للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يَبْطُلُ بِمِثْلِهِ) إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ بِالْأَوَّلِ أَهْلٌ، فَلَوْ بَقِيَ لَمْ يَبْطُلْ بَلْ يُتِمُّ فِيهِمَا (لَا غَيْرُ وَ) يَبْطُلُ (وَطَنُ الْإِقَامَةِ بِمِثْلِهِ وَ) بِالْوَطَنِ (الْأَصْلِيِّ وَ) بِإِنْشَاءِ (السَّفَرِ) وَالْأَصْلُ أَنَّ الشَّيْءَ يَبْطُلُ بِمِثْلِهِ، وَبِمَا فَوْقَهُ لَا بِمَا دُونَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ وَطَنَ السُّكْنَى وَهُوَ مَا نَوَى فِيهِ أَقَلَّ مِنْ

ــ

[رد المحتار]

وَلَمْ يَتَأَهَّلْ بِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ وَطَنًا لَهُ إلَّا إذَا عَزَمَ عَلَى الْقَرَارِ فِيهِ وَتَرَكَ الْوَطَنَ الَّذِي كَانَ لَهُ قَبْلَهُ شَرْحُ الْمُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ يَبْطُلُ بِمِثْلِهِ) سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ سَفَرٍ أَوْ لَا، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ مِنْهُ قَاصِدًا غَيْرَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتَوَطَّنَ فِي مَكَان آخَرَ فَمَرَّ بِالْأَوَّلِ أَتَمَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَطَّنْ غَيْرَهُ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ بِالْأَوَّلِ أَهْلٌ) أَيْ وَإِنْ بَقِيَ لَهُ فِيهِ عَقَارٌ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَوْ نَقَلَ أَهْلَهُ وَمَتَاعَهُ وَلَهُ دُورٌ فِي الْبَلَدِ لَا تَبْقَى وَطَنًا لَهُ وَقِيلَ تَبْقَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ بَلْ يُتِمُّ فِيهِمَا) أَيْ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةً ط.

(قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ وَطَنُ الْإِقَامَةِ) يُسَمَّى أَيْضًا الْوَطَنَ الْمُسْتَعَارَ وَالْحَادِثَ وَهُوَ مَا خَرَجَ إلَيْهِ بِنِيَّةِ إقَامَةِ نِصْفِ شَهْرٍ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْلِيِّ مَسِيرَةُ السَّفَرِ أَوْ لَا، وَهَذَا رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْهُ أَنَّ الْمَسَافَةَ شَرْطٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِمِثْلِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ سَفَرٍ أَوْ لَا قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَبِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ) كَمَا إذَا تَوَطَّنَ بِمَكَّةَ نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ تَأَهَّلَ بِمِنًى، أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ.

(قَوْلُهُ وَبِإِنْشَاءِ السَّفَرِ) أَيْ مِنْهُ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَمُرَّ فِيهِ عَلَيْهِ قَبْلَ سَيْرِ مُدَّةِ السَّفَرِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّ السَّفَرَ النَّاقِضَ لِوَطَنِ الْإِقَامَةِ مَا لَيْسَ فِيهِ مُرُورٌ عَلَى وَطَنِ الْإِقَامَةِ أَوْ مَا يَكُونُ الْمُرُورُ فِيهِ بِهِ بَعْدَ سَيْرِ مُدَّةِ السَّفَرِ اهـ.

أَقُولُ: وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا فِي الْكَافِي والتتارخانية: خُرَاسَانِيٌّ قَدِمَ بَغْدَادَ لِيُقِيمَ بِهَا نِصْفَ شَهْرٍ وَمَكِّيٌّ قَدِمَ الْكُوفَةَ كَذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى قَصْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَإِنَّهُمَا يُتِمَّانِ فِي طَرِيقِ الْقَصْرِ لِأَنَّ مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْكُوفَةِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَالْقَصْرُ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَقَامَا فِي الْقَصْرِ نِصْفَ شَهْرٍ بَطَلَ وَطَنُهُمَا بِبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ، فَإِنْ خَرَجَا بَعْدَهُ مِنْ الْقَصْرِ إلَى الْكُوفَةِ يُتِمَّانِ أَيْضًا فَإِنْ أَقَامَا بِهَا يَوْمًا مَثَلًا ثُمَّ خَرَجَا مِنْهَا إلَى بَغْدَادَ وَقَصَدَا الْمُرُورَ بِالْقَصْرِ يُتِمَّانِ إلَى الْقَصْرِ وَفِيهِ وَمِنْهُ إلَى بَغْدَادَ لِأَنَّهُ صَارَ وَطَنُ إقَامَةٍ لَهُمَا فَإِذَا قَصَدَا الدُّخُولَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ سَفَرُهُمَا إذَا لَمْ يَقْصِدَا مَسِيرَةَ سَفَرٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْصِدَا الدُّخُولَ فِيهِ قَصَرًا كَمَا لَوْ خَرَجَا مِنْ الْكُوفَةِ لِقَصْدِهِمَا مَسِيرَةَ السَّفَرِ وَإِنَّ الْمَكِّيَّ حِينَ خَرَجَ مِنْ كُوفَةَ قَصَدَ بَغْدَادَ أَوْ الْخُرَاسَانِيُّ الْكُوفَةَ وَالْتَقَيَا بِالْقَصْرِ وَخَرَجَا إلَى الْكُوفَةِ لِيُقِيمَا فِيهَا يَوْمًا ثُمَّ يَرْجِعَا إلَى بَغْدَادَ قَصَرَا إلَى الْكُوفَةِ وَكَذَا إلَى بَغْدَادَ لِقَصْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَسِيرَةَ سَفَرٍ أَمَّا الْخُرَاسَانِيُّ فَلِأَنَّهُ مَاضٍ عَلَى سَفَرِهِ وَأَمَّا الْمَكِّيُّ فَلِأَنَّ وَطَنَهُ بِالْكُوفَةِ انْتَقَضَ بِإِنْشَاءِ السَّفَرِ وَالْقَصْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَطَنًا لَهُمَا فَقَصْدُ الْمُرُورِ بِهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ السَّفَرِ اهـ وَأَفَادَ قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَكِّيُّ إلَخْ أَنَّ إنْشَاءَ السَّفَرِ مِنْ وَطَنِ الْإِقَامَةِ مُبْطِلٌ لَهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ أَقَامَ خُرَاسَانِيٌّ بِالْكُوفَةِ نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إلَى مَكَّةَ فَقَبْلَ أَنْ يَسِيرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَادَ إلَى الْكُوفَةِ لِحَاجَةٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ لِأَنَّ وَطَنَهُ قَدْ بَطَلَ بِالسَّفَرِ. اهـ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ إنْشَاءَ السَّفَرِ يُبْطِلُ وَطَنَ الْإِقَامَةِ إذَا كَانَ مِنْهُ أَمَّا لَوْ أَنْشَأَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُرُورٌ عَلَى وَطَنِ الْإِقَامَةِ أَوْ كَانَ وَلَكِنْ بَعْدَ سَيْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَكَذَلِكَ، وَلَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَبْطُلْ الْوَطَنُ بَلْ يَبْطُلُ السَّفَرُ لِأَنَّ قِيَامَ الْوَطَنِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الشَّيْءَ يَبْطُلُ بِمِثْلِهِ) كَمَا يَبْطُلُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنُ الْإِقَامَةِ بِوَطَنِ الْإِقَامَةِ وَوَطَنُ السُّكْنَى بِوَطَنِ السُّكْنَى، وَقَوْلُهُ: وَبِمَا فَوْقَهُ أَيْ كَمَا يَبْطُلُ وَطَنُ الْإِقَامَةِ بِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَكَمَا يَبْطُلُ وَطَنُ السُّكْنَى بِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَبِوَطَنِ الْإِقَامَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَبِضِدِّهِ كَبُطْلَانِ وَطَنِ الْإِقَامَةِ أَوْ السُّكْنَى بِالسَّفَرِ فَإِنَّهُ فِي الْبَحْرِ عَلَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ (قَوْلُهُ لَا بِمَا دُونَهُ) كَمَا لَمْ يَبْطُلْ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِوَطَنِ الْإِقَامَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>