للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الْإِطْلَاقِ، ثُمَّ بِقَوْلِ الثَّانِي، ثُمَّ بِقَوْلِ الثَّالِثِ، ثُمَّ بِقَوْلِ زُفَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، وَصَحَّحَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ قُوَّةَ الْمُدْرَكِ

وَفِي وَقْفِ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ: مَتَى كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ جَازَ الْقَضَاءُ وَالْإِفْتَاءُ بِأَحَدِهِمَا. وَفِي أَوَّلِ

ــ

[رد المحتار]

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ لِأَنَّهُ رَأَى الصَّحَابَةَ وَزَاحَمَ التَّابِعِينَ فِي الْفَتْوَى، فَقَوْلُهُ أَشَدُّ وَأَقْوَى مَا لَمْ يَكُنْ اخْتِلَافَ عَصْرٍ وَزَمَانٍ كَذَا فِي تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَيْ سَوَاءٌ انْفَرَدَ وَحْدَهُ فِي جَانِبٍ أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ السِّرَاجِيَّةِ مِنْ مُقَابَلَتِهِ بِالْقَوْلِ الثَّانِي الْمُفَصَّلِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ بِقَوْلِ الثَّانِي) أَيْ ثُمَّ إذَا لَمْ يُوجَدْ لِلْإِمَامِ رِوَايَةٌ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ أَبُو يُوسُفَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ رِوَايَةٌ أَيْضًا فَيُؤْخَذُ بِقَوْلِ الثَّالِثِ وَهُوَ مُحَمَّدٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ قُوَّةَ الْمُدْرِكِ) أَيْ الدَّلِيلَ وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْحَاوِي. قَالَ ح: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي التَّوْفِيقِ أَيْ بَيْنَ مَا فِي الْحَاوِي وَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ قُوَّةُ إدْرَاكٍ لِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ يُفْتِي بِالْقَوْلِ الْقَوِيِّ الْمُدْرَكِ وَإِلَّا فَالتَّرْتِيبُ. اهـ.

أَقُولُ: يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ السِّرَاجِيَّةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُفْتِي مُجْتَهِدًا، فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يَعْنِي مَنْ كَانَ أَهْلًا لِلنَّظَرِ فِي الدَّلِيلِ يَتْبَعُ مِنْ الْأَقْوَالِ مَا كَانَ دَلِيلًا وَإِلَّا فَاتَّبَعَ التَّرْتِيبَ السَّابِقَ، وَمِنْ هَذَا تَرَاهُمْ قَدْ يُرَجِّحُونَ قَوْلَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا رَجَّحُوا قَوْلَ زُفَرَ وَحْدَهُ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً، فَنَتْبَعُ مَا رَجَّحُوهُ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ النَّظَرِ فِي الدَّلِيلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ الْإِمَامِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ رِوَايَةٌ أَصْلًا، فَفِي الْأَوَّلِ يُؤْخَذُ بِأَقْوَاهَا حُجَّةً كَمَا فِي الْحَاوِي، ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْحَادِثَةِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَوَابٌ ظَاهِرٌ وَتَكَلَّمَ فِيهِ الْمَشَايِخُ الْمُتَأَخِّرُونَ قَوْلًا وَاحِدًا يُؤْخَذُ بِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْأَكْثَرِينَ ثُمَّ الْأَكْثَرِينَ مِمَّا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْكِبَارُ الْمَعْرُوفُونَ مِنْهُمْ كَأَبِي حَفْصٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي اللَّيْثِ وَالطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ جَوَابٌ أَلْبَتَّةَ نَصًّا يَنْظُرُ الْمُفْتِي فِيهَا نَظَرَ تَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرٍ وَاجْتِهَادٍ لِيَجِدَ فِيهَا مَا يُقَرِّبُ إلَى الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهَا جُزَافًا، وَيَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى وَيُرَاقِبُهُ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يَتَجَاسَرُ عَلَيْهِ إلَّا كُلُّ جَاهِلٍ شَقِيٍّ. اهـ. [تَتِمَّةٌ]

قَدْ جَعَلَ الْعُلَمَاءُ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي الْعِبَادَاتِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْوَاقِعُ بِالِاسْتِقْرَاءِ، مَا لَمْ يَكُنْ عَنْهُ رِوَايَةٌ كَقَوْلِ الْمُخَالِفِ كَمَا فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَالتَّيَمُّمِ فَقَطْ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِ نَبِيذِ التَّمْرِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ لِلْحَلَبِيِّ فِي بَحْثِ التَّيَمُّمِ.

وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ ذَوِي الْأَرْحَامِ. وَفِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ: الْفَتْوَى: عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ اهـ أَيْ لِحُصُولِ زِيَادَةِ الْعِلْمِ لَهُ بِهِ بِالتَّجْرِبَةِ، وَلِذَا رَجَعَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ الْقَوْلِ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ لَمَّا حَجَّ وَعَرَفَ مَشَقَّتَهُ. وَفِي شَرْحِ الْبِيرِيِّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا فِي الشَّهَادَاتِ. وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً حَرَّرْتهَا فِي رِسَالَةٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ أَهْلِ الْمُتُونِ لِلتَّصْحِيحِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ بِمَا فِي الْمُتُونِ كَمَا لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُتَوَاتِرَةً اهـ: وَإِذَا كَانَ فِي مَسْأَلَةٍ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ فَالْعَمَلُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مَعْدُودَةٍ مَشْهُورَةٍ.

وَفِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ مِنْ الْبَحْرِ: الْمَسْأَلَةُ إذَا لَمْ تُذْكَرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَثَبَتَتْ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَيْهَا. اهـ. وَفِي آخِرِ الْمُسْتَصْفَى لِلْإِمَامِ النَّسَفِيِّ: إذَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ أَقْوَالٍ فَالرَّاجِحُ هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ الْأَخِيرُ لَا الْوَسَطُ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْ الدِّرَايَةِ إذَا وَافَقَتْهَا رِوَايَةٌ. اهـ. ذَكَرَهُ فِي وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ فِي مَعْرِضِ تَرْجِيحِ رِوَايَةِ وُجُوبِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِلْأَدِلَّةِ الْوَارِدَةِ مَعَ أَنَّهَا خِلَافُ الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي وَقْفِ الْبَحْرِ إلَى آخِرِهِ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَفْظُ التَّصْحِيحِ فِي أَحَدِهِمَا آكَدَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا أَفَادَهُ ح: أَيْ فَلَا يُخَيَّرُ بَلْ يَتْبَعُ الْآكَدَ كَمَا سَيَأْتِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>