للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُطْبِقَ) فَلَا تَجِبُ بِتِلَاوَتِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، وَلَوْ قَصُرَ جُنُونُهُ فَكَانَ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ أَقَلَّ تَلْزَمُهُ تَلَا أَوْ سَمِعَ، وَإِنْ أَكْثَرَ لَا تَلْزَمُهُ بَلْ تَلْزَمُ مَنْ سَمِعَهُ عَلَى مَا حَرَّرَهُ مُلَّا خُسْرو، لَكِنْ جَزَمَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ وَنَقَلَ الْوُجُوبَ بِالسَّمَاعِ مِنْ الْمَجْنُونِ عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالْجَوْهَرَةِ قُلْت: وَبِهِ جَزَمَ الْقُهُسْتَانِيُّ (لَا) تَجِبُ (بِسَمَاعِهِ مِنْ الصَّدَى وَالطَّيْرِ)

ــ

[رد المحتار]

أَوْ نَائِمٍ أَوْ طَيْرٍ لِأَنَّ السَّبَبَ سَمَاعُ تِلَاوَةٍ صَحِيحَةٍ وَصِحَّتُهَا بِالتَّمْيِيزِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ التَّفْصِيلَ فِي الصَّبِيِّ، فَلْيَكُنْ هُوَ الْمُعْتَبَرُ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا وَجَبَ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْحِلْيَةِ.

(قَوْلُهُ الْمُطْبِقَ) بِالْكَسْرِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَفِي الْقَامُوسِ أَطْبَقَهُ غَطَّاهُ وَمِنْهُ الْجُنُونُ الْمُطْبِقُ وَالْحُمَّى الْمُطْبِقَةُ اهـ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُلَازِمُ الْمُمْتَدُّ. وَاَلَّذِي حَرَّرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ إنَّ قَدْرَ الِامْتِدَادِ الْمُسْقِطِ فِي الصَّلَوَاتِ بِصَيْرُورَتِهَا سِتًّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَفِي الصَّوْمِ بِاسْتِغْرَاقِ الشَّهْرِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ وَفِي الزَّكَاةِ بِاسْتِغْرَاقِ الْحَوْلِ اهـ.

وَيَظْهَرُ مِنْهُ وَمِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَنْ كَانَ أَهْلًا لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ أَنَّ التِّلَاوَةَ كَالصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مَا زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَكَانَ لَا يَزُولُ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْجُنُونَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ قَاصِرًا وَهُوَ مَا لَا يَزِيدُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَكَامِلًا غَيْرَ مُطْبِقٍ وَهُوَ مَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُ قَدْ يَزُولُ وَكَامِلًا مُطْبِقًا وَهُوَ مَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَزُولُ. وَالْحَاصِلُ لِصَاحِبِ الدُّرَرِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْسِيمِ هُوَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ عَدَمَ الْوُجُوبِ بِالسَّمَاعِ مِنْ الْمَجْنُونِ. وَعَنْ الْخَانِيَّةِ الْوُجُوبَ وَعَنْ النَّوَادِرِ أَنَّهُ إذَا قَصُرَ فَكَانَ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ أَقَلَّ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ تَلَاهَا أَوْ سَمِعَهَا أَيْ وَإِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ تَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا مِنْهُ بِالْأَوْلَى ثُمَّ ذَكَرَ فِي الدُّرَرِ أَنَّ الْقَاصِرَ يَجِبُ السُّجُودُ بِتِلَاوَتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَمِعَ مِنْهُ وَهُوَ مَا فِي النَّوَادِرِ وَالْكَامِلِ الْغَيْرُ الْمُطْبِقِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِتِلَاوَتِهِ بَلْ عَلَى سَامِعِهِ وَهُوَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمُطْبِقُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى سَامِعِهِ وَهُوَ مَا فِي التَّلْخِيصِ وَقَدْ جَرَى الشَّارِحُ عَلَى هَذَا التَّقْسِيمِ وَالتَّوْفِيقِ (قَوْلُهُ فَلَا تَجِبُ بِتِلَاوَتِهِ) أَيْ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ) يَرُدُّ عَلَيْهِ الصَّبِيُّ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ مَعَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ ط.

(قَوْلُهُ تَلْزَمُهُ تَلَا أَوْ سَمِعَ) أَيْ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِوُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ وَإِذَا لَزِمَتْهُ لَزِمَتْ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى كَمَا مَرَّ. وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ: كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِالسَّمَاعِ مِنْ الْغَيْرِ وَجَبَ عَلَى الْغَيْرِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ بِلَا عَكْسٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْثَرَ) أَيْ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ يَعْنِي وَلَمْ يَكُنْ مُطْبِقًا بِقَرِينَةِ الْمُقَابَلَةِ وَهَذَا ثَالِثُ الْأَقْسَامِ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا حَرَّرَهُ خُسْرو صَاحِبُ الدُّرَرِ وَهُوَ مَا مَرَّ.

وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْسِيمِ الْجُنُونِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ قِسْمَانِ فَقَطْ مُطْبِقٌ وَغَيْرُهُ وَأَنَّ تَفْسِيرَهُ الْمُطْبِقَ بِمَا لَا يَزُولُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّهُ مَا مِنْ سَاعَةٍ إلَّا وَيُرْجَى زَوَالُهُ وَأَنَّ فِي السَّمَاعِ مِنْ الْمَجْنُونِ رِوَايَتَيْنِ مُصَحَّحَتَيْنِ حَكَاهُمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، فَالْوَجْهُ فِي التَّوْفِيقِ أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى رِوَايَةٍ وَمَا فِي التَّلْخِيصِ عَلَى أُخْرَى اهـ.

أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ نُوحٍ أَفَنْدِي وَشَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْمُطْبِقِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ وَكَذَا مَا فِي الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ سَمِعَهَا مِنْ نَائِمٍ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونٍ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ اهـ فَإِنَّ الْمَجْنُونَ غَيْرَ الْمُطْبِقِ لَيْسَ أَدْنَى حَالًا مِنْ النَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَالْخِلَافُ الْجَارِي فِيهِمَا جَارٍ فِيهِ أَيْضًا لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ فَكَانَ الظَّاهِرُ الْإِطْلَاقَ بِلَا تَقْيِيدٍ بِمُطْبِقٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْوُجُوبَ إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي الْجَوْهَرَةِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ مِنْ الصَّدَى) هُوَ مَا يُجِيبُك مِثْلُ صَوْتِك فِي الْجِبَالِ وَالصَّحَارِيِ وَنَحْوِهِمَا كَمَا فِي الصِّحَاحِ.

(قَوْلُهُ وَالطَّيْرِ) هُوَ الْأَصَحُّ زَيْلَعِيٌّ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ تَجِبُ. وَفِي الْحُجَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ تَتَارْخَانِيَّةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>