بَلْ إلَى الزَّوَالِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْفَرَاسِخِ عَلَى الْمَذْهَبِ (بِالسَّيْرِ الْوَسَطِ مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ الْمُعْتَادَةِ) حَتَّى لَوْ أَسْرَعَ فَوَصَلَ فِي يَوْمَيْنِ قَصَرَ؛ وَلَوْ لِمَوْضِعٍ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا مُدَّةُ السَّفَرِ وَالْآخَرُ أَقَلُّ قَصَرَ فِي الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي.
(صَلَّى الْفَرْضَ الرُّبَاعِيَّ رَكْعَتَيْنِ) وُجُوبًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَاةَ الْمُقِيمِ أَرْبَعًا
ــ
[رد المحتار]
السَّنَةِ فِي بِلَادِ بُلْغَارَ قَدْ يَكُونُ سَاعَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَسَافَةُ السَّفَرِ فِيهَا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ الْقِصَرَ الْفَاحِشَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَالطُّولِ الْفَاحِشِ وَالْعِبَارَاتُ حَيْثُ أُطْلِقَتْ تُحْمَلُ عَلَى الشَّائِعِ الْغَالِبِ دُون الْخَفِيِّ النَّادِرِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا فِي الْهِدَايَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ التَّقْدِيرُ بِالْمَرَاحِلِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ اهـ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ التَّقْدِيرُ بِثَلَاثِ مَرَاحِلَ قَرِيبٌ مِنْ التَّقْدِيرِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ مِنْ السَّيْرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرْحَلَةٌ وَاحِدَةٌ خُصُوصًا فِي أَقْصَرِ أَيَّامِ السَّنَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ اهـ وَكَذَا مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ قِيلَ يُقَدَّرُ بِوَاحِدٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا وَقِيلَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَقِيلَ بَخَمْسَةَ عَشَرَ وَكُلُّ مَنْ قَدَّرَ مِنْهَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ أَيْ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ فَكُلُّ قَائِلٍ قَدَّرَ مَا فِي بَلَدِهِ مِنْ أَقْصَرِ الْأَيَّامِ أَوْ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ أَقْصَرِ الْأَيَّامِ أَوْ أَطْوَلِهَا أَوْ الْمُعْتَدِلِ مِنْهَا وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ صَرِيحٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَيَّامِ مَا تُقْطَعُ فِيهَا الْمَرَاحِلُ الْمُعْتَادَةُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ بَلْ إلَى الزَّوَالِ) فَإِنَّ الزَّوَالَ أَكْثَرُ النَّهَارِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي هُوَ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَهُوَ نِصْفُ النَّهَارِ الْفَلَكِيِّ الَّذِي هُوَ مِنْ الطُّلُوعِ إلَى الْغُرُوبِ، ثُمَّ إنَّ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ فِي أَقْصَرِ أَيَّامِ السَّنَةِ فِي مِصْرَ وَمَا سَاوَاهَا فِي الْعَرْضِ سَبْعُ سَاعَاتٍ إلَّا رُبُعًا فَمَجْمُوعُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ عِشْرُونَ سَاعَةً وَرُبْعٌ، وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ فِي الْعَرْضِ ح.
قُلْت: وَمَجْمُوعُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي دِمَشْقَ عِشْرُونَ سَاعَةً إلَّا ثُلُثَ سَاعَةٍ تَقْرِيبًا لِأَنَّ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ فِي أَقْصَرِ الْأَيَّامِ عِنْدَنَا سِتُّ سَاعَاتٍ وَثُلُثَا سَاعَةٍ إلَّا دَرَجَةً وَنِصْفًا، وَإِنْ اعْتَبَرْت ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الْمُعْتَدِلَةِ كَانَ مَجْمُوعُ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ سَاعَةً وَنِصْفَ سَاعَةٍ تَقْرِيبًا لِأَنَّ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ سَبْعُ سَاعَاتٍ وَنِصْفًا تَقْرِيبًا (قَوْلُهُ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْفَرَاسِخِ) الْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَالْمِيلُ أَرْبَعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. اعْتِبَارُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ مِنْ تَقْدِيرِهَا بِالْفَرَاسِخِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ: وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَقِيلَ: خَمْسَةَ عَشَرَ وَالْفَتْوَى عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْأَوْسَطُ. وَفِي الْمُجْتَبَى فَتْوَى أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ عَلَى الثَّالِثِ. وَجْهُ الصَّحِيحِ أَنَّ الْفَرَاسِخَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الطَّرِيقِ فِي السَّهْلِ وَالْجَبَلِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِخِلَافِ الْمَرَاحِلِ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ بِالْيَسِيرِ الْوَسَطِ) أَيْ سَيْرِ الْإِبِلِ وَمَشْيِ الْأَقْدَامِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْجَبَلِ بِمَا يُنَاسِبُهُ مِنْ السَّيْرِ لِأَنَّهُ يَكُونُ صُعُودًا وَهُبُوطًا وَمَضِيقًا وَوَعْرًا فَيَكُونُ مَشْيُ الْإِبِلِ وَالْأَقْدَامِ فِيهِ دُونَ سَيْرِهِمَا فِي السَّهْلِ. وَفِي الْبَحْرِ يُعْتَبَرُ اعْتِدَالُ الرِّيحِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ إمْدَادٌ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ ذَلِكَ السَّيْرُ الْمُعْتَادُ فِيهِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ عِنْدَ النَّاسِ فَيُرْجَعُ إلَيْهِمْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بَدَائِعُ، وَخَرَجَ سَيْرُ الْبَقَرِ بِجَرِّ الْعَجَلَةِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ أَبْطَأُ السَّيْرِ كَمَا إنَّ أَسْرَعَهُ سَيْرُ الْفَرَسِ وَالْبَرِيدِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ فَوَصَلَ) أَيْ إلَى مَكَانِ مَسَافَتِهِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ بَحْرٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَوْ وَصَلَ إلَيْهِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ بِكَرَامَةٍ لَكِنْ اسْتَبْعَدَهُ فِي الْفَتْحِ بِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ الْعِلَّةُ فِي الْقَصْرِ.
(قَوْلُهُ قَصَرَ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ اخْتَارَ السُّلُوكَ فِيهِ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.
(قَوْلُهُ صَلَّى الْفَرْضَ الرُّبَاعِيَّ) خَبَرُ مَنْ فِي قَوْلِهِ مَنْ خَرَجَ، وَاحْتَرَزَ بِالْفَرْضِ عَنْ السُّنَنِ وَالْوِتْرِ وَبِالرُّبَاعِيِّ عَنْ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ.
(قَوْلُهُ وُجُوبًا) فَيُكْرَهُ الْإِتْمَامُ عِنْدَنَا حَتَّى رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ فَقَدْ أَسَاءَ وَخَالَفَ السُّنَّةَ شَرْحُ الْمُنْيَةِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّ اللَّهَ فَرَضَ إلَخْ) لَفْظُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ عَنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ «فَرَضَ اللَّهُ