أَمَّا بِهِ بِأَنْ نَشَأَ مِنْ طَبْعِهِ فَلَا (أَوْ) بِلَا (غَرَضٍ صَحِيحٍ) فَلَوْ لِتَحْسِينِ صَوْتِهِ أَوْ لِيَهْتَدِيَ إمَامُهُ أَوْ لِلْإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ فَلَا فَسَادَ عَلَى الصَّحِيحِ
(وَالدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَنَا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَالْأَنِينُ) هُوَ قَوْلُهُ " أُهْ " بِالْقَصْرِ (وَالتَّأَوُّهُ) هُوَ قَوْلُهُ آه بِالْمَدِّ (وَالتَّأْفِيفُ) أُفٍّ أَوْ تَفٍّ (وَالْبُكَاءُ بِصَوْتٍ) يَحْصُلُ بِهِ حُرُوفٌ (لِوَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ) قَيْدٌ لِلْأَرْبَعَةِ إلَّا لِمَرِيضٍ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنْ أَنِينٍ وَتَأَوُّهٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَعُطَاسٍ وَسُعَالٍ وَجُشَاءٍ وَتَثَاوُبٍ وَإِنْ حَصَلَ حُرُوفٌ لِلضَّرُورَةِ (لَا لِذِكْرِ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ) فَلَوْ أَعْجَبَتْهُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ بَلَى أَوْ نَعَمْ
ــ
[رد المحتار]
نَحْوَ قَوْلِ أَحْ أَحْ وَتَكَلَّفَ لِذَلِكَ كَانَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ يَقُولُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهَا حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ اهـ أَيْ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ بِأَنْ نَشَأَ مِنْ طَبْعِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَدْفُوعًا إلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ لِإِصْلَاحِ الْقِرَاءَةِ فَيَكُونُ مِنْ الْقِرَاءَةِ مَعْنًى كَالْمَشْيِ لِلْبِنَاءِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الصَّلَاةِ لَكِنَّهُ لِإِصْلَاحِهَا فَصَارَ مِنْهَا مَعْنًى شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ الْكِفَايَةِ، لَكِنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ لِإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لِيَهْتَدِيَ إمَامُهُ إلَى الصَّوَابِ. وَالْقِيَاسُ الْفَسَادُ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ كَلَامٌ، وَالْكَلَامُ مُفْسِدٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا مَرَّ وَكَأَنَّهُمْ عَدَلُوا بِذَلِكَ عَنْ الْقِيَاسِ وَصَحَّحُوا عَدَمَ الْفَسَادِ بِهِ إذَا كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لِوُجُودِ نَصٍّ، وَلَعَلَّهُ مَا فِي الْحِلْيَةِ عَنْ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ «عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ كَانَ لِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَدْخَلَانِ: مَدْخَلٌ بِاللَّيْلِ وَمَدْخَلٌ بِالنَّهَارِ، فَكُنْت إذَا أَتَيْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي تَنَحْنَحَ لِي» وَفِي رِوَايَةٍ «سَبَّحَ» وَحَمَلَهُمَا فِي الْحِلْيَةِ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالَاتِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ وَالدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَنَا) هُوَ مَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ وَلَا يَسْتَحِيلُ طَلَبُهُ مِنْ الْعِبَادِ، فَإِنْ وَرَدَ فِيهِمَا أَوْ اسْتَحَالَ طَلَبُهُ لَمْ يَفْسُدْ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّجْنِيسِ؛ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِ الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْكَلَامِ هِيَ التَّنْبِيهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَالتَّأَوُّهُ إلَخْ) قَالَ شَرْحُ الْمُنْيَةِ: بِأَنْ قَالَ أَوَّهَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَفْتُوحَةً، وَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ، أَوْ قَالَ آهْ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ. اهـ. وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ فِيهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ لُغَةً سَاقَهَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالتَّأْفِيفُ إلَخْ) قَالَ فِي الْحِلْيَةِ أُفٍّ اسْمُ فِعْلٍ لِأَتَضَجَّرَ، وَفِيهِ لُغَاتٌ انْتَهَتْ إلَى أَرْبَعِينَ مِنْهَا ضَمُّ الْهَمْزَةِ مَعَ تَثْلِيثِ الْفَاءِ مُخَفَّفَةً وَمُشَدَّدَةً مُنَوَّنَةً وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ، وَقَدْ تَأْتِي مَصْدَرًا يُرَادُ بِهِ الدُّعَاءُ بِتَاءٍ فِي آخِرِهِ وَبِغَيْرِ تَاءٍ فَتُنْصَبُ بِفِعْلٍ وَاجِبِ الْإِضْمَارِ، وَقَدْ تُرْدَفُ حِينَئِذٍ بِتَفٍّ عَلَى الْإِتْبَاعِ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْقَائِلِ:
أُفًّا وَتَفًّا لِمَنْ مَوَدَّتُهُ ... إنْ غِبْت عَنْهُ سُوَيْعَةً زَالَتْ
إنْ مَالَتْ الرِّيحُ هَكَذَا وَكَذَا ... مَالَتْ مَعَ الرِّيحِ أَيْنَمَا مَالَتْ
اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَفَّ لَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ التَّأْفِيفِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْبُكَا) بِالْقَصْرِ: خُرُوجُ الدَّمْعِ، وَبِالْمَدِّ: صَوْتٌ مَعَهُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ؛ فَقَوْلُهُ بِصَوْتٍ لِلتَّقْيِيدِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلِلتَّوْضِيحِ عَلَى الثَّانِي إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ يَحْصُلُ بِهِ حُرُوفٌ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالنِّهَايَةِ وَالسِّرَاجِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: أَمَّا خُرُوجُ الدَّمْعِ بِلَا صَوْتٍ أَوْ صَوْتٍ لَا حَرْفَ مَعَهُ فَغَيْرُ مُفْسِدٍ (قَوْلُهُ إلَّا لِمَرِيضٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَنِينُ مَعَ وَجَعٍ مِمَّا يُمْكِنُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ، فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ لَا يَقْطَعُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إنْ كَانَ الْمَرَضُ خَفِيفًا يَقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقُعُودُ إلَّا بِالْأَنِينِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْمَحْبُوبِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ حُرُوفٌ) أَيْ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ كُلِّهَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ، لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَكَلَّفْ إخْرَاجَ حُرُوفٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا تَقْتَضِيه طَبِيعَةُ الْعَاطِسِ وَنَحْوِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ فِي تَثَاؤُبِهِ هَاه هَاه مُكَرِّرًا لَهَا فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِالْحَدِيثِ تَأَمَّلْ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ حُرُوفٌ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا، كَمَا لَوْ سَعَلَ وَظَهْرَ مِنْهُ صَوْتٌ مِنْ نَفَسٍ يَخْرُجُ مِنْ الْأَنْفِ بِلَا حُرُوفٍ.
(قَوْلُهُ لَا لِذِكْرِ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ) لِأَنَّ الْأَنِينَ، وَنَحْوَهُ إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute