لَكِنْ فِي السِّرَاجِ أَنَّهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَمْ يَصِرْ مُدْرِكًا لَهُ (وَيَنْوِي جُمُعَةً لَا ظُهْرًا) اتِّفَاقًا فَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِ نَهْرٌ بحتا
(إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ) مِنْ الْحُجْرَةِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَقِيَامُهُ لِلصُّعُودِ شَرْحُ الْمَجْمَعِ (فَلَا صَلَاةَ وَلَا كَلَامَ إلَى تَمَامِهَا) وَإِنْ كَانَ فِيهَا ذِكْرُ الظُّلْمَةِ فِي الْأَصَحِّ (خَلَا قَضَاءِ فَائِتَةٍ لَمْ يَسْقُطْ التَّرْتِيبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَقْتِيَّةِ) فَإِنَّهَا لَا تُكْرَهُ سِرَاجٌ وَغَيْرُهُ لِضَرُورَةِ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا لَا، وَلَوْ خَرَجَ وَهُوَ فِي السُّنَّةِ أَوْ بَعْدَ قِيَامِهِ لِثَالِثَةِ النَّفْلِ يُتِمُّ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ اعْتِبَارًا لِلْجُمُعَةِ وَيَقْرَأُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِاحْتِمَالِ النَّفْلِيَّةِ. وَلَهُمَا أَنَّهُ مُدْرِكٌ لِلْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى تُشْتَرَطَ لَهُ نِيَّةُ الْجُمُعَةِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ، وَلَا وَجْهَ لِمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ لَا يُبْنَى أَحَدُهُمَا عَلَى تَحْرِيمَةِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي السِّرَاجِ إلَخْ) أَقُولُ: مَا فِي السِّرَاجِ ذَكَرَهُ فِي عِيدِ الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَصِيرُ مُدْرِكًا بِلَا خِلَافٍ، وَقَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا) لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَيْسَتْ ظُهْرًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ الظَّاهِرُ إلَخْ) ذُكِرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُنْتَقَى مُسَافِرٌ أَدْرَكَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي التَّشَهُّدِ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِمَا فِي الْمُتُونِ مُقْتَضٍ لِحَمْلِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْمَسْبُوقِ؛ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فَإِنَّهُ يُتِمُّ ظُهْرًا اهـ.
وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا مُخَرَّجٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ صَاحِبَ الْمُنْتَقَى جَزَمَ بِهِ لِاخْتِيَارِهِ إيَّاهُ وَالْمُسَافِرُ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ. اهـ.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا وَجْهَ عِنْدَهُمَا لِبِنَاءِ الظُّهْرِ عَلَى الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ لَمَّا الْتَزَمَ الْجُمُعَةَ صَارَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ؛ وَلِذَا صَحَّتْ إمَامَتُهُ فِيهَا وَأَيْضًا الْمُسَافِرُ إذَا صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَهَا ثُمَّ سَعَى إلَيْهَا بَطَلَ ظُهْرُهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا فَكَيْفَ إذَا أَدْرَكَهَا لَا يُصَلِّيهَا بَلْ يُصَلِّيهَا ظُهْرًا وَالظُّهْرُ لَا يُبْطِلُ الظُّهْرَ فَالظَّاهِرُ مَا فِي النَّهْرِ وَوَجْهُ تَخْصِيصِ الْمُسَافِرِ بِالذِّكْرِ دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا ظُهْرًا مَقْصُورَةً عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ فَرْضَ إمَامِهِ رَكْعَتَانِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا عِنْدَهُ لِأَنَّ جُمُعَةَ إمَامِهِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الظُّهْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ) ذَكَرَهُ بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ ط (قَوْلُهُ: إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ إلَخْ) هَذَا لَفْظُ حَدِيثٍ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ مَرْفُوعًا لَكِنْ فِي الْفَتْحِ أَنَّ رَفْعَهُ غَرِيبٌ، وَالْمَعْرُوفُ كَوْنُهُ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: كَانُوا يَكْرَهُونَ الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ يَجِبُ تَقْلِيدُهُ عِنْدَنَا إذَا لَمْ يَنْفِهِ شَيْءٌ آخَرُ مِنْ السُّنَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا صَلَاةَ) شَمِلَ السُّنَّةَ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ بَحْرٌ قَالَ مُحَشِّيهِ الرَّمْلِيُّ: فَلَا صَلَاةَ جَائِزَةٌ وَتَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَمُنِعَ عَنْ الصَّلَاةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ إلَخْ أَنَّ صَلَاةَ النَّفْلِ صَحِيحَةٌ مَكْرُوهَةٌ حَتَّى يَجِبَ قَضَاؤُهُ إذَا قَطَعَهُ، وَيَجِبُ قَطْعُهُ وَقَضَاؤُهُ فِي غَيْرِ وَقْتٍ مَكْرُوهٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ أَتَمَّهُ خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ مَا لَزِمَهُ بِالشُّرُوعِ فَالْمُرَادُ الْحُرْمَةُ لَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَلَامَ) أَيْ مِنْ جِنْسِ كَلَامِ النَّاسِ أَمَّا التَّسْبِيحُ وَنَحْوُهُ فَلَا يُكْرَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْأَحْوَطَ الْإِنْصَاتُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ قَبْلَ الشُّرُوعِ أَمَّا بَعْدَهُ فَالْكَلَامُ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا بِأَقْسَامِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ بَحْرٌ وَنَهْرٌ وَقَالَ الْبَقَّالِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَإِذَا شَرَعَ فِي الدُّعَاءِ لَا يَجُوزُ لِلْقَوْمِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ وَلَا تَأْمِينٌ بِاللِّسَانِ جَهْرًا فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ أَثِمُوا وَقِيلَ أَسَاءُوا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِمْ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَلِكَ إذَا ذُكِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ بِالْجَهْرِ بَلْ بِالْقَلْبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ إلَى تَمَامِهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ لَكِنْ قَالَ فِي الدُّرَرِ لَمْ يَقُلْ إلَى تَمَامِ الْخُطْبَةِ كَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُمَا يُكْرَهَانِ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ يَجُوزُ الْكَلَامُ حَالَ ذِكْرِهِمْ ط (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ لَا تُكْرَهُ) بَلْ يَجِبُ فِعْلُهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute