتِفَاعَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي صَفِّ النِّسَاءِ وَفِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمَبْسُوطِ: فَإِنْ كَانَ صَفٌّ تَامٌّ مِنْ النِّسَاءِ وَوَرَاءَهُنَّ صُفُوفُ الرِّجَالِ فَسَدَتْ تِلْكَ الصُّفُوفُ كُلُّهَا اسْتِحْسَانًا.
وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَفْسُدَ إلَّا صَلَاةُ صَفٍّ وَاحِدٍ، وَلَكِنْ اُسْتُحْسِنَ لِحَدِيثِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا عَلَيْهِ «مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ نَهْرٌ أَوْ طَرِيقٌ أَوْ صَفٌّ مِنْ النِّسَاءِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَائِلَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي صَفِّ النِّسَاءِ وَإِلَّا لَفَسَدَتْ صَلَاةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مِنْ الرِّجَالِ فَقَطْ لِكَوْنِهِ صَارَ حَائِلًا بَيْنَ مَنْ خَلْفَهُ وَبَيْنَ صَفِّ النِّسَاءِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ؛ فَظَهَرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ اعْتِبَارِ الْحَائِلِ أَوْ الِارْتِفَاعِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا دُونَ الصَّفِّ التَّامِّ مِنْ النِّسَاءِ كَالْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ، أَمَّا الصَّفُّ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ اتِّبَاعًا لِلْأَثَرِ، هَذَا مَا ظَهَرَ فَتَدَبَّرْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ أَوْ طَرِيقٌ) أَيْ نَافِذٌ أَبُو السُّعُودِ عَنْ شَيْخِهِ ط. قُلْت: وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ التَّعْبِيرِ عَنْهُ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ بِالطَّرِيقِ الْعَامِّ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute