ثُمَّ شَفَعَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ الْبِنَاءُ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ تَحْرِيمًا، أَرَادَ بِنَاءً لِئَلَّا يَبْطُلَ سُجُودُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ (بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ) إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْنِ بَطَلَتْ (وَلَوْ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ) مِنْ الْبِنَاءِ (صَحَّ) بِنَاؤُهُ (لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ وَيُعِيدُ) هُوَ وَالْمُسَافِرُ (سُجُودَ السَّهْوِ عَلَى الْمُخْتَارِ) لِبُطْلَانِهِ بِوُقُوعِهِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ (سَلَامُ مَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ يُخْرِجُهُ) مِنْ الصَّلَاةِ خُرُوجًا (مَوْقُوفًا) إنْ سَجَدَ عَادَ إلَيْهَا وَإِلَّا لَا وَعَلَى هَذَا (فَيَصِحُّ) الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَيَبْطُلُ وُضُوءُهُ بِالْقَهْقَهَةِ، وَيَصِيرُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ (إنْ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (وَإِلَّا) وَإِلَّا يَسْجُدْ (لَا) تَثْبُتْ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ، كَذَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ،
ــ
[رد المحتار]
لِلْخُلَاصَةِ، لِكَوْنِهِ السُّنَّةَ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ عِنْدَنَا، لَا لِكَوْنِ الْبَعْدِيَّةِ أَوْلَى كَمَا قِيلَ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا صَلَّى ط.
(قَوْلُهُ تَحْرِيمًا) لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ نَقْضَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَبْطُلَ سُجُودُهُ إلَخْ) وَنَقْضُ الْوَاجِبِ وَإِبْطَالُهُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا اسْتَلْزَمَ تَصْحِيحُهُ نَقْضَ مَا هُوَ فَوْقَهُ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ: أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَافِرِ الْآتِيَةِ. قَالَ ح: قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا فِي الْبِنَاءِ عَلَى النَّفْلِ. وَأَمَّا الْبِنَاءُ عَلَى الْفَرْضِ فَفِيهِ كَرَاهَتَانِ أُخْرَيَانِ: وَالْأُولَى تَأْخِيرُ سَلَامِ الْمَكْتُوبَةِ، الثَّانِيَةُ الدُّخُولُ فِي النَّفْلِ بِلَا تَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ. اهـ. قَالَ ط: وَهَذَا الْأَخِيرُ يَظْهَرُ أَيْضًا فِي بِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى مِثْلِهِ إذَا كَانَ نَوَى أَوَّلًا رَكْعَتَيْنِ اهـ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إلَخْ) أَيْ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْنِ وَقَدْ لَزِمَ الْإِتْمَامُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَفِي الْبِنَاءِ نَقْضُ الْوَاجِبِ وَهُوَ أَدْنَى فَيُتَحَمَّلُ دَفْعًا لِلْأَعْلَى بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَيُعِيدُ هُوَ) أَيْ مَنْ لَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَلُ الْمُفْتَرِضَ، وَيُخَالِفُهُ مَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ الْقُنْيَةِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَنَى النَّفَلَ عَلَى فَرْضٍ سَهَا فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْمُسَافِرُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَالْمُسَافِرِ، لِئَلَّا يُوهِمَ قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ الْبَحْرِ، أَفَادَهُ ط. قُلْت: بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِمْدَادِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَقِيلَ لَا يُعِيدُهُ، لِأَنَّهُ وَقَعَ جَابِرًا حِينَ وَقَعَ فَيُعْتَدُّ بِهِ ح عَنْ الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا عِنْدَهُمَا؛ وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهَا أَصْلًا، كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ إنْ سَجَدَ عَادَ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ مَعْنَى التَّوَقُّفِ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ مِنْهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ يَعُودَ إلَى حُرْمَتِهَا بِالسُّجُودِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا. وَلَهُمْ فِيهِ تَفْسِيرٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ قَبْلَ السُّجُودِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ظُهُورِ عَاقِبَتِهِ، إنْ سَجَدَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ وَقْتِ وُجُودِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَ السُّجُودِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ، أَمَّا قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ يَصِيرُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا بَعْدَ السَّلَامِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّهُ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا؛ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلِأَنَّهُ عَادَ إلَى حُرْمَتِهَا بِالسُّجُودِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ.
(قَوْلُهُ كَذَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَهِيَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ كَالْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا وَالْكَافِي وَقَاضِي خَانْ وَغَيْرِهَا عَدَمُ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ، وَعَدَمُ صَيْرُورَةِ الْفَرْضِ أَرْبَعًا عِنْدَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْعَوْدِ إلَى السُّجُودِ وَعَدَمِهِ.
وَإِنَّمَا ذَكَرُوا هَذَا التَّفْصِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ فَقَطْ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ فِي غَيْرِهَا؛ أَمَّا إجْرَاءُ التَّفْصِيلِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ؛ فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهَا فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا فِي مَتْنِ الْوِقَايَةِ وَالدُّرَرِ وَالْمُلْتَقَى، وَقَدْ نَبَّهَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى غَلَطِهِمْ، وَكَذَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: إنَّ مَا سِوَى مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ لَيْسَ مِنْ فُرُوعِ الْخِلَافِ، إلَّا إذَا سَقَطَ الشَّرْطِيَّتَانِ. وَفِي الْوِقَايَةِ هُنَا سَهْوٌ مَشْهُورٌ. اهـ. وَأَرَادَ بِالشَّرْطِيَّتَيْنِ قَوْلَهُ إنْ عَادَ إلَى السُّجُودِ وَإِلَّا فَلَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوَابَ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ سَلَامُ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ يُخْرِجُهُ مِنْهَا خُرُوجًا مَوْقُوفًا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إنْ سَجَدَ بَعْدُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَبْطُلُ وُضُوءُهُ بِالْقَهْقَهَةِ، وَلَا يَصِيرُ فَرْضُهُ