للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَدَاءِ رُكْنٍ وَلَمْ يَشْتَغِلْ حَالَةَ الشَّكِّ بِقِرَاءَةٍ وَلَا تَسْبِيحٍ) ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ (وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فِي) جَمِيعِ (صُوَرِ الشَّكِّ) سَوَاءٌ عَمِلَ بِالتَّحَرِّي أَوْ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ فَتْحٌ لِتَأْخِيرِ الرُّكْنِ، لَكِنْ فِي السِّرَاجِ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي أَخْذِ الْأَقَلِّ مُطْلَقًا، وَفِي غَلَبَةِ الظَّنِّ إنْ تَفَكَّرَ قَدْرَ رُكْنٍ.

[فُرُوعٌ] أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّهُ مَا صَلَّى أَرْبَعًا وَشَكَّ فِي صِدْقِهِ وَكَذَّبَهُ أَعَادَ احْتِيَاطًا. وَلَوْ اخْتَلَفَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فَلَوْ الْإِمَامُ عَلَى يَقِينٍ لَمْ يُعِدْ وَإِلَّا أَعَادَ بِقَوْلِهِمْ.

ــ

[رد المحتار]

أَنْ يَشْغَلَهُ التَّفَكُّرُ عَنْ رُكْنٍ أَوْ وَاجِبٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ شَغْلُ قَلْبِهِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ جَوَارِحُهُ مَشْغُولَةً بِأَدَاءِ الْأَرْكَانِ، وَمِثْلُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فَطَوَّلَ فِي تَفَكُّرِهِ وَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ بِالتَّفَكُّرِ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَفَكُّرُهُ لَيْسَ إلَّا إطَالَةَ الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، وَهَذِهِ الْأَذْكَارُ سُنَّةٌ لَكِنَّهُ أَخَّرَ وَاجِبًا أَوْ رُكْنًا لَا بِسَبَبِ إقَامَةِ السُّنَّةِ بَلْ بِسَبَبِ التَّفَكُّرِ، وَلَيْسَ التَّفَكُّرُ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ. اهـ.

قُلْت؛ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي التَّفَكُّرِ الْمُوجِبِ لِلسَّهْوِ، فَقِيلَ مَا لَزِمَ مِنْهُ تَأْخِيرُ الْوَاجِبِ أَوْ الرُّكْنِ عَنْ مَحَلِّهِ بِأَنْ قَطَعَ الِاشْتِغَالَ بِالرُّكْنِ أَوْ الْوَاجِبِ قَدْرَ أَدَاءِ رُكْنٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ مُجَرَّدُ التَّفَكُّرِ الشَّاغِلِ لِلْقَلْبِ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ الْمُوَالَاةَ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا تَفَكَّرَ فِي أَفْعَالِ هَذِهِ الصَّلَاةِ؛ أَمَّا لَوْ تَفَكَّرَ فِي صَلَاةٍ قَبْلَهَا هَلْ صَلَّاهَا أَمْ لَا، فَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَّرَ فِعْلًا؛ كَمَا لَوْ تَفَكَّرَ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا حَتَّى أَخَّرَ رُكْنًا وَفِي رِوَايَةٍ يَلْزَمُهُ لِتَمَكُّنِ النَّقْصِ فِي صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ تِلْكَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَعْلَمَ جَوَازَ صَلَاتِهِ هَذِهِ بِخِلَافِ أَعْمَالِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا حِفْظُهَا. وَاسْتَظْهَرَ فِي الْحِلْيَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ تَرْكُ الْوَاجِبِ بِالتَّفَكُّرِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ أَيْضًا. وَاسْتَظْهَرَ أَيْضًا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمُلْزِمَ لِلسُّجُودِ مَا كَانَ فِيهِ تَأْخِيرُ الْوَاجِبِ أَوْ الرُّكْنِ عَنْ مَحَلِّهِ، إذْ لَيْسَ فِي مُجَرَّدِ التَّفَكُّرِ مَعَ الْأَدَاءِ تَرْكُ وَاجِبٍ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهَا وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ عَمِلَ بِالتَّحَرِّي) أَيْ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ أَوْ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ وَأَخَذَ بِالْأَقَلِّ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي السِّرَاجِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ لُزُومِ السُّجُودِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَفَكَّرَ قَدْرَ رُكْنٍ أَوْ لَا، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ، فَإِذَا تَحَرَّى وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِهِ، وَلَا يَظْهَرُ وَجْهٌ لِإِيجَابِ السُّجُودِ عَلَيْهِ إلَّا إذَا طَالَ تَفَكُّرُهُ غَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ لِأَنَّ فِيهِ احْتِمَالَ الزِّيَادَةِ كَمَا أَفَادَ فِي الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّكَّ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَا يُعْتَبَرُ، وَأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مُسْتَثْنَاةٌ؛ وَقَيَّدَ بِالْعَدْلِ، إذْ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمَا وَلَا يُعْتَبَرُ شَكُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ عَدْلًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إمْدَادٌ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَعَادَ احْتِيَاطًا الْوُجُوبُ لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا شَكَّ الْإِمَامُ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ يَجِبُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ يُسْتَحَبُّ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ اهـ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ) أَيْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، كَأَنْ قَالُوا صَلَّيْت ثَلَاثًا وَقَالَ بَلْ أَرْبَعًا أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الْقَوْمُ وَالْإِمَامُ مَعَ فَرِيقٍ مِنْهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا أُخِذَ بِقَوْلِ الْإِمَامِ؛ وَلَوْ تَيَقَّنَ وَاحِدٌ بِالتَّمَامِ وَوَاحِدٌ بِالنَّقْصِ وَشَكَّ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فَالْإِعَادَةُ عَلَى الْمُتَيَقِّنِ بِالنَّقْصِ فَقَطْ؛ وَلَوْ تَيَقَّنَ الْإِمَامُ بِالنَّقْصِ لَزِمَهُمْ الْإِعَادَةُ إلَّا مَنْ تَيَقَّنَ مِنْهُمْ بِالتَّمَامِ، وَلَوْ تَيَقَّنَ وَاحِدٌ بِالنَّقْصِ وَشَكَّ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعِيدُوا احْتِيَاطًا وَلَزِمَتْ لَوْ الْمُخْبِرُ بِالنَّقْصِ عَدْلَانِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ وَالْفَتْحِ.

[تَتِمَّةٌ] شَكَّ الْإِمَامُ فَلَحَظَ إلَى الْقَوْمِ لِيَعْلَمَ بِهِمْ إنْ قَامُوا قَامَ وَإِلَّا قَعَدَ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ. غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>