فِي وَقْتِهِ وَبِالتَّحْرِيمَةِ فَقَطْ بِالْوَقْتِ يَكُونُ أَدَاءً عِنْدَنَا، وَبِرَكْعَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَالْإِعَادَةُ فِعْلُ مِثْلِهِ فِي وَقْتِهِ لِخَلَلٍ غَيْرِ الْفَسَادِ
ــ
[رد المحتار]
مَأْمُورٌ بِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ الصِّيغَةِ فِيهِ مَجَازًا، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَكُونُ الْمَنْدُوبُ أَدَاءً وَقَضَاءً، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَضَاءُ خَاصًّا بِمَا كَانَ مَضْمُونًا وَالنَّفَلُ لَا يُضْمَنُ بِالتَّرْكِ اخْتَصَّ الْقَضَاءُ بِالْوَاجِبِ، وَمِنْهُ مَا شُرِعَ فِيهِ مِنْ النَّفْلِ فَأَفْسَدَهُ فَإِنَّهُ صَارَ بِالشُّرُوعِ وَاجِبًا فَيُقْضَى، وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْأَدَاءَ يَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ، وَالْقَضَاءُ يَخْتَصُّ بِالْوَاجِبِ، وَلِهَذَا عَرَّفَهُمَا صَدْرُ الشَّرِيعَةِ بِأَنَّ الْأَدَاءَ تَسْلِيمُ عَيْنِ الثَّابِتِ بِالْأَمْرِ وَالْقَضَاءُ تَسْلِيمُ مِثْلِ الْوَاجِبِ بِهِ؛ وَالْمُرَادُ بِالثَّابِتِ بِالْأَمْرِ مَا عُلِمَ ثُبُوتُهُ بِالْأَمْرِ فَيَشْمَلُ النَّفَلَ، لَا مَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ بِهِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْوَقْتِ لِيَعُمَّ أَدَاءَ غَيْرِ الْمُوَقِّتِ كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالْأَمَانَاتِ وَالْمَنْذُورَاتِ؛ وَتَمَامُ تَحْقِيقِ ذَلِكَ فِي التَّلْوِيحِ. وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ أَنَّ تَعْرِيفَ الشَّارِحِ لِلْأَدَاءِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ خِلَافُ التَّحْقِيقِ.
(قَوْلُهُ فِي وَقْتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ الْعُمْرَ أَوْ غَيْرَهُ بَحْرٌ.
وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ فِعْلُ الْوَاجِبِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ أَدَاءً إلَّا إذَا وَقَعَ كُلُّ الْوَاجِبِ فِي الْوَقْتِ مَعَ أَنَّ وُقُوعَ التَّحْرِيمَةِ فِيهِ كَافٍ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ وَبِالتَّحْرِيمَةِ فَقَطْ بِالْوَقْتِ يَكُونُ أَدَاءً؛ فَقَوْلُهُ بِالتَّحْرِيمَةِ مُتَعَلِّقٌ بِيَكُونُ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ؛ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالْوَقْتِ بِمَعْنَى فِي؛ وَلَوْ قَالَ ثُمَّ الْأَدَاءُ ابْتِدَاءَ فِعْلِ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ لَاسْتَغْنَى عَنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ. اهـ. ح وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ بِالتَّحْرِيمَةِ يَكُونُ أَدَاءً عِنْدَنَا هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْرِيرِ وَذَكَرَ شَارِحُهُ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ مَا فِي الْوَقْتِ أَدَاءٌ وَالْبَاقِي قَضَاءٌ، وَذَكَرَ ط عَنْ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فَرَاجِعْهُ
مَطْلَبٌ فِي تَعْرِيفِ الْإِعَادَةِ.
(قَوْلُهُ وَالْإِعَادَةُ فِعْلُ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ الْوَاجِبِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ النَّفَلُ بَعْدَ الشُّرُوعِ بِهِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ فِي وَقْتِهِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ خَارِجَ الْوَقْتِ يَكُونُ إعَادَةً أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَنَدْبًا: أَيْ فَتُعَادُ نَدْبًا، وَقَوْلُهُ غَيْرِ الْفَسَادِ زَادَ فِي الْبَحْرِ وَعَدَمَ صِحَّةِ الشُّرُوعِ يَعْنِي وَغَيْرِ عَدَمِ صِحَّةِ الشُّرُوعِ، وَتَرَكَهُ الشَّارِحُ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْفَسَادِ مَا هُوَ الْأَعَمَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُنْعَقِدَةً ثُمَّ تَفْسُدُ أَوْ لَمْ تَنْعَقِدْ أَصْلًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْكَنْزِ وَفَسَدَ اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ ح.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا فِي تَعْرِيفِ الْإِعَادَةِ هُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي التَّحْرِيرِ، وَذَكَرَ شَارِحُهُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْوَقْتِ قَوْلُ الْبَعْضِ، وَإِلَّا فَفِي الْمِيزَانِ الْإِعَادَةُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ إتْيَانٌ بِمِثْلِ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ عَلَى صِفَةِ الْكَمَالِ بِأَنْ وَجَبَ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِعْلُ مَوْصُوفٍ بِصِفَةِ الْكَمَالِ فَأَدَّاهُ عَلَى وَجْهِ النُّقْصَانِ، وَهُوَ نُقْصَانٌ فَاحِشٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَهُوَ إتْيَانُ مِثْلِ الْأَوَّلِ ذَاتًا مَعَ صِفَةِ الْكَمَالِ اهـ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مَا يُفْعَلُ خَارِجَ الْوَقْتِ يَكُونُ إعَادَةً أَيْضًا كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْكَشْفِ، وَأَنَّ الْإِعَادَةَ لَا تَخْرُجُ عَنْ أَحَدِ قِسْمَيْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ. اهـ.
أَقُولُ: لَكِنَّ صَرِيحَ كَلَامِ الشَّيْخِ أَكْمَلِ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ عَلَى أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيِّ عَدَمُ تَقْيِيدِهَا بِالْوَقْتِ، وَبِكَوْنِ الْخَلَلِ غَيْرَ الْفَسَادِ، وَبِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ خَارِجَةً عَنْ الْقِسْمَيْنِ لِأَنَّهُ عَرَّفَهَا بِأَنَّهَا فِعْلُ مَا فُعِلَ أَوَّلًا مَعَ ضَرْبٍ مِنْ الْخَلَلِ ثَانِيًا، ثُمَّ قَالَ: إنْ كَانَتْ وَاجِبَةً بِأَنْ وَقَعَ الْأَوَّلُ فَاسِدًا فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْأَدَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً بِأَنْ وَقَعَ الْأَوَّلُ نَاقِصًا لَا فَاسِدًا فَلَا تَدْخُلُ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ لِأَنَّهُ تَقْسِيمُ الْوَاجِبِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute