للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِذَا أُخِّرَ؛ وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يَسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ.

(مَنْ خَرَجَ مِنْ عِمَارَةِ مَوْضِعِ إقَامَتِهِ) مِنْ جَانِبِ خُرُوجِهِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: إنْ كَانَ

ــ

[رد المحتار]

أَيْ الْأَصْلُ فِي التِّلَاوَةِ الْعِبَادَةُ إلَّا بِعَارِضٍ نَحْوِ رِيَاءٍ أَوْ سُمْعَةٍ أَوْ جَنَابَةٍ فَتَكُونُ مَعْصِيَةً وَفِي السَّفَرِ الْإِبَاحَةُ إلَّا بِعَارِضٍ نَحْوِ حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ فَيَكُونُ طَاعَةً أَوْ نَحْوِ قَطْعِ طَرِيقٍ فَيَكُونُ مَعْصِيَةً.

(قَوْلُهُ فَلِذَا أُخِّرَ) أَيْ لِكَوْنِ الْأَصْلِ فِيهِ الْإِبَاحَةَ فَإِنَّهُ دُونَ مَا الْأَصْلُ فِيهِ الْعِبَادَةُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَسْفُرُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ الثَّلَاثِي ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ.

(قَوْلُهُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ) أَوْ لِأَنَّهُ يَسْفُرُ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ أَيْ يَكْشِفُ، وَعَلَيْهِمَا فَالْمُفَاعَلَةُ بِمَعْنَى أَصْلِ الْفِعْلِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَلَى بَابِهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ السَّفْرَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ غَالِبًا فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ صَاحِبِهِ أَوْ أَنَّهُ يَنْكَشِفُ لِلْأَرْضِ وَهِيَ تَنْكَشِفُ لَهُ ح.

(قَوْلُهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ عِمَارَةِ مَوْضِعِ إقَامَتِهِ) أَرَادَ بِالْعِمَارَةِ مَا يَشْمَلُ بُيُوتَ الْأَخْبِيَةِ لِأَنَّ بِهَا عِمَارَةُ مَوْضِعِهَا.

قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: فَيُشْتَرَطُ مُفَارَقَتُهَا وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً وَإِنْ نَزَلُوا عَلَى مَاءٍ أَوْ مُحْتَطَبٍ يُعْتَبَرُ مُفَارَقَتُهُ كَذَا فِي مَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ، وَلَعَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَطَبًا وَاسِعًا جِدًّا اهـ وَكَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ نَهْرًا بَعِيدَ الْمَنْبَعِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مُفَارَقَةُ مَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ كَرُبَضِ الْمِصْرِ وَهُوَ مَا حَوْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمِصْرِ وَكَذَا الْقُرَى الْمُتَّصِلَةُ بِالرُّبَضِ فِي الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ الْبَسَاتِينِ، وَلَوْ مُتَّصِلَةً بِالْبِنَاءِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْبَلْدَةِ وَلَوْ سَكَنَهَا أَهْلُ الْبَلْدَةِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ أَوْ بَعْضِهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ سُكْنَى الْحَفَظَةِ وَالْأُكْرَةِ اتِّفَاقٌ إمْدَادٌ.

وَأَمَّا الْفِنَاءُ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْبَلَدِ كَرَكْضِ الدَّوَابِّ وَدَفْنِ الْمَوْتَى وَإِلْقَاءِ التُّرَابِ، فَإِنْ اتَّصَلَ بِالْمِصْرِ اُعْتُبِرَ مُجَاوَزَتُهُ وَإِنْ انْفَصَلَ بِغَلْوَةٍ أَوْ مَزْرَعَةٍ فَلَا كَمَا يَأْتِي، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَتَصِحُّ إقَامَتُهَا فِي الْفِنَاءِ وَلَوْ مُنْفَصِلًا بِمَزَارِعَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ مِنْ مَصَالِحِ الْبَلَدِ بِخِلَافِ السَّفَرِ كَمَا حَقَّقَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهَا، وَالْقَرْيَةُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْفِنَاءِ دُونَ الرُّبَضِ لَا تُعْتَبَرُ مُجَاوَزَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ.

أَقُولُ: إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَيْدَانَ الْحَصَا فِي دِمَشْقَ مِنْ رُبَضِ الْمِصْرِ وَأَنَّ خَارِجَ بَابِ اللَّهِ إلَى قَرْيَةِ الْقُدَمِ مِنْ فِنَائِهِ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْجَبَّانَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعُمْرَانِ وَهُوَ مُعَدٌّ لِنُزُولِ الْحَاجِّ الشَّرِيفِ فَإِنَّهُ قَدْ يَسْتَوْعِبُ نُزُولَهُمْ مِنْ الْجَبَّانَةِ إلَى مَا يُحَاذِي الْقَرْيَةَ الْمَذْكُورَةَ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ الْقَصْرُ فِيهِ لِلْحَجَّاجِ وَكَذَا الْمُرْجَةُ الْخَضْرَاءُ فَإِنَّهَا مُعَدَّةٌ لِقَصْرِ الثِّيَابِ وَرَكْضِ الدَّوَابِّ وَنُزُولِ الْعَسَاكِرِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ صَدْرَ الْبَازِ بِنَاءً عَلَى مَا حَقَّقَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ مِنْ أَنَّ الْفِنَاءَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ كِبَرِ الْمِصْرِ وَصِغَرِهِ فَلَا يَلْزَمُ تَقْدِيرُهُ بِغَلْوَةٍ كَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَا بِمِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ.

(قَوْلُهُ مِنْ جَانِبِ خُرُوجِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: فَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ عُمْرَانَ مَا خَرَجَ مِنْهُ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي خَرَجَ، حَتَّى لَوْ كَانَ ثَمَّةَ مَحَلَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْمِصْرِ، وَقَدْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِهِ لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا مَا لَمْ يُجَاوِزْهَا

وَلَوْ جَاوَزَ الْعُمْرَانَ مِنْ جِهَةِ خُرُوجِهِ وَكَانَ بِحِذَائِهِ مَحَلَّةٌ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ يَصِيرُ مُسَافِرًا إذْ الْمُعْتَبَرُ جَانِبُ خُرُوجِهِ اهـ وَأَرَادَ بِالْمَحَلَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا كَانَ عَامِرًا أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْمَحَلَّة خَرَابًا لَيْسَ فِيهَا عِمَارَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَوْ مُتَّصِلَةً بِالْمِصْرِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَعَلَى هَذَا لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمَدَارِسِ الَّتِي فِي سَفْحِ قَاسِيُونَ إلَّا مَا كَانَ لَهُ أَبْنِيَةٌ قَائِمَةٌ كَمَسْجِدِ الْأَفْرَمِ وَالنَّاصِرِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا صَارَ مِنْهَا بَسَاتِينَ وَمَزَارِعَ كَالْأَبْنِيَةِ الَّتِي فِي طَرِيقِ الرَّبْوَةِ ثُمَّ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَحَلَّةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ كَانَ الْعُمْرَانُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَتِهِ لِمَا فِي الْإِمْدَادِ لَوْ حَاذَاهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فَقَطْ لَا يَضُرُّهُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُحَاذَاةَ الْفِنَاءِ الْمُتَّصِلِ كَمُحَاذَاةِ الْعُمْرَانِ، بَقِيَ هَلْ الْمُرَادُ بِالْجَانِبِ الْبَعِيدُ أَوْ مَا يَشْمَلُ الْقَرِيبَ؟ وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ خَرَجَ مِنْ جِهَةِ الْمُرْجَةِ الْخَضْرَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>