للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ فِي الْمِحْرَابِ لِضِيقِ الْمَكَانِ لَمْ يُكْرَهْ لَوْ كَانَ مَعَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ فِي الْأَصَحِّ، وَبِهِ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي جَوَامِعِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ الْعُذْرِ إرَادَةُ التَّعْلِيمِ أَوْ التَّبْلِيغِ كَمَا بُسِطَ فِي الْبَحْرِ وَقَدَّمْنَا كَرَاهَةَ الْقِيَامِ فِي صَفٍّ خَلْفَ صَفٍّ فِيهِ فُرْجَةٌ لِلنَّهْيِ، وَكَذَا الْقِيَامُ مُنْفَرِدًا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً بَلْ يَجْذِبُ أَحَدًا مِنْ الصَّفِّ ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، لَكِنْ قَالُوا فِي زَمَانِنَا تَرْكُهُ أَوْلَى، فَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: يُكْرَهُ وَحْدَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً

(وَلُبْسُ ثَوْبٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ) ذِي رُوحٍ،

ــ

[رد المحتار]

الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ: لَا يُكْرَهُ وَقِيَامُ الْإِمَامِ فِي الطَّاقِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِأَنْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ عَلَى الْقَوْمِ. اهـ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْإِمَامُ عَلَى الْأَرْضِ أَيْ وَمَعَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَانْفِرَادُ الْإِمَامِ عَلَى الدُّكَّانِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِالِانْفِرَادِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ مَعَ الْإِمَامِ، قِيلَ يُكْرَهُ وَالْأَصَحُّ لَا وَبِهِ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي جَوَامِعِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَغْلَبِ الْأَمْصَارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ وَإِلَّا كَانَ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَمِنْ الْعُذْرِ إلَخْ) أَيْ فِي الِانْفِرَادِ فِي مَكَان مُرْتَفِعٍ، وَهَذَا حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْحِلْيَةِ مَذْهَبًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَنَّهُ قِيلَ إنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.

قُلْت: لَكِنَّ فِي الْمِعْرَاجِ مَا نَصُّهُ: وَبِقَوْلِنَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا إذَا أَرَادَ الْإِمَامُ تَعْلِيمَ الْقَوْمِ أَفْعَالَ الصَّلَاةِ أَوْ أَرَادَ الْمَأْمُومُ تَبْلِيغَ الْقَوْمِ فَحِينَئِذٍ لَا يُكْرَهُ عِنْدَنَا اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ كَمَا يُكْرَهُ انْفِرَادُ الْإِمَامِ فِي مَكَان عَالٍ بِلَا عُذْرٍ يُكْرَهُ انْفِرَادُ الْمَأْمُومِ وَإِنْ وُجِدَتْ طَائِفَةٌ مَعَ الْإِمَامِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا إلَخْ) أَيْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَصُفُّ الرِّجَالُ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى رُفُوفِ الْمَسْجِدِ إنْ وَجَدَ فِي صَحْنِهِ مَكَانًا كُرِهَ كَقِيَامِهِ فِي صَفٍّ خَلْفَ صَفٍّ فِيهِ فُرْجَةٌ اهـ وَلَعَلَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَوْلَا الْعُذْرُ الْمَذْكُورُ كَانَ انْفِرَادُ الْمَأْمُومِ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالُوا إلَخْ) الْقَائِلُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ فَإِنَّهُ عَزَا إلَى بَعْضِ الْكُتُبِ أَتَى جَمَاعَةً وَلَمْ يَجِدْ فِي الصَّفِّ فُرْجَةً قِيلَ يَقُومُ وَحْدَهُ وَيُعْذَرُ، وَقِيلَ يَجْذِبُ وَاحِدًا مِنْ الصَّفِّ إلَى نَفْسِهِ فَيَقِفُ بِجَنْبِهِ. وَالْأَصَحُّ مَا رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ إلَى الرُّكُوعِ، فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ وَإِلَّا جَذَبَ إلَيْهِ رَجُلًا أَوْ دَخَلَ فِي الصَّفِّ، ثُمَّ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَالْقِيَامُ وَحْدَهُ أَوْلَى فِي زَمَانِنَا لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ عَلَى الْعَوَامّ فَإِذَا جَرَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اهـ قَالَ فِي الْخَزَائِنِ قُلْت: وَيَنْبَغِي التَّفْوِيضُ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى، فَإِنْ رَأَى مَنْ لَا يَتَأَذَّى لِدِينٍ أَوْ صَدَاقَةٍ زَاحَمَهُ أَوْ عَالِمًا جَذَبَهُ وَإِلَّا انْفَرَدَ. اهـ. قُلْت: وَهُوَ تَوْفِيقٌ حَسَنٌ اخْتَارَهُ ابْنُ وَهْبَانَ فِي شَرْحِ مَنْظُومَتِهِ (قَوْلُهُ فَلِذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يَذْكُرْ الْجَذْبَ لِمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ وَلُبْسُ ثَوْبٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ تَصَاوِيرُ لِمَا فِي الْمُغْرِبِ: الصُّورَةُ عَامٌّ فِي ذِي الرُّوحِ وَغَيْرِهِ، وَالتِّمْثَالُ خَاصٌّ بِمِثَالِ ذِي الرُّوحِ وَيَأْتِي أَنَّ غَيْرَ ذِي الرُّوحِ لَا يُكْرَهُ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا تُكْرَهُ صُورَةُ الرَّأْسِ، وَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي اتِّخَاذِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْخُلَاصَةِ وَتُكْرَهُ التَّصَاوِيرُ عَلَى الثَّوْبِ صَلَّى فِيهِ أَوْ لَا انْتَهَى، وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِ تَصْوِيرِ الْحَيَوَانِ، وَقَالَ: وَسَوَاءٌ صَنَعَهُ لِمَا يُمْتَهَنُ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَصَنْعَتُهُ حَرَامٌ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ فِيهِ مُضَاهَاةَ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي ثَوْبٍ أَوْ بِسَاطٍ أَوْ دِرْهَمٍ وَإِنَاءٍ وَحَائِطٍ وَغَيْرِهَا اهـ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَرَامًا لَا مَكْرُوهًا إنْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ أَوْ قَطْعِيَّةُ الدَّلِيلِ بِتَوَاتُرِهِ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ مُلَخَّصًا. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَيَنْبَغِي الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْخُلَاصَةِ فِي تَسْمِيَتِهِ مَكْرُوهًا.

قُلْت: لَكِنَّ مُرَادَ الْخُلَاصَةِ اللُّبْسُ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْمُتُونِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ مَا مَرَّ: أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُصَلِّي لَا يُكْرَهُ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي فِعْلِ التَّصْوِيرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَتِهِ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّ التَّصْوِيرَ يَحْرُمُ؛ وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ صَغِيرَةً كَالَّتِي عَلَى الدِّرْهَمِ أَوْ كَانَتْ فِي الْيَدِ أَوْ مُسْتَتِرَةً أَوْ مُهَانَةً مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ بِذَلِكَ لَا تَحْرُمُ، بَلْ وَلَا تُكْرَهُ لِأَنَّ عِلَّةَ حُرْمَةِ التَّصْوِيرِ الْمُضَاهَاةُ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ. وَعِلَّةُ كَرَاهَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>