أَوْ الْجَبَّانَةِ أَوْ الدَّارِ (لَوْ كَانَ يُصَلِّي فِيهِ) لِأَنَّهُ عَلَى إمَامَتِهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ هَذَا الْحَدَّ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ وَلَوْ بِنَفْسِهِ مَقَامَهُ نَاوِيًا الْإِمَامَةَ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ، حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً أَوْ تَكَلَّمَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْقَوْمِ لِأَنَّهُ صَارَ
ــ
[رد المحتار]
حُكْمُ الصَّحْرَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ الْجَبَّانَةُ) هِيَ الْمُصَلَّى الْعَامُّ فِي الصَّحْرَاءِ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ أَوْ الدَّارُ) كَذَا أَطْلَقَهَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الصَّغِيرَةُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَوَانِعِ الِاقْتِدَاءِ أَنَّ الصَّغِيرَةَ كَالْمَسْجِدِ وَالْكَبِيرَةَ كَالصَّحْرَاءِ وَأَنَّ الْمُخْتَارَ فِي تَقْدِيرِ الْكَبِيرَةِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَوْ كَانَ يُصَلِّي فِيهِ) أَيْ فِي أَحَدِ الْمَذْكُورَاتِ ح (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ هَذَا الْحَدَّ) أَيْ الصَّحْرَاءَ أَوْ الْمَسْجِدَ وَنَحْوَهُ: أَيْ فَإِذَا تَجَاوَزَهُ خَرَجَ الْإِمَامُ عَنْ الْإِمَامَةِ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ ابْنُ الْمَلِكِ: حَتَّى لَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الصُّفُوفِ قَبْلَ الْوُضُوءِ جَازَ اهـ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ وَلَوْ بِنَفْسِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَصِيرُ خَلِيفَةً إذَا قَدَّمَهُ الْإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الْقَوْمِ أَوْ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ مَقَامَهُ) مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ: أَيْ قَائِمًا مَقَامَهُ لَا لِقَوْلِهِ يَتَقَدَّمُ، إذْ لَا يُقَالُ تَقَدَّمْتُ مَقَامَ زَيْدٍ وَلَا قَعَدْتُ مَجْلِسَ عَمْرٍو لِعَدَمِ اتِّحَادِ مَادَّتِهِمَا. هَذَا، وَقَيَّدَ بِقِيَامِهِ مَقَامَهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ خَلِيفَةً قَبْلَ ذَلِكَ لَكِنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ مِنْ سَاعَتِهِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا: إمَامٌ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ رَجُلًا مِنْ آخِرِ الصُّفُوفِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ نَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ مِنْ سَاعَتِهِ صَارَ إمَامًا فَتَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ فَقَطْ، وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ إمَامَهُ إذَا قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَخَرَجَ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى مَكَانِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ لِخُلُوِّ مَكَانِ الْإِمَامِ عَنْ إمَامٍ، وَشَرْطُ جَوَازِ صَلَاةِ الْخَلِيفَةِ وَالْقَوْمِ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى الْمِحْرَابِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِذَا نَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ مِنْ سَاعَتِهِ وَخَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى الْمِحْرَابِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُ مَا خَلَا الْمَسْجِدُ عَنْ الْإِمَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ نَاوِيًا الْإِمَامَةَ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا فِي الدِّرَايَةِ: اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَا يَكُونُ إمَامًا مَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي قِيَامُهُ مَقَامَ الْأَوَّلِ بِدُونِ النِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهُ إلَخْ) أَيْ يُجَاوِزْ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ إلَخْ، يَعْنِي أَنَّهُ عَلَى إمَامَتِهِ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ إلَى مَقَامِهِ نَاوِيًا الْإِمَامَةَ، فَإِذَا تَقَدَّمَ فَقَدْ خَرَجَ الْأَوَّلُ عَنْ الْإِمَامَةِ وَصَارَ مُقْتَدِيًا بِهِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ إلَى مَقَامِهِ فَقَدْ خَرَجَ الْأَوَّلُ عَنْ الْإِمَامَةِ وَصَارَ مُقْتَدِيًا بِالْخَلِيفَةِ، سَوَاءٌ تَجَاوَزَ الْمَسْجِدَ وَنَحْوَهُ أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَارَ مُقْتَدِيًا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْقَوْمِ: أَيْ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ إمَامَهُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَضُرُّهُمْ كَلَامُهُ أَوْ حَدَثُهُ الْعَمْدُ وَنَحْوُهُ. وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ بِمَا ذَكَرُوا مِنْ أَنَّهُ إذَا اسْتَخْلَفَ لَا يَخْرُجُ الْإِمَامُ عَنْ الْإِمَامَةِ بِمُجَرَّدِهِ، وَلِهَذَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ مِنْ سَاعَتِهِ قَبْلَ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ: إنَّ الْإِمَامَ لَوْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ وَخَلِيفَتُهُ قَائِمٌ فِي الْمِحْرَابِ وَلَمْ يُؤَدِّ رُكْنًا فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ الْخَلِيفَةُ وَيَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ، وَلَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمَسْجِدِ وَخَلِيفَتُهُ لَمْ يُؤَدِّ رُكْنًا فَالْإِمَامُ هُوَ الثَّانِي. اهـ. وَوَفَّقَ فِي النَّهْرِ بِحَمْلِ مَا ذَكَرُوا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُمْ الْخَلِيفَةُ مَقَامَ الْأَوَّلِ نَاوِيًا الْإِمَامَةَ، وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا قَامَ مَقَامَهُ وَنَوَى الْإِمَامَةَ اهـ قُلْت: لَكِنَّهُ يُخَالِفُهُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْإِمَامَةِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَقُمْ الثَّانِي مَقَامَهُ، فَإِنْ قَامَ مَقَامَهُ نَاوِيًا لَهَا صَارَ إمَامَهُ، لَكِنَّهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ رُكْنًا لَمْ تَتَأَكَّدْ إمَامَتُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، حَتَّى إذَا تَوَضَّأَ الْأَوَّلُ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ تَنْتَقِلُ الْإِمَامَةُ إلَيْهِ لِعَدَمِ تَأْكِيدِ إمَامَةِ الْخَلِيفَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَعَلَ مُنَافِيًا أَوْ أَدَّى الثَّانِي رُكْنًا فَإِنَّ الْإِمَامَةَ تَثْبُتُ لِلثَّانِي قَطْعًا بِلَا انْتِقَالٍ. [تَنْبِيهٌ]
عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ شُرُوطَ الِاسْتِخْلَافِ ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ اسْتِجْمَاعُ شَرَائِطِ الْبِنَاءِ الْمَارَّةِ.
الثَّانِي أَنْ يَكُونَ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute