ثُمَّ مَا قِيلَ يَشْرَعُ فِيهَا ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلْفَرِيضَةِ أَوْ ثُمَّ يَقْطَعُهَا وَيَقْضِيهَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ دَرْءَ الْمَفْسَدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ (وَلَا يَقْضِيهَا إلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ ل) قَضَاءِ (فَرْضِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَ بَابِهِ مَكَانٌ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِ السُّنَّةِ. غَيْرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَتَفَاوَتُ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّيْفِيِّ فَصَلَاتُهُ إيَّاهَا فِي الشِّتْوِيِّ أَخَفُّ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الصَّيْفِيِّ وَعَكْسُهُ، وَأَشَدُّ مَا يَكُونُ كَرَاهَةً أَنْ يُصَلِّيَهَا مُخَالِطًا لِلصَّفِّ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي بَيْتِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ مَكَانٌ صَلَّاهَا فِيهِ، وَإِلَّا صَلَّاهَا فِي الشِّتْوِيِّ أَوْ الصَّيْفِيِّ إنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ مَوْضِعَانِ، وَإِلَّا فَخَلْفَ الصُّفُوفِ عِنْدَ سَارِيَةٍ، لَكِنْ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمَسْجِدِ مَوْضِعَانِ وَالْإِمَامُ فِي أَحَدِهِمَا، ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ قِيلَ لَا يُكْرَهُ لِعَدَمِ مُخَالَفَةِ الْقَوْمِ، وَقِيلَ يُكْرَهُ لِأَنَّهُمَا كَمَكَانٍ وَاحِدٍ. قَالَ: فَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَفْعَلَ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِيهِ إفَادَةُ أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ اهـ. لَكِنْ فِي الْحِلْيَةِ قُلْت: وَعَدَمُ الْكَرَاهَةِ أَوْجَهُ لِلْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا اهـ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ، أَمَّا قَبْلَ الشُّرُوعِ فَيَأْتِي بِهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَأَمَّا بَقِيَّةُ السُّنَنِ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ أَتَى بِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ اقْتَدَى، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ اقْتَدَى.
(قَوْلُهُ ثُمَّ مَا قِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَمَا عَنْ الْفَقِيهِ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَشْرَعَ فِيهَا ثُمَّ يَقْطَعَهَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَضَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، دَفَعَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ مَا وَجَبَ بِالشُّرُوعِ لَيْسَ أَقْوَى مِمَّا وَجَبَ بِالنَّذْرِ. وَنَصَّ مُحَمَّدٌ أَنَّ الْمَنْذُورَ لَا يُؤَدَّى بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الطُّلُوعِ. وَأَيْضًا شُرُوعٌ فِي الْعِبَادَةِ بِقَصْدِ الْإِفْسَادِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِيُؤَدِّيَهَا مَرَّةً أُخْرَى. قُلْنَا إبْطَالُ الْعَمَلِ مَنْهِيٌّ وَدَرْءُ الْمَفْسَدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ اهـ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلْفَرِيضَةِ أَيْ يَنْوِي السُّنَّةَ أَوَّلًا وَيُكَبِّرُ، ثُمَّ يَنْوِي الْفَرِيضَةَ بِقَلْبِهِ وَيُكَبِّرُ بِلِسَانِهِ، فَيَصِيرُ مُنْتَقِلًا عَنْهَا إلَى الْفَرْضِ وَفِي هَذَا إبْطَالٌ لَهَا ضِمْنًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ أَيْضًا فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ كَذَلِكَ ثُمَّ قَضَاهَا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ لَا يَرِدُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ اهـ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ قَائِلًا: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْكَنْزِ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ: وَافْتِتَاحُ الْعَصْرِ أَوْ التَّطَوُّعِ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ بِأَنَّ الظُّهْرَ يَفْسُدُ بِالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهِ. اهـ.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى سُنَّةَ الْفَجْرِ بِوَجْهِهَا تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ فِيهَا بِالْفَاتِحَةِ وَتَسْبِيحَةٍ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يُدْرِكُهَا فَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهَا لِأَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ جَائِزٌ لِإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ، فَسُنَّةِ السُّنَّةِ أَوْلَى. وَعَنْ الْقَاضِي الزَّرَنْجَرِيِّ: لَوْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ يُصَلِّي السُّنَّةَ وَيَتْرُكُ الثَّنَاءَ وَالتَّعَوُّذَ وَسُنَّةَ الْقِرَاءَةِ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى آيَةٍ وَاحِدَةٍ لِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَهُمَا وَكَذَا فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ. اهـ. وَفِيهَا أَيْضًا: صَلَّى سُنَّةَ الْفَجْرِ وَفَاتَهُ الْفَجْرُ لَا يُعِيدُ السُّنَّةَ إذَا قَضَى الْفَجْرَ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِيهَا إلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ إلَخْ) أَيْ لَا يَقْضِي سُنَّةَ الْفَجْرِ إلَّا إذَا فَاتَتْ مَعَ الْفَجْرِ فَيَقْضِيهَا تَبَعًا لِقَضَائِهِ لَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ؛ وَمَا إذَا فَاتَتْ وَحْدَهَا فَلَا تُقْضَى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِالْإِجْمَاعِ، لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ الصُّبْحِ. وَأَمَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَهَا إلَى الزَّوَالِ كَمَا فِي الدُّرَرِ. قِيلَ هَذَا قَرِيبٌ مِنْ الِاتِّفَاقِ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَحَبُّ إلَيَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ لَا لَوْمَ عَلَيْهِ. وَقَالَا: لَا يَقْضِي، وَإِنْ قَضَى فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّقَ الْخِلَافَ وَقَالَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ لَوْ قَضَى كَانَ نَفْلًا مُبْتَدَأً أَوْ سُنَّةً، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ يَعْنِي نَفْلًا عِنْدَهُمَا سُنَّةً عِنْدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ لِقَضَاءِ فَرْضِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّبَعِيَّةِ؛ وَأَشَارَ بِتَقْدِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute