للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَدْرَكَ بِالسِّنِّ نَحْوَ عِشْرِينَ صَحَابِيًّا كَمَا بُسِطَ فِي أَوَائِلِ الضِّيَاءِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ أَبُو النَّصْرِ بْنُ عَرَبِ شَاهْ الْأَنْصَارِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي مَنْظُومَتِهِ الْأَلْفِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ بِجَوَاهِرِ الْعَقَائِدِ وَدُرَرِ الْقَلَائِدِ ثَمَانِيَةً مِنْ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُمْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَبُو حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ:

مُعْتَقِدًا مَذْهَبْ عَظِيمِ الشَّانِ ... أَبِي حَنِيفَةَ الْفَتَى النُّعْمَانِ

التَّابِعِيُّ سَابِقُ الْأَئِّمَهْ ... بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ سِرَاجِ الْأُمَّهْ

جَمْعًا مِنْ أَصْحَاب النَّبِيِّ أَدْرَكَا ... أَثَرَهُمْ قَدْ اقْتَفَى وَسَلَكَا

طَرِيقَةً وَاضِحَةَ الْمِنْهَاجِ ... سَالِمَةً مِنْ الضَّلَالِ الدَّاجِي

وَقَدْ رَوَى عَنْ أَنَسٍ. وَجَابِرٍ ... وَابْنِ أَبِي أَوْفَى كَذَا عَنْ عَامِرٍ

أَعْنِي أَبَا الطُّفَيْلِ ذَا ابْنَ وَاثِلَهْ ... وَابْنَ أُنَيْسٌ الْفَتَى وَوَاثِلَهْ

عَنْ ابْنِ جُزْءٍ قَدْ رَوَى الْإِمَامُ ... وَبِنْتُ عَجْرَدٍ هِيَ التَّمَامُ

فَرَضِيَ اللَّهُ الْكَرِيمُ دَائِمًا ... عَنْهُمْ وَعَنْ كُلِّ الصِّحَابِ الْعُظَمَا

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ الْإِمَامِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ

وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ سَمَاعِهِ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ أَوَّلَ أَمْرِهِ اشْتَغَلَ بِالِاكْتِسَابِ حَتَّى أَرْشَدَهُ الشَّعْبِيُّ لَمَّا رَأَى مِنْ بَاهِرِ نَجَابَتِهِ إلَى الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ، وَلَا يَسَعُ مَنْ لَهُ أَدْنَى إلْمَامٌ بِعِلْمِ الْحَدِيثِ خِلَافُ مَا ذَكَرْته. اهـ. لَكِنْ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ: قَاعِدَةُ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ رَاوِيَ الِاتِّصَالِ مُقَدَّمٌ عَلَى رَاوِي الْإِرْسَالِ أَوْ الِانْقِطَاعِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ، فَاحْفَظْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ كَذَا فِي عِقْدِ اللَّآلِئِ وَالْمَرْجَانِ لِلشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ الْعَجْلُونِيِّ الْجِرَاحِيِّ. وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مِنْ التَّابِعِينَ، وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ وَالْحَافِظُ الْعَسْقَلَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: إنَّهُ أَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ كَانُوا بِالْكُوفَةِ بَعْدَ مَوْلِدِهِ بِهَا سَنَةَ ثَمَانِينَ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِأَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ الْمُعَاصِرِينَ لَهُ كَالْأَوْزَاعِيِّ بِالشَّامِ، وَالْحَمَّادِينَ بِالْبَصْرَةِ وَالثَّوْرِيِّ بِالْكُوفَةِ وَمَالِكٍ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِمِصْرَ.

(قَوْلُهُ: وَأَدْرَكَ بِالسِّنِّ) أَيْ وُجِدَ فِي زَمَنِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَرَهُمْ كُلَّهُمْ.

(قَوْلُهُ: كَمَا بُسِطَ فِي أَوَائِلِ الضِّيَاءِ) فَقَالَ: هُمْ ابْنُ نُفَيْلٍ وَوَاثِلَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَابْنُ أَبِي أَوْفَى وَابْنُ جُزْءٍ وَعُتْبَةُ وَالْمِقْدَادُ وَابْنُ بُسْرٍ وَابْنُ ثَعْلَبَةَ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَنَسٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ وَمَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ وَأَبُو أُمَامَةَ وَأَبُو الطُّفَيْلِ فَهَؤُلَاءِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا، وَرُبَّمَا أَدْرَكَ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ لَمْ أَظْفَرْ بِهِ، اهـ مُلَخَّصًا. وَزَادَ فِي تَنْوِيرِ الصَّحِيفَةِ: عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ وَعَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَسَهْلَ بْنَ مُنَيْفٍ ثُمَّ قَالَ وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَمَاثِلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -،. اهـ. ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

(قَوْلُهُ: مَذْهَبْ) بِسُكُونِ الْبَاءِ لِضَرُورَةِ النَّظْمِ وَهُوَ مُضَافٌ وَعَظِيمٌ مُضَافٌ إلَيْهِ. اهـ. ح.

(قَوْلُهُ: الْفَتَى) مِنْ الْفُتُوَّةِ: وَهِيَ السَّخَاءُ وَالْقُوَّةُ ط.

(قَوْلُهُ: سَابِقُ الْأَئِمَّةِ) أَيْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بِالْعِلْمِ: أَيْ بِالِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَكُلِّ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ بِتَدْوِينِهِ: فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَهُ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: جَمْعًا) مَفْعُولُ أَدْرَكَ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ، فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَصْحَابِ) بِدَرْجِ الْهَمْزَةِ لِنَقْلِ حَرَكَتِهَا إلَى النُّونِ قَبْلَهَا وَأَلِفُ أَدْرَكَا لِلْإِشْبَاعِ كَأَلِفِ سَلَكَا.

(قَوْلُهُ: إثْرَهُمْ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مَعَ إشْبَاعِ الْمِيمِ: أَيْ بَعْدَهُمْ، فَهُوَ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ أَوْ بِفَتْحَتَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ: أَيْ خَبَرَهُمْ فَهُوَ مَفْعُولُ اقْتَفَى، وَطَرِيقَةً مَفْعُولُ سَلَكَ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْحَالَةُ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا مِنْ الِاعْتِقَادِ وَالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ. وَالْمِنْهَاجُ فِي الْأَصْلِ: الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ، وَأَرَادَ بِهِ هُنَا مُطْلَقَ الطَّرِيقِ فَأَضَافَ وَاضِحَةً إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: الدَّاجِي) شَدِيدِ الظُّلْمَةِ قَامُوسٌ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ رَوَى عَنْ أَنَسٍ) هُوَ ابْنُ مَالِكٍ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ، خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>