يَدَهُ فِي كُمِّ الْفَرَجِيِّ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. وَهَلْ يُرْسِلُ الْكُمَّ أَوْ يُمْسِكُ؟ خِلَافٌ وَالْأَحْوَطُ الثَّانِي قُهُسْتَانِيٌّ
(وَ) كُرِهَ (كَفُّهُ) أَيْ رَفْعُهُ وَلَوْ لِتُرَابٍ كَمُشَمِّرِ كُمٍّ أَوْ ذَيْلٍ (وَعَبَثُهُ بِهِ) أَيْ بِثَوْبِهِ (وَبِجَسَدِهِ) لِلنَّهْيِ إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَا بَأْسَ بِهِ خَارِجَ صَلَاةٍ (وَصَلَاتُهُ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ) يَلْبَسُهَا فِي بَيْتِهِ (وَمِهْنَةٍ) أَيْ خِدْمَةٍ، إنْ لَهُ غَيْرَهَا وَإِلَّا لَا
(وَأَخْذُ دِرْهَمٍ)
ــ
[رد المحتار]
وَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ سِوَى الْبَزَّازِيِّ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ قَاضِي خَانَ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ السَّدْلِ لِأَنَّهُ إرْسَالٌ لِلثَّوْبِ بِدُونِ أَنْ يَلْبَسَهُ. اهـ. قَالَ فِي الْخَزَائِنِ: بَلْ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَلَمْ يَشُدَّ وَسْطَهُ أَوْ لَمْ يَزُرَّ أَزْرَارَهُ فَهُوَ مُسِيءٌ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ السَّدْلَ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ قَمِيصٌ: أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يَسْتُرُ الْبَدَنَ؛ بَلْ اُخْتُلِفَ فِي كَرَاهَةِ شَدِّ وَسْطِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَنَحْوُهُ؛ فَفِي الْعَتَّابِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ صَنِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا يُكْرَهُ. اهـ. وَجَزَمَ فِي نُورِ الْإِيضَاحِ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَحْوَطُ الثَّانِي) لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُهُ بَلْ فِيهِ كَفُّ الثَّوْبِ وَشَغْلُ الْيَدَيْنِ عَنْ السُّنَّةِ تَأَمَّلْ رَحْمَتِيٌّ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ اهـ بَلْ الْأَحْوَطُ لُبْسُهُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ عَدَمَ إدْخَالِ يَدَيْهِ فِيهِ مَكْرُوهٌ
(قَوْلُهُ أَيْ رَفْعُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أَوْ مِنْ خَلْفِهِ عِنْدَ الِانْحِطَاطِ لِلسُّجُودِ بَحْرٌ. وَحَرَّرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ تَحْرِيمِيَّةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِتُرَابٍ) وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِصَوْنِهِ عَنْ التُّرَابِ بَحْرٌ عَنْ الْمُجْتَبَى.
(قَوْلُهُ كَمُشَمِّرِ كُمٍّ أَوْ ذَيْلٍ) أَيْ كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مُشَمِّرٌ كُمَّهُ أَوْ ذَيْلَهُ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْكَفِّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ صَلَّى وَقَدْ شَمَّرَ كُمَّيْهِ لِعَمَلٍ كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ هَيْئَتُهُ ذَلِكَ اهـ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ شَمَّرَ لِلْوُضُوءِ ثُمَّ عَجَّلَ لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ مَعَ الْإِمَامِ. وَإِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَذَلِكَ وَقُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَهَلْ الْأَفْضَلُ إرْخَاءُ كُمَّيْهِ فِيهَا بِعَمَلٍ قَلِيلٍ أَوْ تَرْكِهِمَا؟ لَمْ أَرَهُ: وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ سَقَطَتْ قَلَنْسُوَتُهُ فَإِعَادَتُهَا أَفْضَلُ تَأَمَّلْ. هَذَا، وَقَيَّدَ الْكَرَاهَةَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُنْيَةِ بِأَنْ يَكُونَ رَافِعًا كُمَّيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إلَى مَا دُونَهُمَا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ لِصِدْقِ كَفِّ الثَّوْبِ عَلَى الْكُلِّ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْحِلْيَةِ، وَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ: إنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمِرْفَقَيْنِ اتِّفَاقِيٌّ. قَالَ: وَهَذَا لَوْ شَمَّرَهُمَا خَارِجَ الصَّلَاةِ ثُمَّ شَرَعَ فِيهَا كَذَلِكَ، أَمَّا لَوْ شَمَّرَ وَهُوَ فِيهَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ وَعَبَثُهُ) هُوَ فِعْلٌ لِغَرَضٍ غَيْرِ صَحِيحٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ هُوَ مُفِيدٌ لِلْمُصَلِّي فَلَا بَأْسَ بِهِ. أَصْلُهُ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرِقَ فِي صَلَاتِهِ فَسَلَتَ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ» أَيْ مَسَحَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يُؤْذِيه فَكَانَ مُفِيدًا. وَفِي زَمَنِ الصَّيْفِ كَانَ إذَا قَامَ مِنْ السُّجُودِ نَفَضَ ثَوْبَهُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً لِأَنَّهُ كَانَ مُفِيدًا كَيْ لَا تَبْقَى صُورَةٌ. فَأَمَّا مَا لَيْسَ بِمُفِيدٍ فَهُوَ الْعَبَثُ اهـ وَقَوْلُهُ كَيْ لَا تَبْقَى صُورَةٌ يَعْنِي حِكَايَةُ صُورَةِ الْأَلْيَةِ كَمَا فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ، فَلَيْسَ نَفْضُهُ لِلتُّرَابِ. فَلَا يَرُدُّ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْحِلْيَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُكْرَهُ رَفْعَ الثَّوْبِ كَيْ لَا يَتَتَرَّبَ، لَا يَكُونُ نَفْضُهُ مِنْ التُّرَابِ عَمَلًا مُفِيدًا (قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ) وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ الْقُضَاعِيُّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ. وَالرَّفَثَ فِي الصِّيَامِ، وَالضَّحِكَ فِي الْمَقَابِرِ» " وَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ) كَحَكِّ بَدَنِهِ لِشَيْءٍ أَكَلَهُ وَأَضَرَّهُ وَسَلْتِ عَرَقٍ يُؤْلِمُهُ وَيَشْغَلُ قَلْبَهُ. وَهَذَا لَوْ بِدُونِ عَمَلٍ كَثِيرٍ. قَالَ فِي الْفَيْضِ: الْحَكُّ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ فِي رُكْنٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ إنْ رَفَعَ يَدَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ اهـ
وَفِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الْفَتَاوَى: اخْتَلَفُوا فِي الْحَكِّ. هَلْ الذَّهَابُ وَالرُّجُوعُ مَرَّةً أَوْ الذَّهَابُ مَرَّةً وَالرُّجُوعُ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ خَارِجَ صَلَاةٍ) وَأَمَّا مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ حَرَامٌ فَقَالَ السُّرُوجِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَهَا بِثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَا يَحْرُمُ، وَالْحَدِيثُ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ. اهـ. بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute