للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعِيدُ السُّورَةَ أَيْضًا (وَتَأْخِيرِ قِيَامٍ إلَى الثَّالِثَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى التَّشَهُّدِ بِقَدْرِ رُكْنٍ) وَقِيلَ بِحَرْفٍ. وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: الْأَصَحُّ وُجُوبُهُ بِاللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ (وَالْجَهْرِ فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ) لِلْإِمَامِ (وَعَكْسُهُ) لِكُلِّ مُصَلٍّ فِي الْأَصَحِّ وَالْأَصَحُّ تَقْدِيرُهُ (بِقَدْرِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فِي الْفَصْلَيْنِ. وَقِيلَ) قَائِلُهُ قَاضِي خَانْ يَجِبُ السَّهْوُ (بِهِمَا) أَيْ بِالْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ (مُطْلَقًا) أَيْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ

ــ

[رد المحتار]

السُّورَةُ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ أَوْ أَوْسَاطِهِ أَوْ قِصَارِهِ، حَتَّى لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَقَعَ فَرْضًا، كَمَا أَنَّ الرُّكُوعَ بِقَدْرِ تَسْبِيحَةٍ فَرْضٌ، وَتَطْوِيلُهُ بِقَدْرِ ثَلَاثٍ سُنَّةٌ كَمَا حَقَّقَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَقَدَّمْنَاهُ فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَقْرَؤُهُ يَلْتَحِقُ بِمَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَيَلْغُو هَذَا الرُّكُوعُ فَتَلْزَمُ إعَادَتُهُ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُعِدْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بَلْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ لَوْ قَامَ لِأَجْلِ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَسَجَدَ وَلَمْ يَقْرَأْ وَلَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَصَبَ قَائِمًا لِلْقِرَاءَةِ ارْتَفَضَ رُكُوعُهُ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ يَقُولُ لَا تَفْسُدُ اهـ وَهَذَا كُلُّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَذَكَّرَ الْقُنُوتَ فِي الرُّكُوعِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ، وَلَوْ عَادَ وَقَنَتَ لَا يَرْتَفِضُ رُكُوعُهُ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ لِأَنَّ الْقُنُوتَ إذَا أُعِيدَ يَقَعُ وَاجِبًا لَا فَرْضًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَأَمَّا إذَا عَادَ لِقِرَاءَةِ سُورَةٍ أُخْرَى فَلَا يَرْتَفِضُ رُكُوعُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ قِرَاءَةٍ تَامَّةٍ فَكَانَ فِي مَوْقِعِهِ وَكَانَ عَوْدُهُ إلَى الْقِرَاءَةِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ كَمَا إذَا عَادَ إلَى الْقُنُوتِ بَلْ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ يُعِيدُ السُّورَةَ أَيْضًا) أَيْ لِتَقَعَ الْقِرَاءَةُ مُرَتَّبَةً.

(قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ قِيَامٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ وُجُوبَ السُّجُودِ لَيْسَ لِخُصُوصِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ تَعْقِيبُ التَّشَهُّدِ لِلْقِيَامِ بِلَا فَاصِلٍ؛ حَتَّى لَوْ سَكَتَ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي فَصْلِ إذَا أَرَادَ الشُّرُوعَ. قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: وَكَمَا لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ هُنَا أَوْ فِي الرُّكُوعِ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ مَعَ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَمَا لَوْ ذَكَرَ التَّشَهُّدَ فِي الْقِيَامِ مَعَ أَنَّهُ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الْمَنَاقِبِ أَنَّ الْإِمَامَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: كَيْفَ أَوْجَبْت السَّهْوَ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فَقَالَ: لِأَنَّهُ صَلَّى عَلَيْك سَهْوًا، فَاسْتَحْسَنَهُ.

(قَوْلُهُ وَفِي الزَّيْلَعِيِّ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَتْنِهِ فِي فَصْلِ إذَا أَرَادَ الشُّرُوعَ وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِقَدْرِ رُكْنٍ تَأَمَّلْ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَا لَمْ يَقُلْ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ. وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ كَمَا تَرَى، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْحَاوِي: وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَجِبُ السَّهْوُ مَا لَمْ يَبْلُغْ إلَى قَوْلِهِ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

(قَوْلُهُ وَالْجَهْرُ فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ لِلْإِمَامِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ، وَصَوَابُهَا وَالْجَهْرُ فِيمَا يُخَافِتُ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَعَكْسُهُ لِلْإِمَامِ ح وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالدُّرَرِ، وَمَالَ إلَيْهِ فِي الْفَتْحِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْحِلْيَةِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا، مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامِ دُونَ الْمُنْفَرِدِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَهْرَ فِي الْجَهْرِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ اتِّفَاقًا؛ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْإِخْفَاءِ عَلَيْهِ فِي السِّرِّيَّةِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ، وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَشُرُوحِ الْهِدَايَةِ كَالنِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَصَرَّحُوا بِأَنَّ وُجُوبَ السَّهْوِ عَلَيْهِ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ اهـ فَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا سَهْوَ عَلَى الْمُنْفَرِدِ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْإِمَامِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ وَالْمُنْيَةِ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَعَنْ الْكَثِيرِ يُمْكِنُ، وَمَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ كَثِيرٌ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ آيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَعِنْدَهُمَا ثَلَاثُ آيَاتٍ هِدَايَةٌ.

(قَوْلُهُ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةِ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ.

(قَوْلُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ) أَيْ وَلَوْ كَلِمَةً. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَالْمُتَبَادَرُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي صُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>