فَوْرًا بِكُلِّ سُنَّةٍ (وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى) بِلَا كَرَاهَةٍ (وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ ثَمَّةَ) وَهُوَ أَوْلَى تَقْلِيلًا لِلْمَشْيِ (أَوْ يَعُودُ إلَى مَكَانِهِ) لِيَتَّحِدَ مَكَانُهَا (كَمُنْفَرِدٍ) فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ، وَهَذَا كُلُّهُ (إنْ فَرَغَ خَلِيفَتُهُ وَإِلَّا عَادَ إلَى مَكَانِهِ) حَتْمًا لَوْ بَيْنَهُمَا مَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ (كَالْمُقْتَدِي إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ) .
(وَ) اعْلَمْ أَنَّهُ (إنْ تَعَمَّدَ عَمَلًا يُنَافِيهَا بَعْدَ جُلُوسِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ) وَلَوْ بَعْدَ سَبْقِ حَدَثِهِ (تَمَّتْ) لِتَمَامِ فَرَائِضِهَا، نَعَمْ تُعَادُ لِتَرْكِ وَاجِبِ السَّلَامِ (وَلَوْ) وُجِدَ الْمُنَافِي (بِلَا صُنْعِهِ) قَبْلَ الْقُعُودِ بَطَلَتْ اتِّفَاقًا، وَلَوْ (بَعْدَهُ بَطَلَتْ) فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ عِنْدَهُ. وَقَالَا: صَحَّتْ،
ــ
[رد المحتار]
كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي التَّيَمُّمِ أُعِيدَ وَلَوْ بِنَاءً رَمْلِيٌّ. قُلْت: بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ هُنَا، وَقَالَ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ جَائِزٌ فَالْبِنَاءُ أَوْلَى، فَإِنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ، فَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَمَا عَادَ إلَى مَقَامِهِ اسْتَقْبَلَ، وَإِنْ قَبْلَهُ فِي الطَّرِيقِ فَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي. اهـ. (قَوْلُهُ فَوْرًا) أَيْ بِلَا مُكْثِ قَدْرِ أَدَاءِ رُكْنٍ بِلَا عُذْرٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ بِكُلِّ سُنَّةٍ) أَيْ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ إكْمَالِهِ فَكَانَ مِنْ تَوَابِعِهِ فَيُتَحَمَّلُ كَمَا يُتَحَمَّلُ الْأَصْلُ بَدَائِعُ، فَلَوْ غَسَلَ أَرْبَعًا لَا يَبْنِي تَتَارْخَانِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ) لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِئْنَافَ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ كَمُنْفَرِدٍ) أَفَادَ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِي الْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمُقْتَدِي فَذَكَرَهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ تَخْيِيرُ الْإِمَامِ بَيْنَ الْعَوْدِ إلَى مَكَانِهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا عَادَ إلَى مَكَانِهِ) أَيْ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ مِمَّا يَصِحُّ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِخْلَافِ خَرَجَ عَنْ الْإِمَامَةِ وَصَارَ مُقْتَدِيًا بِالْخَلِيفَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَوْ بَيْنَهُمَا مَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ) لِأَنَّ شَرْطَ الِاقْتِدَاءِ اتِّحَادُ الْبُقْعَةِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ كَالْمُقْتَدِي) أَيْ أَصَالَةً
(قَوْلُهُ إنْ تَعَمَّدَ عَمَلًا يُنَافِيهَا) أَيْ يُنَافِي الصَّلَاةَ كَالْقَهْقَهَةِ؛ فَلَوْ تَعَمَّدَهَا بَعْدَ جُلُوسِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَإِنْ بَطَلَ وُضُوءُهُ لِوُجُودِهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ دُونَ وُضُوءِ الْقَوْمِ لِخُرُوجِهِمْ مِنْهَا بِحَدَثِ إمَامِهِمْ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ سَبْقِ حَدَثِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا، فَفِيهِ رَدٌّ لِمَا فِي الْحِلْيَةِ مِنْ أَنَّهَا تَبْطُلُ عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ لَا عِنْدَهُمَا.
وَوَجْهُ الرَّدِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِمُنَافٍ بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا بِصُنْعِهِ (قَوْلُهُ تَمَّتْ) أَيْ صَحَّتْ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّهَا نَاقِصَةٌ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ ط (قَوْلُهُ نَعَمْ تُعَادُ) أَيْ وُجُوبًا ط (قَوْلُهُ وَلَوْ وُجِدَ الْمُنَافِي) أَيْ سِوَى الْحَدَثِ السَّمَاوِيِّ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُنَافِيًا قِيَاسًا، لَكِنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَهُ غَيْرَ مُنَافٍ أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ بِلَا صُنْعِهِ) مُقَابِلُ: قَوْلِهِ أَنْ تَعْتَمِدَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَهُ بَطَلَتْ) أَيْ بَعْدَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَشَمَلَ مَا لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَعَلَيْهِ سَهْوٌ فَعَرَضَ وَاحِدٌ مِمَّا سَيَجِيءُ، فَإِنْ سَجَدَ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا؛ وَلَوْ سَلَّمَ الْقَوْمُ قَبْلَ الْإِمَامِ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ دُونَ الْقَوْمِ وَكَذَا إذَا سَجَدَ هُوَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يَسْجُدْ الْقَوْمُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ بَحْرٌ. الْمَسَائِلُ الِاثْنَا عَشْرِيَّةَ
(قَوْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ) اشْتَهَرَتْ هَذِهِ النِّسْبَةُ، وَهِيَ خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْمُرَكَّبَ الْعَلَمِيِّ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَى صَدْرِهِ فَتَقُولُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَمًا لِرَجُلٍ أَوْ غَيْرِهِ خَمْسِيٌّ وَغَيْرُ الْعَلَمِيِّ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ بَحْرٌ وَنَهْرٌ (قَوْلُهُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَوَجْهُ بُطْلَانِهَا عِنْدَهُ عَلَى مَا خَرَّجَهُ الْبَرْدَعِيُّ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِ الْمُصَلِّي فَرْضٌ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَدَاءُ فَرْضٍ آخَرَ إلَّا بِالْخُرُوجِ مِنْ الْأُولَى. وَمَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْفَرْضِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الْخُرُوجَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْصِيَةٍ كَالْحَدَثِ الْعَمْدِ، وَلَوْ كَانَ فَرْضًا لَاخْتَصَّ بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ وَهُوَ السَّلَامُ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ بِصُنْعِهِ لَيْسَ فَرْضًا. وَإِنَّمَا قَالَ الْإِمَامُ بِالْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِمَعْنًى آخَرَ. وَهُوَ أَنَّ الْعَوَارِضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute