للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَبْلَهَا أَوْ فِيهَا) أَيْ الْفَرِيضَةِ (أَوْ) حُكْمِيٍّ بِأَنْ (خَافَ زِيَادَتَهُ أَوْ بُطْءَ بُرْئِهِ بِقِيَامِهِ أَوْ دَوَرَانَ رَأْسِهِ أَوْ وَجَدَ لِقِيَامِهِ أَلَمًا شَدِيدًا) أَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى قَائِمًا سَلِسَ بَوْلُهُ أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَمَا مَرَّ (صَلَّى قَاعِدًا) وَلَوْ مُسْتَنِدًا إلَى وِسَادَةٍ

ــ

[رد المحتار]

وَاخْتَلَفُوا فِي التَّعَذُّرِ؛ فَقِيلَ مَا يُبِيحُ الْإِفْطَارَ، وَقِيلَ التَّيَمُّمَ، وَقِيلَ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ سَقَطَ، وَقِيلَ مَا يُعْجِزُهُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِ. وَالْأَصَحُّ أَنْ يَلْحَقَهُ ضَرَرٌ بِالْقِيَامِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُجْتَبَى وَغَيْرِهِمَا اهـ فَقَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّعَذُّرِ: أَيْ فِي غَيْرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي كَلَامِهِ كَالْكَنْزِ الْحَقِيقِيُّ بِدَلِيلِ عَطْفِ الْحُكْمِيِّ عَلَيْهِ. وَبِمَا تَقَرَّرَ ظَهَرَ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ جَعَلَ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ وَصْفَيْنِ لِلْمَرَضِ مَعَ أَنَّهُمَا صِفَتَانِ لِلتَّعَذُّرِ لِأَنَّ الْمَرَضَ فِيهِمَا حَقِيقِيٌّ؛ وَكَذَا قَوْلُهُ وَحْدَهُ، إنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْمَرَضِ الْحَقِيقِيِّ، فَلَيْسَ ذَلِكَ تَعْرِيفًا لِلْمَرَضِ بَلْ تَعْرِيفُ الْمَرَضِ مَا قَدَّمْنَاهُ وَإِنْ كَانَ لِلتَّعَذُّرِ الْمَذْكُورِ، فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ مَا لَوْ قَامَ لَسَقَطَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعُودَ لِمُطْلَقِ التَّعَذُّرِ الْمُبِيحِ لِلصَّلَاةِ قَاعِدًا كَمَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الْبَحْرِ وَاخْتَلَفُوا إلَخْ فَافْهَمْ. وَقَدْ يَأْتِي الْحَدُّ بِمَعْنَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ عَوْدُهُ لِمُطْلَقِ الْمَرَضِ: أَيْ الْقَدْرِ الْمُمَيِّزِ بَيْنَ مَا تَصِحُّ مَعَهُ الصَّلَاةُ قَاعِدًا وَمَا لَا تَصِحُّ مَا يَلْحَقُهُ بِالْقِيَامِ ضَرَرٌ، وَهُوَ شَامِلٌ حِينَئِذٍ لِمَا إذَا تَعَذَّرَ الْقِيَامُ حَقِيقَةً بِالْمَعْنَى الْمَارِّ أَوْ حُكْمًا. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْقِيَامُ أَصْلًا فَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ قَبْلَهَا أَوْ فِيهَا) صِفَةٌ لِمَرَضٍ، وَالْمَرَضُ الْعَارِضُ فِيهَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ. وَلَوْ عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ فِيهَا، وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوْ فِيهَا تَقْيِيدَهُ بِقَوْلِهِ كُلُّهُ، لِأَنَّ الْمُرَادَ حِينَئِذٍ تَعَذُّرُ كُلِّ الْقِيَامِ الْوَاقِعِ بَعْدَ عُرُوضِ الْمَرَضِ.

(قَوْلُهُ أَيْ الْفَرِيضَةِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَ كَالْوِتْرِ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَسُنَّةِ الْفَجْرِ، احْتِرَازًا عَمَّا عَدَا ذَلِكَ مِنْ النَّوَافِلِ، فَإِنَّهَا تَجُوزُ مِنْ قُعُودٍ بِلَا تَعَذُّرِ قِيَامٍ.

(قَوْلُهُ خَافَ) أَيْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِتَجْرِبَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ إخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ حَاذِقٍ إمْدَادٌ.

(قَوْلُهُ بِقِيَامِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِخَافَ أَوْ بِزِيَادَةٍ وَبُطْءٍ عَلَى سَبِيلِ التَّنَازُعِ (قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَ لِقِيَامِهِ) أَيْ لِأَجْلِهِ أَلَمًا شَدِيدًا، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ دَاخِلٌ فِي أَفْرَادِ الضَّرَرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَحْدَهُ إلَخْ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ سَلِسَ) كَفَرِحَ ط (قَوْلُهُ أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِلصَّوْمِ بِاللَّامِ التَّعْلِيلِيَّةِ أَيْ تَعَذَّرَ الْقِيَامُ لِأَجْلِ الصِّيَامِ. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ: وَدَخَلَ تَحْتَ الْعَجْزِ الْحُكْمِيِّ مَا لَوْ صَامَ رَمَضَانَ صَلَّى قَاعِدًا وَإِنْ أَفْطَرَ صَلَّى قَائِمًا يَصُومُ وَيُصَلِّي قَاعِدًا.

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ يَتَحَتَّمُ الْقُعُودُ كَمَنْ يَسِيلُ جُرْحُهُ إذَا قَامَ أَوْ يَسْلَسُ بَوْلُهُ أَوْ يَبْدُو رُبْعُ عَوْرَتِهِ أَوْ يَضْعُفُ عَنْ الْقِرَاءَةِ أَصْلًا أَوْ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ وَلَوْ أَضْعَفَهُ عَنْ الْقِيَامِ الْخُرُوجُ لِجَمَاعَةٍ صَلَّى فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا بِهِ يُفْتَى خِلَافًا لِلْأَشْبَاهِ ح.

أَقُولُ: وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِيمَاءِ قَاعِدًا، كَمَا لَوْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ صَلَّى قَاعِدًا يَسِيلُ بَوْلُهُ أَوْ جُرْحُهُ وَلَوْ مُسْتَلْقِيًا لَا صَلَّى قَائِمًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ لِأَنَّ الِاسْتِلْقَاءَ لَا يَجُوزُ بِلَا عُذْرٍ كَالصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ فَيَتَرَجَّحُ مَا فِيهِ الْإِتْيَانُ بِالْأَرْكَانِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحِهَا. وَمِنْ الْعَجْزِ الْحُكْمِيِّ أَيْضًا مَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْوَلَدِ وَتَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ تُصَلِّي بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدَ ضَرَرٌ؛ وَمَا لَوْ خَافَ الْعَدُوَّ لَوْ صَلَّى قَائِمًا أَوْ كَانَ فِي خِبَاءٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ وَإِنْ خَرَجَ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ لِطِينٍ أَوْ مَطَرٍ، وَمَنْ بِهِ أَدْنَى عِلَّةٍ فَخَافَ إنْ نَزَلَ عَنْ الْمَحْمَلِ بَقِيَ فِي الطَّرِيقِ يُصَلِّي الْفَرْضَ فِي مَحْمَلِهِ وَكَذَا الْمَرِيضُ الرَّاكِبُ، إلَّا إذَا وَجَدَ مَنْ يُنْزِلُهُ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مُسْتَنِدًا إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَلْحَقْهُ ضَرَرٌ بِهِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ أَوْ إنْسَانٍ) غَيَّرَ فِي الْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ وَغَيَّرَهُمَا بِالْخَادِمِ بَدَلَهُ. قَالَ ح: وَفِيهِ أَنَّ الْقَادِرَ بِقُدْرَةِ الْغَيْرِ عَاجِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْغَيْرِ غَيْرُ الْخَادِمِ تَأَمَّلْ. اهـ.

أَقُولُ: قَدَّمْنَا فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِنَفْسِهِ لَوْ وَجَدَ مَنْ تَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ كَعَبْدِهِ وَوَلَدِهِ وَأَجِيرِهِ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ اتِّفَاقًا وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ لَوْ اسْتَعَانَ بِهِ أَعَانَهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، بِخِلَافِ الْعَاجِزِ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>