(بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ) الْمُتَقَدِّمَةِ (خَلَا التَّحْرِيمَةَ) وَنِيَّةَ التَّعْيِينِ، وَيُفْسِدُهَا مَا يُفْسِدُهَا: وَرُكْنُهَا: السُّجُودُ أَوْ بَدَلُهُ كَرُكُوعِ مُصَلٍّ وَإِيمَاءِ مَرِيضٍ وَرَاكِبٍ (وَهِيَ سَجْدَةٌ بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ) مَسْنُونَتَيْنِ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَفِي التَّشَهُّدِ بَحْثٌ مَقْدِسِيٌّ: أَيْ لِأَنَّ انْدِرَاجَهَا فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَتَأَدَّى فِيهِ أَنَّهُ يُؤَدِّيهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَلَاهَا فِيهِ لَا بَعْدَهُ لَكِنْ فِي الْإِمْدَادِ وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ: عَلَيْهِ السُّجُودُ وَيَتَأَدَّى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ الَّذِي هُوَ فِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ الدِّيرِيِّ فَعَلَيْهِ يَسْجُدُ لَوْ كَانَ تَالِيًا فِي التَّشَهُّدِ اهـ.
أَقُولُ: هَذَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيهَا كَالْجُنُبِ لَا مَحْجُورٌ كَالْمُقْتَدِي، وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْجُنُبِ وَالْمُقْتَدِي بِأَنَّ الْأَوَّلَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِ السَّجْدَةُ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ وَالْمُقْتَدِيَ مَحْجُورٌ لِنَفَاذِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ وَتَصَرُّفُ الْمَحْجُورِ لَا حُكْمَ لَهُ، وَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا بِتِلَاوَتِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّالِيَ فِي رُكُوعِهِ مَثَلًا أَهْلٌ لِلْوُجُوبِ وَلَيْسَ لَهُ إمَامٌ يَحْجُرُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ وَجْهُ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ الْمَرْغِينَانِيِّ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْمَدَنِيِّ نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ مِيرْغَنِيٍّ فِي حَاشِيَةِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ رَجَّحَ كَلَامَ الْمَرْغِينَانِيِّ بِمَا ذَكَرْنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا فِي الْفَيْضِ لَوْ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ وَقَرَأَ فِي سُجُودِهِ آيَةً أُخْرَى لَمْ تَجِبْ السَّجْدَةُ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ) لِأَنَّهَا جَزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ فَكَانَتْ مُعْتَبَرَةً بِسَجَدَاتِ الصَّلَاةِ؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا بِالتَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَاءً لِأَنَّ شَرْطَ صَيْرُورَةِ التَّيَمُّمِ طَهَارَةً حَالَ وُجُودِ الْمَاءِ خَشْيَةُ الْفَوْتِ وَلَمْ تُوجَدْ لِأَنَّ وُجُوبَهَا عَلَى التَّرَاخِي، وَكَذَا يُشْتَرَطُ لَهَا الْوَقْتُ حَتَّى لَوْ تَلَاهَا أَوْ سَمِعَهَا فِي وَقْتٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ فَأَدَّاهَا فِي مَكْرُوهٍ لَا تَجْزِيهِ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ كَامِلَةً إلَّا إذَا تَلَاهَا فِي مَكْرُوهٍ وَسَجَدَهَا فِيهِ أَوْ فِي مَكْرُوهٍ آخَرَ جَازَ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا كَمَا وَجَبَتْ وَكَذَا النِّيَّةُ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا تَصِحُّ بِدُونِهَا بَدَائِعُ قَالَ فِي الْحِلْيَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ وَسَجَدَهَا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَكَأَنَّهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ فَانْسَحَبَ عَلَيْهَا نِيَّتُهَا.
(قَوْلُهُ خَلَا التَّحْرِيمَةَ) لِأَنَّهَا لِتَوْحِيدِ الْأَفْعَالِ الْمُخْتَلِفَةِ وَلَمْ تُوجَدْ بَدَائِعُ وَحِلْيَةٌ وَبَحْرٌ أَيْ فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَفْعَالٌ مُخْتَلِفَةٌ مِنْ قِيَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَبِالتَّحْرِيمَةِ صَارَتْ فِعْلًا وَاحِدًا وَأَمَّا هَذِهِ فَمَاهِيَّتُهَا فِعْلٌ وَاحِدٌ فَاسْتَغْنَتْ عَنْ التَّحْرِيمَةِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَنِيَّةَ التَّعْيِينِ) أَيْ تَعْيِينِ أَنَّهَا سَجْدَةَ آيَةٍ كَذَا نَهْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ، وَأَمَّا تَعْيِينُ كَوْنِهَا عَنْ التِّلَاوَةِ فَشَرْطٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ النِّيَّةِ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ إلَّا إذَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ وَسَجَدَهَا فَوْرًا كَمَا عَلِمْته (قَوْلُهُ وَيُفْسِدُهَا مَا يُفْسِدُهَا) أَيْ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ مِنْ الْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْكَلَامِ وَالْقَهْقَهَةِ وَعَلَيْهِ إعَادَتُهَا. وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ عِنْدَهُ لِتَمَامِ الرُّكْنِ وَهُوَ الرَّفْعُ، وَالْعِبْرَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلْوَضْعِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفْسِدَهَا. وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهَا تَفْسُدُ عَلَى ظَاهِرِ الْجَوَابِ اتِّفَاقًا إلَّا أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فِي الْقَهْقَهَةِ وَكَذَا مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ لَا تُفْسِدُهَا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَلَوْ نَامَ فِيهَا لَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ كَالصُّلْبِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَرُكُوعِ مُصَلٍّ) قَيَّدَ بِالْمُصَلِّي لِأَنَّهُ لَوْ تَلَاهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَرَكَعَ لَهَا لَا يَجْزِيهِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ فِي الظَّاهِرِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ خِلَافًا لِمَا سَيَنْقُلُهُ الشَّارِحُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنَّهُ تَحْرِيفٌ تَبِعَ فِيهِ النَّهْرَ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَإِيمَاءِ مَرِيضٍ) أَيْ وَلَوْ تَلَاهَا فِي الصِّحَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَرَاكِبٍ) أَيْ إذَا تَلَاهَا أَوْ سَمِعَهَا رَاكِبًا خَارِجَ الْمِصْرِ وَإِنْ نَزَلَ بَعْدَهَا ثُمَّ رَكِبَ، أَمَّا لَوْ وَجَبَتْ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ تَامَّةً بِخِلَافِ الْعَكْسِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ مَسْنُونَتَيْنِ) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْوَضْعِ وَتَكْبِيرَةِ الرَّفْعِ بَحْرٌ. وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُكَبِّرُ أَصْلًا. وَعَنْهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُكَبِّرُ لِلرَّفْعِ لَا لِلْوَضْعِ. وَعَنْهُ بِالْعَكْسِ حِلْيَةٌ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَفِي الْحُجَّةِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لَوْ سَجَدَ وَلَمْ يُكَبِّرْ عَنْ الْعُهْدَةِ قَالَ فِي الْحُجَّةِ وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute