للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَكْثَرَ نَحْوُ الصِّرَاطِ الَّذِينَ، أَوْ بِوَصْلِ حَرْفٍ بِكَلِمَةٍ نَحْوُ إيَّاكَ نَعْبُدُ، أَوْ بِوَقْفٍ وَابْتِدَاءٍ لَمْ تَفْسُدْ وَإِنَّ غُيِّرَ الْمَعْنَى بِهِ يُفْتَى بَزَّازِيَّةٌ، إلَّا تَشْدِيدَ {رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] ، وَ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: ٥] فَبِتَرْكِهِ تَفْسُدُ؛ وَلَوْ زَادَ كَلِمَةً أَوْ نَقَصَ كَلِمَةً أَوْ نَقَصَ حَرْفًا،

ــ

[رد المحتار]

وَإِنْ غَيَّرَ أَفْسَدَ مِثْلَ: وَزَرَابِيبُ مَكَانَ - زَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ - وَمَثَانِينَ مَكَانَ مَثَانِيَ، وَكَذَا - {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [يس: ٢]- و - {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [يس: ٣]- بِزِيَادَةِ الْوَاوِ تُفْسِدُ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ جَعَلَ جَوَابَ الْقَسَمِ قَسَمًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، لَكِنْ فِي الْمُنْيَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْسُدَ. قَالَ فِي شَرْحِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَغْيِيرٍ فَاحِشٍ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ الْقُرْآنِ، وَيَصِحُّ جَعْلُهُ قَسَمًا. وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ كَمَا فِي - {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} [النازعات: ١]- إلَخْ فَإِنَّ جَوَابَهُ مَحْذُوفٌ. اهـ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ زَرَابِيبَ وَمَثَانِينَ يُفْسِدُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْضًا إذَا لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ أَوْ بِوَصْلِ حَرْفٍ بِكَلِمَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ اهـ. وَفِي الْمُنْيَةِ: لَا يُفْسِدُ عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ، وَعَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ يُفْسِدُ. وَبَعْضُهُمْ فَصَّلُوا بِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَيْفَ هُوَ إلَّا أَنَّهُ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ لَا تَفْسُدْ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَذَلِكَ تَفْسُدْ. قَالَ فِي شَرْحِهَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ السَّكْتِ عَلَى - إيَّا - وَنَحْوِهَا، وَإِلَّا فَلَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ أَنْ يَتَوَهَّمَ فِيهِ الْفَسَادَ. اهـ. [تَتِمَّةٌ]

وَأَمَّا قَطْعُ بَعْضِ الْكَلِمَةِ عَنْ بَعْضٍ، فَأَفْتَى الْحَلْوَانِيُّ بِأَنَّهُ مُفْسِدٌ. وَعَامَّتُهُمْ قَالُوا: لَا يُفْسِدُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى فِي انْقِطَاعِ النَّفَسِ وَالنِّسْيَانِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ فَعَلَهُ قَصْدًا يَنْبَغِي أَنْ يُفْسِدَ. وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: إنْ كَانَ ذِكْرُ الْكَلِمَةِ كُلِّهَا مُفْسِدًا فَذِكْرُ بَعْضِهَا كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ قَاضِي خَانَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْأَوْلَى الْأَخْذُ بِهَذَا فِي الْعَمْدِ وَبِقَوْلِ الْعَامَّةِ فِي الضَّرُورَةِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بِوَقْفٍ وَابْتِدَاءٍ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: الِابْتِدَاءُ إنْ كَانَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا فَاحِشًا لَا يُفْسِدُ، نَحْوُ الْوَقْفِ عَلَى الشَّرْطِ قَبْلَ الْجَزَاءِ وَالِابْتِدَاءُ بِالْجَزَاءِ، وَكَذَا بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ؛ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى نَحْوُ - {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ} [آل عمران: ١٨]- ثُمَّ ابْتَدَأَ - بِإِلَّا هُوَ - لَا يُفْسِدُ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لِأَنَّ الْعَوَّامَ لَا يُمَيِّزُونَ؛ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى - {وَقَالَتِ الْيَهُودُ} [التوبة: ٣٠]- ثُمَّ ابْتَدَأَ بِمَا بَعْدَهُ لَا تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ. اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَسَادِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى بِهِ يُفْتَى بَزَّازِيَّةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَطَإِ فِي الْإِعْرَابِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا لَك عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إلَّا تَشْدِيدَ رَبِّ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الْخَانِيَّةِ إلَى أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ تَرْكَ التَّشْدِيدِ وَالْمَدِّ كَالْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ لَا يُفْسِدُ فِي قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ تَرَكَ التَّشْدِيدَ فِي - {إِيَّاكَ} [الفاتحة: ٥]- أَوْ - {رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢]- الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ اهـ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، فَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ ضَعِيفٌ، عَلَى أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ بَعْدَ مَشْيِهِ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ فِيمَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى إذْ لَا فَرْقَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ كَلِمَةً) اعْلَمْ أَنَّ الْكَلِمَةَ الزَّائِدَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ لَا، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تُغَيِّرَ أَوْ لَا، فَإِنْ غَيَّرَتْ أَفْسَدَتْ مُطْلَقًا نَحْوُ - {وَعَمِلَ صَالِحًا} [البقرة: ٦٢]- وَكَفَرَ - {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} [البقرة: ٦٢]- وَنَحْوُ - {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت: ١٧]- وَعَصَيْنَاهُمْ وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْ، فَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ - {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣]- وَبِرًّا لَمْ تَفْسُدْ فِي قَوْلِهِمْ وَإِلَّا نَحْوَ - فَاكِهَةٍ وَنَخْلٍ - وَتُفَّاحٍ - وَرُمَّانٍ - وَكَمِثَالِ الشَّارِحِ الْآتِي لَا تَفْسُدُ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَفْسُدُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ نَقَصَ كَلِمَةً) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ يُمَثِّلْ لَهُ الشَّارِحُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَإِنْ تَرَكَ كَلِمَةً - مِنْ آيَةٍ - فَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْ الْمَعْنَى مِثْلَ - وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ - مِثْلُهَا - بِتَرْكِ سَيِّئَةٍ الثَّانِيَةِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ غَيَّرَتْ، مِثْلَ - فَمَا لَهُمْ يُؤْمِنُونَ - بِتَرْكِ لَا، فَإِنَّهُ يُفْسِدُ. عِنْدَ الْعَامَّةِ؛ وَقِيلَ لَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَوْ نَقَصَ حَرْفًا) اعْلَمْ أَنَّ الْحَرْفَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أُصُولِ الْكَلِمَةِ أَوْ لَا، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يُغَيِّرَ الْمَعْنَى أَوْ لَا فَإِنْ غَيَّرَ نَحْوُ - خَلَقْنَا - بِلَا خَاءٍ أَوْ - جَعَلْنَا - بِلَا جِيمٍ تَفْسُدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَنَحْوُ مَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى بِحَذْفِ الْوَاوِ قَبْلَ مَا خَلَقَ تَفْسُدُ، قَالُوا: وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ لِأَنَّ الْمَقْرُوءَ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ خَانِيَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ كَالْحَذْفِ عَلَى وَجْهِ التَّرْخِيمِ بِشُرُوطِهِ الْجَائِزَةِ فِي الْعَرَبِيَّةِ، نَحْوُ يَا مَالِ - فِي - يَا مَالِكُ - لَا يُفْسِدُ إجْمَاعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>